share
arabic.china.org.cn | 17. 04. 2025

إشارات جولة المفاوضات الأمريكية الإيرانية العلنية الأولى

arabic.china.org.cn / 16:16:18 2025-04-17

لي تسي شين*

16 أبريل 2025 / شبكة الصين / عقدت الولايات المتحدة وإيران جولة المفاوضات الأولى في مسقط، برعاية سلطنة عُمان في 12 أبريل الجاري. وجلبت المشاعر المتفائل التي أبداها الجانبان بصيص أمل للشرق الأوسط الذي يشهد ارتفاعا في حدة التوترات منذ فترة طويلة، كما أشعرت المجتمعَ الدولي بتفاؤل نسبي. ولكن، بسبب الاختلافات الكبيرة بين الولايات المتحدة وإيران في المواقف وتناقضاتهما الهيكلية العميقة الأبعاد، فمن المحتم أن تكون آفاق المفاوضات بينهما مليئة بالتحديات.

ما أهمية توقيت المفاوضات الأمريكية الإيران؟

عقدت الولايات المتحدة وإيران أول جولة مفاوضات علنية بينهما منذ سنوات عديدة، في ظل تفاقم حدة التوتر في المنطقة. ومن المنظور الفني، تركز هذه المفاوضات على البرنامج النووي الإيراني. وقد توصلت إيران مع الأطراف المعنية الست في عام 2015 إلى اتفاق نووي لمدة 10 أعوام. وفي ضوء انتهاء صلاحية الاتفاق بحلول النصف الثاني من العام الجاري، أصبحت كيفية تجديده تحديا فنيا واقعيا أمام الأطراف المعنية.

ومن منظور الواقع الجيوسياسي، شنت كل من إيران وإسرائيل ضربتين عسكريتين مباشرتين على أرض الطرف الآخر خلال العام الماضي، بل ووجهت إسرائيل ضربات قوية لمحور المقاومة الذي تقوده إيران، ما أدى إلى ضعف أذرع محور المقاومة ورفع بشكل حاد إحتمال شن إيران هجمات مباشرة.

وفي الوقت نفسه، كررت قوى اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية تهديداتها بشن عمليات عسكرية ضد إيران، ما رفع من حدة التوتر بين البلدين بوتيرة سريعة. وفي حال اشتعال صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران، ترتفع احتمالات تورط الولايات المتحدة فيها بشكل كبير، وهذا ما لا تتدخر واشنطن جهدها لتجنبه.

أما من منظور الداخل الإيراني، فقد اعتبرت طهران دفع عجلة تعافي اقتصادها القومي أولوية قصوى تتجاوز أهميتها الألعاب الجيوسياسية. وحظي هذا التحول السياسي بتأييد واسع في المجتمع الإيراني. ورغبة إيران في تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة، مهدت الأجواء لبدء مفاوضات مع الجانب الأمريكي، وقدمت فرصة نادرة للجانبين للتوصل إلى "مصالحة تكتيكية" قائمة على التنازلات المتبادلة.

وبالنسبة إلى دول الخليج، فقد شهد الوضع الأمني في منطقة الشرق الأوسط تدهورا متواصلا بعد اندلاع الجولة الجديدة من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في أكتوبر 2023، وتوسع تأثير رقعة الصراع بشكل متواصل ليشمل محيط فلسطين وإسرائيل، حتى دول الخليج. وفي حال اشتعال صراع بين إيران والتحالف الأمريكي الإسرائيلي، فسوف يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة يصعب على دول المنطقة تحملها، سواء على شكل مخاطر حقيقية للصراع العسكري أو تحديات محتملة للانتشار النووي وسباق التسلح.

ومن أجل تجنب الانزلاق خارج نطاق السيطرة، تحث دول المنطقة كلا من الولايات المتحدة وإيران على الحوار والتواصل، في حين تعتبر سلطنة عُمان قناة مألوفة للجانبين الأمريكي والإيراني ويثقان بها.

وقبل تصاعد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاضت الولايات المتحدة وإيران عدة جولات من المفاوضات برعاية سلطنة عُمان وأحرزا نتائج عملية. وأفادت مصادر مطلعة أن الجانبين الأمريكي والإيراني اقتربا بالفعل من التوصل إلى اتفاقات بشأن رفع العقوبات المفروضة على طهران في عام 2023. ولكن، لم تنجح الأمور في نهاية المطاف، بسبب التغيرات المفاجئة التي طرأت على القضية الفلسطينية، وفوتت الولايات المتحدة وإيران فرصة "المصالحة" في ذلك الوقت.

