arabic.china.org.cn | 27. 04. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم: السفير هشام الزميتي
نشهد اليوم لحظة فارقة من التاريخ الدولي، حيث تتسارع التحولات، وتُعاد صياغة التوازنات، وتبحث الشعوب عن نماذج جديدة للتنمية قادرة على الاستجابة لتحديات العصر دون التفريط في الهوية والاستقلال.
وفي هذا السياق، تبرز التجربة الصينية بوصفها واحدة من أنجح النماذج التنموية في القرن الحادي والعشرين، نموذج جمع بين التخطيط الاستراتيجي طويل المدى، والمرونة في التعامل مع الواقع، والتمسك بالخصوصية الوطنية.
لقد طرح الرئيس شي جين بينغ رؤيته للنهضة الصينية من خلال ما يُعرف بـ "الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد"، وهي رؤية لا تقدم مجرد برنامج اقتصادي، بل إطارا فكريا وسياسيا متكاملا للتحديث الشامل.
قال الرئيس شي جين بينغ ذات مرة: لا يوجد طريق تنمية واحد صالح للجميع، على كل بلد أن يسلك الطريق الذي يناسب ظروفه الخاصة.
هذه العبارة تختزل فلسفة الصين في التعاون مع العالم: احترام المسارات الوطنية، وتقديم الدعم دون فرض النماذج.
وهو ما يجعل التجربة الصينية اليوم، ليست فقط ملهمة، بل أيضا متفهمة ومعززة لتنوع النماذج الحضارية حول العالم.
وإذا أردنا أن نبحث عن مثال حي للتعاون التنموي القائم على الاحترام والمنفعة المشتركة، فإن العلاقات بين مصر والصين تمثل نموذجا متقدما لذلك.
لقد شهدت علاقات البلدين نموا كبيرا خلال العقد الماضي، وتحديدا منذ إعلان الرئيس شي جين بينغ عن مبادرة الحزام والطريق عام 2013.
هذه المبادرة، التي تعيد إحياء طرق التجارة التاريخية برؤية حديثة، جاءت في وقت كان فيه العالم يعاني من اضطرابات ناجمة عن سياسات أحادية، وانكفاءات قومية، ونزاعات تجارية تعرقل حركة التنمية.
ففي أعقاب الأزمات التي شهدها النظام الدولي - سواء بسبب السياسات الانعزالية لبعض القوى الكبرى، أو بسبب الأزمات العالمية مثل جائحة كوفيد-19 - تعد مبادرة الحزام والطريق رسالة واضحة بأن التعاون هو السبيل الوحيد لضمان مستقبل مشترك مزدهر.
وقد أكد الرئيس شي جين بينغ هذه الروح بقوله: تهدف مبادرة الحزام والطريق إلى أن تكون طريقا للتعاون، والازدهار، والانفتاح، والتنمية الخضراء، وإنها ليست طريقا جغرافيا فقط، بل طريقا للصداقة والتفاهم بين الشعوب.
ولم تكن مصر بعيدة عن هذه الرؤية، بل كانت من أوائل الدول العربية والإفريقية التي انضمت إلى المبادرة، إدراكا منها لأهمية الانفتاح على الشرق، ليس فقط كاتجاه اقتصادي، بل كشريك استراتيجي ورؤية متكاملة.
واليوم، نرصد بوضوح ثمار هذا التعاون في عدة مجالات:
1- في البنية التحتية: نرى شراكات مع شركات صينية رائدة في بناء العاصمة الإدارية الجديدة، بما في ذلك ناطحة السحاب الأعلى في إفريقيا.
2- في الصناعة: المنطقة الاقتصادية في العين السخنة (تيدا) تستضيف مشروعات صينية متقدمة، توفر وظائف وتنقل الخبرات.
3- في الطاقة: من مشاريع الفحم النظيف إلى الطاقة الشمسية والكهربية، تتعاون مصر والصين من أجل تحول آمن ومستدام في استخدام الطاقة.
4- في النقل الذكي: مشاريع القطارات الكهربائية والمترو تمثل نقلة نوعية في البنية التحتية المصرية، وتفتح آفاقا لحلول نقل خضراء وصديقة للبيئة.
5- في التكنولوجيا والصحة: رأينا خلال جائحة كورونا نموذجا للتضامن الحقيقي، حيث زودت الصين مصر، وإفريقيا من خلال مصر، باللقاحات، وساهمت في توطين الإنتاج الدوائي.
6- وفي التعليم والثقافة: التعاون يتوسع ليشمل المنح الدراسية، والمراكز الثقافية، وتبادل الخبرات، بما يعزز التفاهم الشعبي ويرسخ العلاقات على المدى الطويل.
إننا في مصر لا نرى في التعاون مع الصين مجرد تبادل مصالح، بل شراكة استراتيجية عميقة، تبنى على إدراك مشترك لتحديات التنمية، وعلى احترام سيادة القرار الوطني، ورفض منطق الإملاءات.
والأهم، أن هذا التعاون يتسق مع رؤية مصر 2030، ويسهم في تحقيق أهدافها التنموية، في مجالات التصنيع، والتعليم، والأمن الغذائي، والرقمنة والصحة والثقافة والعلوم.
فإن الحداثة الصينية ليست فقط قصة نجاح داخلي، بل دعوة مفتوحة لبناء نظام دولي أكثر توازنا وعدالة، يقوم على التعددية، والاحترام، والمصير المشترك.
ونحن في إفريقيا والعالم العربي، وفي مصر تحديدا، متحمسون لكي نكون جزءا فاعلا في هذه الرؤية، لا كمجرد متلقين، بل كمشاركين في صياغة مستقبل عالمي أكثر إنصافا، تصاغ فيه العلاقات على أساس التعاون لا الصراع، والشراكة لا التبعية في بيئة إقليمية مسالمة ومستقرة.
ملحوظة المحرر: السفير هشام الزميتي، (عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وجمعية الصداقة المصرية الصينية).
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا)).
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |