share
arabic.china.org.cn | 02. 05. 2025

مقال رأي: الاتحاد الأوروبي يستهدف نقاط ضعف واشنطن في حرب التعريفات الجمركية الوشيكة

arabic.china.org.cn / 05:07:34 2025-05-02

بروكسل أول مايو 2025 (شينخوا) في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن اتخاذ الإجراءات التجارية العنيفة عن طريق فرض التعريفات الجمركية على العالم بقليل من ضبط النفس، يعزز الاتحاد الأوروبي تصديه لذلك -- هذه المرة في المجال الرقمي.

في الأسبوع الماضي، فرض الاتحاد الأوروبي غرامتين يبلغ مجموعهما 700 مليون يورو (نحو 792 مليون دولار أمريكي) على عملاقي التكنولوجيا الأمريكيين ((أبل)) و((ميتا)) ، بموجب قانون الأسواق الرقمية، في أول إجراء إنفاذ كبير للقانون منذ دخوله حيز التنفيذ.

وبينما يقول مسؤولو الاتحاد الأوروبي إن العقوبات غير مرتبطة بالتوترات التجارية الراهنة، إلا أن توقيت هذه العقوبات -- الذي يتزامن مع المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن التعريفات الجمركية -- يشير إلى عكس ذلك.

وبخلاف تجارة السلع، ظلت تجارة الخدمات -- خاصة في القطاع الرقمي -- المعقل الاقتصادي للولايات المتحدة على مدى فترة طويلة. والآن، عن طريق اللعب ببطاقة القطاع الرقمي، يوجه الاتحاد الأوروبي إلى واشنطن ضربة في الموضع الأشد إيلاماً. وتجني شركتا التكنولوجيا العملاقتان الأمريكيتان نحو 30 بالمئة من أرباحهما في أوروبا وتهيمنان على سوق الحوسبة السحابية في القارة. والآن، في مواجهة عجز تجاري بقيمة 100 مليار يورو في تجارة الخدمات، يستهدف الاتحاد الأوروبي هذه الميزة الأمريكية الرئيسية.

وردا على ما تسمى "التعريفات الجمركية المتبادلة" التي فرضتها واشنطن، وضع الاتحاد الأوروبي بسرعة قائمة ثأرية من الممكن أن تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 25 بالمئة على المنتجات الأمريكية المختلفة.

وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي قد أرجأ التنفيذ الفوري للتعريفات الجمركية الثأرية من أجل إفساح المجال أمام المفاوضات، فإن الاتحاد لم يلقِ أسلحته. وحذر مسؤولون في الاتحاد - منهم أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية - من أنه بينما يعرب الاتحاد الأوروبي عن استعداده للتفاوض مع واشنطن، فإنه مستعد أيضا للرد عن طريق إجراءات مضادة.

ولم يظهر هذا الموقف المتشدد من جانب الاتحاد الأوروبي بين ليلة وضحاها، بل هو نتاج عقود من المعارك التجارية المشحونة مع واشنطن. بدءاً من النزاع المرير حول التعريفات الجمركية على الصلب عام 2002 إلى المعركة طويلة الأمد بشأن الدعم المالي الأمريكي لشركة ((بوينغ)) والدعم المالي الأوروبي لشركة ((إيرباص))، إلى التعريفات الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمونيوم من أوروبا عام 2018 ... بعد هذا كله، تعلمت أوروبا من تلك التجارب السيئة أن المهادنة مع الولايات المتحدة لا تؤدي إلا إلى المزيد من الضغوط الأمريكية بدلاً من المعاملة بالمثل والاحترام.

وبالنسبة للاتحاد الأوروبي، تعتبر المخاطر الاقتصادية كبيرة. في 2024، صدَّر الاتحاد الأوروبي بضائع بقيمة 531.6 مليار يورو إلى الولايات المتحدة، بينما بلغ إجمالي الواردات منها 333.4 مليار يورو. وتعتمد صناعات أوروبية، مثل صناعات السيارات والآلات والزراعة، بشكل كبير على السوق الأمريكية. وإذا نشب صراع مدمر بشأن التعريفات الجمركية، فإنه لن يؤدي إلى تقويض المعايير الاقتصادية المهمة فحسب، ولكنه سيضع أيضا ملايين الوظائف الأوروبية في خطر.

وتحوطاً لصراع محتمل، يعجّل الاتحاد الأوروبي الجهود لتنويع علاقاته التجارية وتقليل الاعتماد على الولايات المتحدة. وفي ديسمبر 2024، اختتم الاتحاد الأوروبي محادثات التجارة الحرة مع المجموعة الاقتصادية بأمريكا الجنوبية "ميركوسور"، وفي مارس 2025، عقد الجولة العاشرة من المفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة مع الهند. وأيضا في مارس، قام ماروش شيفكوفيتش، مفوض التجارة والأمن الاقتصادي الأوروبي، بزيارة إلى الصين، ما يشير إلى الالتزام بتعميق التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والصين. وفي الوقت ذاته، يتجه الاتحاد الأوروبي نحو الجنوب العالمي لتوسيع الآفاق التجارية الأوروبية.

وبينما تلجأ واشنطن بشكل متزايد إلى إجراءات تجارية تتمحور حول التعريفات الجمركية وغيرها من السبل الأحادية التي تقوض الثقة عبر الأطلسي، وتضرب أسس النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف، يبدو الاتحاد الأوروبي مستعدا باستراتيجية مدروسة جيدا ومتعددة الجوانب، للرد بحزم عند الضرورة.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号