28 أبريل 2024 / شبكة الصين / واصلت الصين ضخ قوة استقرار وعوامل يقين في العالم، من خلال جهودها الرامية لتعزيز تنميتها العالية الجودة وانفتاحها العالي المستوى، باعتبارها وجهة مفضلة للشركات الأجنبية للاستثمار وريادة الأعمال.

وأظهرت بيانات وزارة التجارة الصينية أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة قيد الاستخدام الفعلي في مارس الماضي ارتفعت بنسبة 13.2% على أساس سنوي. وفي الوقت نفسه، سُجلت أكثر من 12.603 ألف شركة ذات استثمار أجنبي حديثا في الصين خلال الربع الأول من العام الجاري، بزيادة نسبتها 4.3% على أساس سنوي. فكيف نظرت هذه المؤسسات ذات الاستثمارات الأجنبية إلى آفاق الاقتصاد الصيني؟ وما طموحاتها وخططها في السوق الصينية؟

مرساة تضخ قوة استقرار في النمو الاقتصادي العالمي

أُنجز حوالي 60% من أعمال بناء مشروع "هواجين-أرامكو" التي تجاوزت قميته الاستثمارية الإجمالية 83.7 مليار يوان في مدينة بانجين التابعة لمقاطعة لياونينغ شمال شرقي الصين. ويُعد هذا المشروع بالاستثمارات المشتركة بين عملاق الطاقة العالمي "أرامكو" وشركة صينية، أحد أبرز المشاريع التي تعكس التعاون الصيني السعودي في مجال الطاقة.

وتجدر الإشارة إلى أن حجم استثمارات شركة "أرامكو" في الصين قد تجاوز 240 مليار يوان على مدى السنوات الأخيرة.

وقال المهندس أمين بن حسن الناصر رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين خلال زيارته للصين نهاية مارس الماضي، إن الصين تتحول إلى "واحة يقين" على نحو متزايد في ظل البيئة الدولية المفعمة بحالة من عدم اليقين.

وفي معرض حديثه عن خطط شركته لتعزيز استثماراتها بالصين، أكد أن أرامكو تخطط لتحويل 4 ملايين برميل من النفط الخام إلى منتجات كيميائية ذات قيمة مضافة عالية يوميا، قبل حلول عام 2030، في حين تُعتبر الصين شريكا مهما كونها أحد أكبر الدول المنتجة والمستهلكة للبتروكيماويات في العالم.

ولا تمثل الصين أكبر سوق للبتروكيماويات فحسب، بل تُعد كذلك أكبر سوق للسيارات والهواتف المحمولة والأدوية. وتجلب الصين بسوقها الضخمة للشركات الأجنبية فرصا استثمارية هائلة.

وفي نظر مستثمرين أجانب، فإن حالة اليقين التي تسودها السوق الصينية ترجع إلى الاتجاه الرئيسي الثابت لاقتصادها وهيكلها السياسي المستقر، حيث تواصل الصين دورها كمرساة للحفاظ على استقرار النمو الاقتصادي العالمي.

وسجل الاقتصاد الصيني في الربع الأول من العام الجاري نموا بنسبة 5.4% تجاوز التوقعات. ويعيد تشو هونغ لي، كبير الاقتصاديين في بنك "دي بي إي"، ذلك إلى زيادة الحكومة الصينية الأنفاق المالي، وبذلها جهودا كبيرة لتعزيز الاستهلاك، وطرحها مجموعة من التدابير والإجراءات للحفاظ على استقرار قطاع العقارات وسوق الأسهم، ما شكل دعما قويا للنمو الاقتصادي.

وأظهرت بيانات أصدرتها شركة "إيه تي كيرني" العالمية للاستشارات الإدارية مؤخرا بشأن مؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر، أن الصين تبوأت المركز الأول بين الأسواق الناشئة لثلاثة أعوام متتالية. وقال خه شياو تشينغ، الرئيس التنفيذي لفرع منطقة الصين للشركة، إنه من الأرجح أن تصبح السوق الصينية، بفضل نموها المطرد وموقفها الانفتاحي وحيويتها الهائلة في الابتكار، مرساة لصون الاستقرار في ثقة الأعمال العالمية.