وفي الوقت الحالي، تشجع عدة عوامل الجانبين الأمريكي والإيراني على استئناف التواصل، بما يلعب دورا إيجابيا في الحفاظ على استقرار منطقة الشرق الأوسط على وجه العموم.

تحديات عديدة تواجه آفاق المفاوضات الأمريكية الإيرانية

حسب المعلومات المتاحة حتى الآن، فإن الموقف الإيجابي والمتفائل الذي يتبناها الجانبان خلال هذه الجولة من المفاوضات برهن على أنه لدى كل من الولايات المتحدة وإيران رغبة في حل الخلافات بينهما بأساليب سياسية. وفي ظل عوز الثقة المتبادلة الأساسية بين الجانبين، تكون الرغبة في حل الخلافات مهمة بشكل خاص، وسترسي أسسا متينا لتعميق وترسيخ جولات المفاوضات اللاحقة بينهما. ولكن الطريق أمامهما متعثر في حال رغبا في التوصل إلى اتفاق في نهاية المطاف.

أولا، ما زالت فجوة الاختلافات والخلافات الأمريكية الإيرانية في المواقف كبيرة. فمن المنظور الإيراني، ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ خطوات جادة لتدارك الوضع بشكل أولي، باعتبارها من أقدم على انتهاك الاتفاق النووي المبرم عام 2015. لذلك، لن تستأنف طهران التزامها بموجب الاتفاق النووي، بدون خفض واشنطن العقوبات الأحادية الجانب المفروضة عليها. في المقابل، تطلب الولايات المتحدة من إيران أكثر مما نص عليه الاتفاق النووي الأصلي، حيث تطالبها بالتخلي بالكامل عن برنامجها النووي، وهو ما يرفضه الجانب الإيراني.

ثانيا، صعوبة تجاهل التشويش الإسرائيلي. فمن المستبعد عدم إدخال وجهات النظر الإسرائيلية في الحسبان في حال توصلت الولايات المتحدة مع إيران إلى اتفاق. وتتحلى تحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوضوح موقفه المتمثل في تجنب المخاطر، بمعنى عدم الرغبة في ضخ المزيد من الموارد والوقوع مجددا في مستقنع الحرب. وفي حال صدقت رغبته في بلوغ هذه الأهداف، أصبحت طمأنة إسرائيل أمرا حاسما على وجه الخصوص. وانطلاقا من الوضع الراهن، يتعذر على إيران قبول اتفاق أمريكي إيراني بتوقيع إسرائيلي.

علاوة على ذلك، يتبنى اليمين المتطرف الإسرائيلي موقفا متشددا بشأن الاستعانة بالقوة ضد إيران. وفي حال تفاقم الصراعات السياسية في الداخل الإسرائيلي، قد تتبنى قوى اليمين المتطرف تحركات أكثر خطورة بشأن القضايا المتعلقة بإيران.

ثالثا، لم تمس الولايات المتحدة وإيران القضايا المحورية. فقد أعلن الجانبان مؤخرا أن هذه الجولة من المفاوضات لم تكن سوى اجتماع، بدلا من "مفاوضات". وتبين ذلك أنه إلى حد ما كلا الجانبين لا يود سوى معرفة النوايا الحقيقية للطرف الآخر. ولن تعقد جولات المفاوضات اللاحقة التي ستتناول القضايا المحورية بشكل سلس على غرار جولة عُمان الأولى، وخاصة أن "دفع مجريات المفاوضات من خلال فرض الضغوط" قد أصبح تكتيكا محددا للولايات المتحدة.

لذلك، من الأرجح مواصلة الولايات المتحدة تعزيز ردعها العسكري ضد إيران، حتى تلجأ واشطن إلى سياسات شفير الحرب لرفع أجواء التوتر، مما يجبر إيران على الاستسلام أمام التحديات. ولكن المواجهات العسكرية الطويلة المدى من المحتم أن توتر الأطراف المعنية، فيما قد تثير النزاعات العرضية مزيدا من المواجهات المسلحة، مما يتسبب في تدهور البيئة الخارجية للمفاوضات.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*باحث في معهد الصين للدراسات الدولية

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号