بقلم د.أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

3  أبريل 2025 / شبكة الصين / تعتمد الصين في سياستها على مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وترى أنه في احترام هذا المبدأ ينشأ أساس قوي في العلاقات بين مختلف البلدان، حيث لا تتدخل الصين في شؤون الآخرين كما لا تقبل لأي جهة أو دولة التدخل في شؤونها الداخلية، ومن بين هذه الملفات التي تعتبرها الصين "خط أحمر" في سياستها، هناك العلاقة بين البر الرئيسي الصيني وعدد من المناطق الصينية مثل تايوان وهونغ كونغ وشيتسانغ وغيرها من المناطق الأخرى. في المقابل تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى محاولة "إضعاف" الموقف الصيني الدولي من خلال البحث عن خلق توترات داخل المناطق الصينية بالاعتماد على ملف حقوق الانسان، حيث تروج الولايات المتحدة بشكل خاطئ لأوضاع بعض المناطق الصينية محاولة بذلك "تشويه" صورة الصين في العالم، لتصبح العديد من المناطق ذاتية الحكم نقاط اهتمام العديد من المهتمين بالشأن الصيني.

من بين المناطق الصينية التي تثير اهتماما واسعا خارج الصين، هي منطقة شيتسانغ وحاضرتها لاسا، والتي تم تحريرها بشكل سلمي منذ أكثر من سبعة عقود وهي منطقة ذاتية الحكم تقع في جنوب غربي الصين، فمنذ مايو عام 1951 بدأت المنطقة فصلا جديدا في تاريخها الحديث، حيث شهدت تطورا في تنميتها الاقتصادية والاجتماعية وأيضا مستويات معيشة شعبها بشكل كبير، وذلك بفضل السياسات الموجهة من الحكومة الصينية في هذه المنطقة التي كانت تشكو قبل عقود من الفقر والخصاصة، لتصبح شيتسانغ الآن منطقة ذات بنية تحتية متطورة، وقد تم إخراج جميع سكانها من الفقر المدقع منذ عام 2019، كما تواصل الحكومة الصينية المركزية تعزيز ازدهار المنطقة وتوفير أفضل الفرص لتحقيق المزيد من الإنجازات من أجل مستقبل أفضل لسكان شيتسانغ.

وتُعتبر قضية حقوق الإنسان في منطقة شيتسانغ هي أكثر النقاط التي تؤكد الصين بشكل مستمر على أهميتها، حيث أصدر المكتب الإعلامي بمجلس الدولة "كتابا أبيض" في 28 مارس 2025، تحت عنوان "حقوق الإنسان في شيتسانغ في العصر الجديد"، وقد أبرز هذا الكتاب جهود الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية من أجل تحقيق وحدة أبناء القوميات في المنطقة وحماية الحقوق الأساسية لجميع سكان المنطقة، فمنذ انعقاد المؤتمر الوطني الـ18 للحزب الشيوعي الصيني عام 2012، أصبح "احترام حقوق الإنسان وحمايتها جزءا مهما من المبادئ التوجيهية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني في حوكمة المنطقة". ويعرض الكتاب أيضا فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد وخطابات شي بشأن منطقة شيتسانغ وقيامه بالزيارات التفقدية للمنطقة وأهم الإنجازات التي حققتها شيتسانغ في العديد من المجالات من بينها الديمقراطية الشعبية والاقتصاد وتحسين حياة السكان في المنطقة وتمتع جميع سكانها بمختلف الحقوق الثقافية وحرية المعتقدات الدينية وغيرها من الجوانب الأخرى التي تساهم في تنمية المنطقة، حيث بلغ إجمالي الإنفاق السياحي في شيتسانغ 74.5 مليار يوان صيني بزيادة سنوية قدرها 14.5% وذلك خلال عام 2024. كما أن منطقة شيتسانغ هي نقطة مهمة للسياح من داخل وخارج الصين، حيث استقبلت في العام الماضي أكثر من 63 مليون زائر بزيادة لأكثر من 15.8%، وذلك يبرز انفتاح هذه المنطقة واستقبالها لمختلف الزوار الذين ينقلون عبر تجاربهم الأوضاع الحقيقية التي تعيشها المنطقة.

تتميز منطقة شيتسانغ بطبيعتها الخلابة، وقد ساهمت التوجيهات التنموية في السياسة الصينية الحديثة في تميز المنطقة في مختلف الأصعدة، لتصبح هذه المنطقة نقطة جذب سياحية محليا وعالميا، وهو ما يجسد نجاح النموذج الصيني في هذه المنطقة ذاتية الحكم التي حققت العديد من الإنجازات التنموية مع الحفاظ على الطابع الخاص بأبناء شعب شيتسانغ وتمتعهم بمختلف حرياتهم.

_______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة