القاهرة 18 أبريل 2025 (شينخوا) أكد الخبير الاقتصادي المصري الدكتور كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن الإجراءات الحمائية الأحادية الأمريكية والمتعلقة بالرسوم الجمركية، إجراءات عدائية وضارة بالاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد والإمداد وأسواق المال والبورصات العالمية، مشيدا بموقف الصين من التعامل مع هذه الأزمة.

وقال عادل، في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا))، إن الإجراءات الحمائية الأحادية التي اتخاذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مواجهة اقتصادات دول العالم، تعتبر إجراءات عدائية وضارة بالاقتصاد العالمي وسلاسل التوريد والإمداد وأسواق المال والبورصات العالمية، مضيفا "وهذا ما لمسناه منذ الإعلان عن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة".

وأوضح أن دول العالم ارتكبت خطأ خلال السنوات الأخيرة، وعزا ذلك إلى أنه خلال البرنامج الانتخابي لترامب أعلن أنه سيغير من السياسة التجارية العالمية وأن أمريكا ستعمل على فرض رسوم جمركية جديدة، وأنه كان يتعين على كافة اقتصادات دول العالم الدخول في تكتلات اقتصادية جديدة وتعزيز التعاون المشترك بما يخفف حدة ما يقوم به ترامب على اقتصادات دول العالم.

ولفت إلى أن الرئيس الأمريكي يراهن على نفوذ بلاده ليس فقط الاقتصادي أو التجاري وإنما أيضا نفوذه السياسي والعسكري، وهو ما دفعه لفرض هذه الرسوم الجمركية سواء على الحلفاء أو الخصوم، وأي رد من أي دولة على زيادة الرسوم يقابل بمضاعفتها وزيادتها من جانب الإدارة الأمريكية.

-- إشادة بتعامل الصين مع الأزمة

وأشاد الدكتور كريم عادل بتعامل الصين مع الأزمة، مؤكدا أن الصين موقفها جيد جدا في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، مرجعا ذلك إلى أن أكثر المستثمرين في السندات الأمريكية هم من الصينيين وبالتالي خروج هؤلاء المستثمرين من البورصات وأسواق المال الأمريكية سيترتب عليه لجوء أمريكا إلى رفع الفائدة بالمخالفة لتوجه ترامب ودعوته للفيدرالي الأمريكي بتخفيض الفائدة.

وأشار إلى أن الصين تمتلك أدوات ضغط كثيرة تشكل أكبر نسبة سياحة في الولايات المتحدة الأمريكية، والشركات الصينية التي تعتمد على مدخلات انتاج أمريكية أو الشركات الأمريكية التي تعتمد على مدخلات انتاج صينية كل ذلك يعتبر أوراق ضغط في يد الصين.

ولفت إلى أن الإدارة الصينية كانت إدارة ناجحة ومتميزة، وتعتبر الدولة الوحيدة التي تنبأت بسلوك ترامب وعملت مبكرا على احتوائه وتجنب أثاره السلبية هي الصين، وذلك من خلال مبادرة الحزام والطريق التي ضمت الكثير من الدول اليها، الصين ومن خلال تجمع بريكس وإن كان ترامب يحارب هذا التجمع أيضا وتوعد بمحاربة أي تجمع يستهدف الدولار الأمريكي أو تعادي الولايات المتحدة، إلا أن الصين لديها أدوات ومقومات متعددة وقامت بالفعل بإدارة استباقية للأزمة التجارية والمالية المتوقعة من الولايات المتحدة الأمريكية.

-- الصين أقل دول العالم تأثرا

وأضاف الخبير الاقتصادي المصري أن الصين نجحت أيضا في إقامة نظام مدفوعات رقمي من شأنه أن يعزز من فرص التجارة من خلال مبادرة الحزام والطريق، ويقلل من الاعتماد على نظام المدفوعات السويفت الذي يعتمد على الدولار الأمريكي يضاف إلى ذلك أن نظام المدفوعات الصيني يعتمد على اليوان وبالتالي فالصين تقلل من اعتمادها على الدولار.

وأعرب عن اعتقاده بأن الصين ستكون من أقل دول العالم تأثرا نسبيا حتى على المدى القصير والمتوسط، خاصة وأن الصين تمتلك قدرات مالية تستطيع من خلالها أن تعزز من القدرات الاقتصادية للكثير من دول العالم.

