share
arabic.china.org.cn | 11. 04. 2025

تعليق: انزلاق "الابتزاز الأمريكي" بشأن الرسوم الأمريكية إلى لعبة ضرب الرؤوس الخشبية بالمطرقة

arabic.china.org.cn / 13:55:36 2025-04-11

11 أبريل 2025 / شبكة الصين / أثارت سياسة "الرسوم الجمركية التبادلية" التي تتبناها الإدارة الأمريكية ضجة كبيرة في العالم، ولم تحدث صدمة عنيفة للأسواق المالية العالمية فحسب، بل تزيد من تشويش سلاسل الصناعة والتوريد العالمية التي كانت هشة. وأشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في تقرير لها بعنوان "اقتصادات جنوب شرق آسيا تواجه صدمات خطيرة بسبب الرسوم الجمركية"، إلى أن آفاق النمو الاقتصادي لدول جنوب شرق آسيا مثل فيتنام، لا تدعو للتفاؤل، بوصفها جزءا حاسما من سلاسل التوريد العالمية. وعلاوة على ذلك، بالنظر إلى الآثار الفعلية، فمن المستبعد تحقيق الولايات المتحدة أهدافها المرجوة المتمثلة في "عودة الصناعات الأمريكية" و"جعل الولايات المتحدة ثرية مجددا"، من خلال الابتزاز بشأن الرسوم الجمركية، وبالعكس، يتحول ذلك إلى "لعبة ضرب الرؤوس الخشبية بالمطرقة".

وظلت الإدارتان الأمريكتان السابقتان تعملان على تشويش التبادل التجاري بين الصين والولايات المتحدة وإجبار الشركات العابرة الحدود على نقل خطوط إنتاجها من الصين. واُضطرت بعض الشركات إلى الخروج من الصين فعلا في فترة قصيرة، ولكنها لم تنتقل إلى الولايات المتحدة أيضا، بل تحولت إلى اقتصادات نامية أخري، بما فيها فيتنام. ورغم توافق تحرك الشركات هذا مع طبيعتها المتمثلة في السعى للمصالح، إلاأنه زاد من فائض هذه الدول التجاري مع الولايات المتحدة بسرعة، حيث ارتفع فائض فيتنام التجاري مع الولايات المتحدة بشكل حاد إلى 100 مليار دولار في عام 2024، بزيادة ضعفين عما كان عليه في عام 2017.

ومن المثير للسخرية أن هذه الموجة الضخمة من الفوائد الناجمة عن السياسات التجارية الأمريكية أصبحت ما تتذرع به الولايات المتحدة لاستخدام "عصا الرسوم الجمركية". وحسب منطق الولايات المتحدة وأسلوب حسابها في "الرسوم الجمركية التبادلية"، كلما زاد الفائض التجاري معها، ارتفعت الرسوم الجمركية المفروضة. ولذلك، رفعت الرسوم الجمركية المفروضة على سلع فيتنام إلى 46%، لتمحو في لحظة مزايا التكلفة التي تتشكل بفضل إقامة الشركات العابرة الحدود مصانع لها في فيتنام. ورغم ذلك، مازالت هذه الشركات العابرة الحدود، بما فيها التي نشأت في الولايات المتحدة، تبتعد عن فكرة إقامة مصانع في الولايات المتحدة. وتتساءل بعض الشركات "إلى أين يجب علينا الانتقال؟"، حتى قال مسؤول بأحد موردي شركة غوغل "بما أن دول العالم جميعها تواجه رسوما جمركية أكثر، فمن الأفضل إعادة خطوط الإنتاج إلى الصين."

ولماذا تتحول حرب الرسوم الجمركية التي استمرت خلال ثلاث إدارات أمريكية وتهدف لـ"عودة الصناعات الأمريكية" إلى لعبة ضرب الرؤوس الخشبية بالمطرقة العديمة الجدوى؟

مزايا "الاستثمار في الصين" لا بديل لها

خلال هذه الجولة من حرب الرسوم الجمركية التي أشعلتها الولايات المتحدة، واجهت الصين ضغوطا كبيرة ناجمة عن ارتفاع الرسوم الجمركية الأمريكية المفروضة عليها إلى 104%. ورغم ذلك، مازال عدد كبير من الشركات العابرة الحدود تفضل الصين.

أولا، تمتلك الصين أكبر منظومة صناعية حجما وأكثرها تكاملا في العالم. وتشمل سلسلة الصناعة الصينية جميع عمليات الإنتاج تقريبا، بدء من توريد المواد الخام وتصنيع قطع الغيار، حتى عملية التجميع والتسويق، ولا مثيل لها في العالم.

