3 إبريل 2025 /شبكة الصين/ قال وارويك بأول، أستاذ مشارك في جامعة كوينزلاند للتكنولوجيا في أستراليا والباحث البارز في مركز أبحاث تايخه، إن الصين سلكت مسارا واضحا من أجل أن تصبح قوة اقتصادية عالمية، مما أرسى نموذجا تنمويا يختلف عن منطق الهيمنة الغربية. إذ تلتزم الصين بالاستثمار في التنمية الطويلة الأجل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات، فهي تدفع بعجلة التحديث نفسه، وفي الوقت نفسه، تعزز قدرة الدول النامية على تحقيق التنمية الذاتية، مما يجعلها تُوصف بأنها "قوة ممكِّنة". ويبرز "التمكين" في مجالات متعددة، مثل تطوير البنية التحتية وترقية القدرات الصناعية وإصلاح الأنظمة المالية وتنمية التكنولوجيا الرقمية وضمان أمن الطاقة والتعاون في مجالات التعليم والتدريب وإصلاح الحوكمة العالمية. وتساهم آثار التمكين القادمة من الصين في دعم الدول النامية لبناء مستقبلها الاقتصادي الخاص بها. 

لقد أظهرت مبادرة "الحزام والطريق" التزام الصين بمساعدة "الجنوب العالمي" على تسريع التنمية. حيث تستثمر الصين بشكل أساسي في مجالات حيوية تمس حياة الشعوب، مثل النقل والطاقة والبنية التحتية الرقمية، مما يعزز النمو الاقتصادي المحلي ويحسن مستوى معيشة المواطنين. مع التحسن المستمر في ترابط الطرق والموانئ والسكك الحديدية، يزداد زخم التجارة والتكامل الاقتصادي، مما يمكن العديد من الدول النامية من الاندماج بشكل أفضل في عملية العولمة الاقتصادية. ومن خلال توفير المنافع العامة الدولية، تقدم الصين للدول النامية خيارات خارج الإطار المالي الغربي. كما أن إنشاء مؤسسات مثل البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وأيضا تعزيز تدويل اليوان، كل ذلك يساهم بفعالية في سد فجوة التمويل العالمي للتنمية. ومن الجدير بالذكر أن العديد من القروض الصينية تركز على التنمية طويلة الأجل بدلا من تحقيق عوائد مالية قصيرة الأجل، مما يمنح الشركاء قدرة أكبر على الاستقلال الاقتصادي. 

تلعب الصين دورًا رائدًا في دفع التقدم التكنولوجي العالمي، حيث لا تقل تأثيرات التعاون في المجال التكنولوجي على الدول النامية عن التعاون في مجال البنية التحتية. فمن خلال دعمها الفعّال لترقية الصناعات في الدول النامية، تساعد الصين هذه الدول على الصعود إلى المستويات العليا في سلاسل القيمة العالمية. ومن خلال الاستثمار في قطاعات التصنيع والطاقة وإجراء التعاون الصناعي ونقل المعرفة التكنولوجية، تساهم الصين في تقليل اعتماد الدول النامية على تصدير المواد الخام وتعزيز التنوع الاقتصادي. وبفضل استثماراتها في مجالات السلكية واللاسلكية والحوسبة السحابية وتكنولوجيا الأقمار الصناعية، تساعد الصين الدول النامية على بناء أنظمة رقمية مستقلة. كما توفر الشركات التكنولوجية الصينية بنية تحتية للإنترنت بأسعار معقولة، بينما يساهم تركيز الصين على البرمجيات مفتوحة المصدر في جعل تقنية الذكاء الاصطناعي أكثر فائدة للجميع وتعزيز إمكانية الوصول إليها بشكل سلس. يُعد التمكين الرقمي أمرًا بالغ الأهمية لدول "الجنوب العالمي" في دفع عجلة التحديث، لا سيما في تسريع تطوير الصناعات القائمة على المعرفة.

تُعتبر المساهمة في مساعدة الدول النامية على ضمان أمن الطاقة أيضا جانبا مهما ضمن دور الصين في تمكين الآخرين. وبما أن أمن الطاقة هو أساس الاستقلال الاقتصادي، فإن الصين تدعم بقوة جهود الدول النامية في تطوير البنية التحتية للطاقة وتعزيز حلول الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وذلك لا يساعد فقط تلك الدول في الحصول على طاقة مستقرة وميسورة التكلفة، بل يقلل أيضا اعتمادها على الوقود الأحفوري، مما يعزز التنمية المستدامة. 

بالإضافة إلى ذلك، تعمل الصين بنشاط على تعزيز التعاون في مجال التعليم والتدريب المهني مع الدول النامية، مما أسفر عن تأهيل عدد كبير من الكوادر عالية الكفاءة والقادرة على دعم وتعزيز عملية التصنيع. ومن خلال تقديم المنح الدراسية الحكومية وفرص التدريب الفني، وإنشاء منصات مثل ورشات لوبان ومعاهد كونفوشيوس، ساهمت الصين في تعزيز تبادل المعرفة في مجالات الهندسة والطب وتكنولوجيا المعلومات وغيرها. كما يساعد ذلك الدول النامية على تحسين قدرتها على الابتكار المستقل وتطوير الاقتصاد القائم على المعرفة. 

كما تجسّد المبادرات التى طرحتها الصين بشأن الحوكمة العالمية حكمة الصين كدولة شرقية كبيرة. وتدعو الصين إلى تعددية قطبية عالمية قائمة على المساواة والنظام، مما يمنح الدول النامية مساحة أوسع للتعبير عن رأيها في الشؤون الدولية. ومن خلال آليات التعاون مثل مجموعة بريكس ومنظمة شانغهاي للتعاون، تعزز الصين التعاون بين دول الجنوب العالمي، الأمر الذي يمكن "الجنوب العالمي" من السعي بثقة نحو تحقيق أحلامه في التنمية والنهضة. ومن خلال التمسك بطريق التنمية المشتركة والسعي لتكوين دولة تمكينية، توفر الصين قوة دافعة لتحقيق الازدهار المشترك للدول النامية.