-- إجراءات ترامب ترفع تكاليف التشغيل

وفيما يتعلق بتأثير القرارات الأمريكية على مصر، قال عادل إنه بالنظر إلى حجم التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة فهو في حدود 8 مليارات دولار تقريبا سنويا، وحجم الصادرات المصرية للولايات المتحدة حوالي 3 مليارات دولار، والصادرات المصرية لأمريكا ترتكز على بعض القطاعات الإنتاجية على رأسها قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة وقطاع الحديد والأسمنت والبلاستيك.

وأشار إلى أن قطاع المنسوجات والملابس الجاهزة يستحوذ على نحو 50 % من الصادرات المصرية للولايات المتحدة ارتباطا باتفاقية الكويز التي ساهمت في زيادة الصادرات المصرية في هذا القطاع، حيث يمثل المكون الإسرائيلي 10 % من مكونات الإنتاج، وإن كان ترامب قد أكد أن اتفاقية الكويز سيسري عليها الجمارك الجديدة ما يمكن أن يؤثر على هذا القطاع.

وأضاف أن ما يقوم به ترامب من إجراءات حمائية سيترتب عليه رفع تكاليف التشغيل والإنتاج وتعطل سلاسل التوريد والإمداد في كافة دول العالم والاقتصاد المصري هو اقتصاد مستورد سواء في مجال الصناعات الإنتاجية، الدوائية، الطبية وغيرها من الصناعات التي تتطلب استيراد مواد خام أو نصف مصنعة أو مصنعة من الخارج، وبالتالي فالدولة المصرية ستتأثر بشكل كبير من خلال رفع الدول لتكلفة الانتاج والمواد الخام.

وأوضح أن مصر والكثير من دول العالم مازال لديهم فرصة التقليل من حدة الإجراءات الأمريكية من خلال تعزيز الشراكات مع دول مثل الصين والتي نتمتع معها بعلاقات جيدة وبالتالي تفعيل العديد من الشراكات والتعاون في المجالات الإنتاجية والعسكرية أيضا، كما على الدولة المصرية التوجه أكثر إلى الاتحاد الأوروبي من خلال تفعيل الخط الملاحي الرورو الملاحي البحري مع إيطاليا والذي يعتبر نافذة مهمة للتعاون مع أوروبا.

ونبه إلى أن مصر يمكنها دعوة الدول التي تضررت بشكل كبير من إجراءات ترامب للدخول إلى السوق المصري بحيث تصبح منتجاتها منتجات مصرية وتصدر إلى دول العالم للاستفادة من الجمارك المنخفضة المفروضة على مصر مقارنة بما هو مفروض عليها وبالتالي استفادة مصر من دخول الاستثمارات المباشرة إليها وزيادة فرص التشغيل والتوظيف والإنتاج، وزيادة النمو داخل الاقتصاد المصري، وهناك تجارب أمثلة عديدة لذلك.

-- العلاقات الصينية المصرية متقاربة

ونوه رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية بأن العلاقات المصرية - الصينية علاقات متقاربة بصورة كبيرة جدا ومتميزة تمتد وتصل إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وتشهد زخما كبيرا في العديد من القطاعات.

وشدد على أن ما يحدث يمثل فرصة جيدة للمزيد من التعاون والشراكات مع الصين، وهذا ما ستسعى إليه الصين أيضا خلال المرحلة المقبلة، خاصة وأن الصين لديها بالفعل استثمارات كبيرة وأعمال داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس والعديد من المدن المصرية، وهو ما يؤهل لتحقيق المزيد من فرص التعاون المشترك خلال الفترة القادمة.

وشدد على أن الإجراءات الحمائية الأحادية الأمريكية تمثل فرصة كبيرة لدفع الدول النامية وخاصة دول الجنوب لتعزيز التعاون المشترك لتعظيم الاستفادة من مواردها وإمكانياتها وقدراتها الطبيعية والبشرية، وأن تعمل على تعزيز التنمية فيها وتبادل الخبرات فيما بينها، وأنه يمكن للدول النامية الكبرى مثل الصين والهند وروسيا وغيرها أن تقود التنمية في دول الجنوب، خاصة وأن ترامب أوقف وكالة التنمية الأمريكية التي كانت تدعم الدول النامية.