وثانيا، بدأت في الظهورنتائج جهود الصين الرامية للتركيز على بناء نمط تنموي جديد متمثل في التداول المزدوج. وأظهرت المعلومات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية وغيرها من السلطات المعنية أن نسبة إسهام الاستهلاك في النمو الاقتصادي الصيني قد بلغت 44.5% في عام 2024، بتحفيز نمو الناتج المحلي بـ2.2 نقطة مئوية، فيما وصلت صادرات الصين للولايات المتحدة إلى 524.7 مليار دولار، مشكلة 14.7% من إجمالي صادراتها، و2.8% فقط من إجمالي ناتجها المحلي. ويوضح ذلك أن اعتماد الصين على السوق الأمريكية انخفض بشكل ملحوظ.

وبفضل سوق الصين التي تتميز بحجم كبير وإمكانيات هائلة، وتعدد مقاصد صادراتها وانخفاض اعتمادها على السوق الأمريكية، أصبحت المخاطر التي تواجهها جهود الشركات الأجنبية للاستثمار أو ريادة الأعمال في الصين داخل نطاق السيطرة تماما.

"عودة الصناعات إلى الولايات المتحدة" أمامها عتبات يصعب تجاوزها

اتخذت الإدارة الأمريكية إجراءات مشددة بشكل متعصب تقريبا لـ"عودة الصناعات الأمريكية"، بصرف النظر عن الواقع المتمثل في أن البلاد تعوزها ظروف أساسية لإعادة التصنيع.

أولا، بسبب هيمنة رؤوس الأموال، اعتاد الاقتصاد الأمريكي الاعتماد القوي على مسار "نزع التصنيع" على مدى العقود الماضية، حيث تلهث رؤوس الأموال وراء الاستثمارات المالية ذات العوائد العالية خلال فترة وجيزة، بدلا من تمويل الصناعات التحويلية التي تتميز بدورة العائد الطويلة والأرباح المنخفضة. وتمتد هذه الثقافة من وول ستريت إلى شركات أمريكية عاملة في الصناعات التقليدية، حيث تكون هذه الشركات مهووسة بالعائد، ومن أجل زيادة الأرباح ورفع أسعار أسهامها في السوق، لا تتورع عن تقليل عمليات الصناعة والتجريب وخفض رواتب موظفيها، حتى تحويل عدد من الأعمال إلى موردين غير مؤهلين، لنتساءل "كيف يمكن للولايات المتحدة إنهاض صناعاتها، في حال تبني الشركات الأمريكية رؤية التشغيل هذه؟"

وثانيا، أصبح ارتفاع تكلفة الصناعة في الولايات المتحدة ثقلا يصعب تحمله. وأظهرت بيانات أن راتب عامل في شركة أهلية بالولايات المتحدة وصل إلى 36 دولارا في الساعة تقريبا، ويساوي ذلك ما يتراوح بين 12-15 ضعف نظيره في دول نامية. وبالأحرى، زاد إجمالي تكلفة الصناعة في الولايات المتحدة بما يتراوح بين 20% و25% عما في الصين، وارتفعت تكلفة تجميع هاتف آبل في الولايات المتحدة بنسبة 30% عما في الصين. والأهم أن الولايات المتحدة تعوزها سلسلة صناعية متكاملة، فضلا عن حاجتها إلى استيراد عدد كبير من المواد الخام وقطع الغيار من دول أخرى، وخاصة الصين. وأسهمت الرسوم الجمركية الإضافية المفروضة على الصين في زيادة تكلفة تشغيل الشركات الأمريكية، وإبعاد الولايات المتحدة عن حلم "عودة الصناعات الأمريكية".

وتجلى الأمر وأصبحت جهود الإدارة الأمريكية الرامية لتشجيع عودة الصناعات الأمريكية من خلال نهج الحمائية التجارية محكوما عليها بالفشل. وبصرف نظرها عن الخلل القائم في بنيتها الاقتصادية المحلية والقيود الأساسية الناجمة عن آليات التكلفة، ترفع الولايات المتحدة عصا الرسوم الجمركية لمهاجمة شركائها التجاريين الذين وصفتهم بـ"الكاسبين على حساب الولايات المتحدة"، وينزلق هذا السيناريو في نهاية المطاف إلى لعبة ضرب الرؤوس الخشبية بالمطرقة المستمرة بلا نهاية وبدون جدوى. وتعتمد تنمية الصناعات على البيئة المؤسسية وآليات السوق والظروف الداعمة، بدلا من الرسوم الجمركية. وإذا كانت الولايات المتحدة ترفض مواجهة مشاكلها الهيكلية، فلا يمثل حلمها في إنهاض صناعاتها سوي خيال غير واقعي.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号