مزايا الصين في سلاسل الصناعة والتوريد والابتكار

زار جيف ويليامز، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة آبل، بعد حضوره منتدى التنمية الصيني، ثلاثة مصانع ضمن سلاسل توريد آبل في الصين. وعلى أحد خطوط الإنتاج، تفاجأ رائد الأعمال الأمريكي بالقدرة على التصنيع الأوتوماتيكي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقال متأثرا "هذه التقنيات مشجعة". ومن بين أهم 200 مورد لشركة آبل في العالم، خصص أكثر من 80% منهم مصانعهم في الصين.

وعلى هامش معرض شانغهاي الدولي للسيارات لعام 2025، عرضت شركة فاليو الفرنسية المتخصصة في توريد قطع الغيار، مجموعة من أحدث تقنياتها، التي من بينها ما قد طورته في الصين وعرضته أمام العالم للمرة الأولى.

وقال قو جيان مين كبير المسؤولين عن شؤون التكنولوجيا لفرع الصين بشركة فاليو، إن الشركة تحتضن 13 مركز بحث وتطوير و4500 مهندس في الصين، وحققت كافة منصات التكنولوجيا الرئيسية لها التنمية محليا، مضيفا أن الشركة تنظر إلى المنافسات المحتدمة في السوق الصينية كـ"حجر الشحذ" لصقل قدرتها.

ويرى شين تسي تشجيانغ، كبير الاقتصاديين في مورجان ستانلي للصين، أن الصين تتمتع بقدرة عالية على تكامل سلاسل الصناعة، سواء بالنظر إلى القدرة على توفير المهندسين المؤهلين أو الخدمات الصناعية ومزايا الحجم.

ضخ مزيد من اليقين من خلال الانفتاح المؤسسي

خطف مستشفى دلتا شانغهاي التابع لمجموعة سواير أنظار جماهير عريضة في مارس الماضي، باعتباره أول مستشفي مملوك بالكامل لأجانب ومتخصص في علاج أمراض القلب والأوعية الدموية يحصل على رخصة تشغيل في الصين.

وقالت جيانغ يي دا، رئيسة شركة الصين لمجموعة سواير، إن جهود الصين الدؤوبة لتعزيز الانفتاح في قطاع الخدمات تمنح فرصا تنموية جديدة للشركات الأجنبية، بما فيها مجموعة سواير "ما يضخ ثقة في مساعينا لمواصلة ترسيخ حضورنا في السوق الصينية".

ومع إزالة الصين قيود مفروضة على نفاذ الاستثمارات الأجنبية إلى قطاع التصنيع، تمتد مجالات رئيسية تركز الصين على توسيع الانفتاح فيها لتشمل قطاع الخدمات، كما سجل القطاع المالي أوجه تقدم في الانفتاح.

واعتمدت الصين مجموعة من السياسات والإجراءات الهادفة لتعزيز الانفتاح منذ مطلع العام الجاري، بما فيها مواصلة توسيع نطاق الدول المعفية من تأشيرة الدخول بشكل أحادي، وإقامة نقاط تجريبية لإلغاء متاجر التطبيقات، وتخفيف القيود المفروضة على امتلاك الأجانب حصص أسهم في قطاع الخدمات.

وأكد ما مينغ بو المدير التنفيذي لغرفة التجارة الألمانية بمنطقة شرق الصين أن الصين لا تمثل سوقا ضخمة بالنسبة إلى الشركات الألمانية فحسب، بل تُعد محورا للابتكار وقاعدة للإنتاج. مضيفا أن الحكومة الصينية ظلت تولي اهتماما بالغا لتنمية الاستثمارات الأجنبية في الصين. وعلاوة على ذلك، تحتضن الصين بيئة أعمال جيدة، وتستقطب عددا من الشركات الألمانية للاستثمار الطويل المدى.

وأكد المهندس أمين بن حسن الناصر أن الصين تمضي قدما على طريق تنموي مشجع بشكل مطرد. وتحدوه ثقة في الفرص الهائلة الناجمة عن التنمية الصينية النشطة.