تشنغتشو/ووهان 24 أبريل 2025 (شينخوا) أثناء تجولها في إحدى الحدائق، انبهرت تشو دان ني وعائلتها بأزهار الكرز الرائعة. وبينما هبت نسمة لطيفة عبر الأشجار، تساقطت البتلات عليها، فأخذ السياح يلتقطون صورا للمشهد.

وبعد أن أسعدت موجة من الجليد والثلج المحتفلين طوال مهرجان الربيع، اكتست ربوع الصين بألوان الزهور الزاهية في الربيع. وخرج عشرات الآلاف من الناس، مثل تشو، للاستمتاع بالأزهار في جميع أنحاء البلاد.

وجاءت هذه السيدة البالغة من العمر 29 عاما خصيصا من مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين إلى ووهان، حاضرة مقاطعة هوبي بوسط البلاد، المشهورة بأزهار الكرز. وانضمت إلى طابور طويل بعد الساعة الثامنة صباحا بقليل لدخول حديقة "البحيرة الشرقية" لأزهار الكرز، حيث يستمتع الزوار بالعبير الزكي والأزهار المتفتحة لأكثر من 10 آلاف شجرة كرز من أكثر من 60 نوعا.

وقالت تشو: "بحثت جيدا قبل مجيئي إلى هنا. تناغم الأوراق الخضراء الجديدة على بعض الأشجار مع الزهور الوردية والبيضاء على غيرها، جعلني أشعر وكأنني أتجول في إحدى لوحات مونيه".

ومنذ مارس الماضي، تصدرت السياحة المرتبطة بالأزهار منصات السفر الإلكترونية، حيث نشرت المدن "خرائط أزهار" لإرشاد الزوار وتعزيز اقتصاداتها المحلية.

وأظهرت إحصاءات منصة خدمات السفر الصينية "كونار" أن عمليات البحث عن "مشاهدة الأزهار" بين فبراير ومارس تضاعفت بأكثر من ثلاثة أضعاف مقارنة بعام 2024.

ووفقا للحكومات المحلية، استقبلت 11 وجهة سياحية لمشاهدة الزهور في هوبي أكثر من 5.21 مليون زيارة منذ مارس، بزيادة قدرها 22.69 بالمائة عن العام الماضي. وخلال عيد تشينغمينغ الذي استمر ثلاثة أيام بين 4 و6 أبريل الجاري، استقبلت حديقة "البحيرة الشرقية" ما يقرب من 1.17 مليون زيارة، بزيادة قدرها 25.58 بالمائة عن عام 2024.

--اقتصاد مزدهر

لطالما اشتهرت الصين بمشاهدة الزهور منذ العصور القديمة. ويُعتقد أن الناس، منذ عهد أسرة تانغ (618-907)، اعتادوا الذهاب إلى ضواحي المدن مع الأصدقاء والعائلة للاستمتاع بالزهور وعبادة الجنيات الزهرية. وقد نظم العديد من الشعراء قصائد رائعة احتفاء بأزهار الربيع.

وتكتظ حديقة الفاوانيا في مدينة لوهيانغ القديمة التي يعود تاريخها إلى 1400 عام في مقاطعة خنان بوسط الصين بالزوار، وبعضهم يرتدي ملابس تقليدية، ما يعيد إلى الأذهان أجواء عهد أسرة تانغ.

كما ازداد الطلب بشكل لافت على تأجير ملابس "هانفو" التقليدية وجلسات التصوير الفوتوغرافي.

وفي ووهان، على بُعد 400 متر فقط من مدخل حديقة "البحيرة الشرقية" وأقرب محطة حافلات، كانت هناك ستة أكشاك تقدم هذه الخدمات، أحدها لافت للنظر وقد تم تحويله من حافلة قديمة.

وقالت سون تسي تشينغ، التي كانت تضع المكياج لإحدى العميلات، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأنها سافرت إلى ووهان من مقاطعة يوننان بجنوب غربي الصين، التي تبعد حوالي 1200 كيلومتر، للعمل لمدة شهر. خلال هذه الفترة، استقبلت سون ما يقرب من 300 عميل وحققت ربحا صافيا تجاوز 30 ألف يوان (حوالي 4109 دولارات أمريكية).

وكانت الاستوديوهات الكبيرة، مثل الاستوديو الذي تملكه سي قوان تشي، أكثر ازدحاما. قالت سي: "خلال عطلات نهاية الأسبوع، يُمكننا كسب ما بين 5000 و6000 يوان يوميا".

-- وراء اقتصاد الزهور

وساهم اقتصاد الزهور أيضا في تعزيز تنمية الريف الصيني.

وتستضيف قرية بونينغ في مدينة هانغتشو، حاضرة مقاطعة تشجيانغ بشرقي الصين، معرضها الـ21 للفاوانيا، حيث تتوسط حديقة مساحتها 25 ألف متر مربع زهرة فاوانيا عمرها 600 عام، زرعها يوي تشيان، المسؤول البارز في عهد أسرة مينغ (1368-1644).

وفي محافظة شيانجوي بمدينة تايتشو، تتفتح أزهار الكانولا على مساحة تقترب من 30 ألف مو (حوالي 2000 هكتار)، حيث تنتظر السياح دمى قابلة للنفخ لشخصيات من فيلم الرسوم المتحركة الناجح "نه تشا 2".

وعندما سُئلت سائحة تدعى "شيه" عن سبب حب الناس لقضاء يومهم في الاستمتاع بمشاهدة الزهور، قالت: "إنها مريحة جسديا وعقليا، خاصة بعد أسبوع من العمل أو الدراسة".

وقالت لي تشيان، الأستاذة في كلية إدارة الأعمال الدولية بجامعة الدراسات الأجنبية ببكين "المياه الصافية والجبال الخضراء ثروة لا تُقدر بثمن". وأضافت: "لقد أثبت اقتصاد مشاهدة الزهور هذه الفلسفة. في السنوات الأخيرة، واصلت البيئة الإيكولوجية للصين تحسنها، بينما عزز الابتكار العلمي والتكنولوجي تطوير الصناعات، حيث شهد التنوع النباتي في جميع أنحاء البلاد تحسنا ملحوظا".

وتابعت لي أنه مع تحسن ظروف معيشة الناس، ازدادت احتياجاتهم الروحية، مشيرة إلى أن الأزهار بجمالها البديع ومضمونها الثقافي أصبحت جزءا من حياتهم اليومية. كما لعبت منصات التواصل الاجتماعي دورا كبيرا في تشجيع الناس على التقاط وتوثيق لحظاتهم الجميلة.