بقلم د.أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

أول أبريل 2025 / شبكة الصين / اختتم المؤتمر السنوي لمنتدى "بوآو" الآسيوي لعام 2025 في 28 مارس، والذي امتدّ لأربعة أيام في بلدة بوآو الصينية. وقد شمل المنتدى العديد من الفعاليات الهامة التي حضرها حوالي 2000 مشارك من أكثر من 60 دولة ومنطقة حول العالم. وتناول المنتدى تحت عنوان "آسيا في عالم متغير: نحو مستقبل مشترك"، العديد من المواضيع المشتركة التي تهم الدول الآسيوية في مختلف المجالات أهمها تعزيز التعاون وبناء الثقة بين مختلف الدول، كما صدر خلال المنتدى التقرير السنوي لأهم التوقعات الاقتصادية الآسيوية وأهم ما تم تحقيقه في التكامل الاقتصادي، وحسب هذا التقرير من المتوقع أن يصل معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي المرجح لآسيا إلى 4.5% خلال عام 2025، أي بزيادة عن المعدل الذي تم تحقيقه في عام 2024 والبالغ 4.4%. وأشار التقرير أيضا إلى أنه في ظل تعادل القوة الشرائية، من المتوقع أن ترتفع نسبة إجمالي الناتج المحلي لمنطقة آسيا إلى الإجمالي العالمي إلى 48.6% في عام 2025، كما سيشهد قطاع التوظيف تحسنا في الدول الآسيوية خلال هذا العام، ليسجل معدل البطالة 4.39% خلال عام 2025 وهي نسبة أقل من المعدل العالمي البالغ 4.96%.

تُعتبر منطقة آسيا أهم المناطق السكنية في العالم وتتمتع باقتصادها الحيوي وبمرونة كبيرة في الاقتصادات الآسيوية الكبرى. كما أن منطقة آسيا تتميز بموقعها البارز في النمو الاقتصادي وتجارة السلع والخدمات والتكامل الاقتصادي الإقليمي وهي نقطة بارزة في دفع الاقتصاد العالمي، لذلك، تزداد قيمة مخرجات منتدى بوآو ويجلب هذا المنتدى أنظار العديد من الخبراء من مختلف الدول حول العالم، وقد أكد منتدى هذا العام خلال مناقشات معمقة، على أهمية التعاون بين مختلف الدول الآسيوية وخاصة في ظل حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار للاقتصاد العالمي، كما تم التطرق أيضا إلى أهمية إكمال منطقة التجارة الحرة بين الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا وتعزيز الاقتصاد الرقمي والأخضر في المنطقة، وشددت الصين على أهمية تعزيز التنمية عالية الجودة والانفتاح عالي المستوى بين مختلف الدول الآسيوية بهدف تحقيق نتائج مربحة وتقديم مساهمات جديدة للنمو الاقتصادي العالمي.

تلعب الدول الآسيوية دورا أساسيا في نمو الاقتصاد العالمي، حيث حقق التعاون بين مختلف الدول في المنطقة العديد من الإنجازات، من أهمها تطوير التجارة والاستثمار، وذلك من خلال العديد من المبادرات البارزة بين هذه الدول، أهمها "اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة، وهي أكبر اتفاقية تجارية في العالم، حيث تشمل 15 دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مما يسهل التبادلات التجارية وتعزيز قطاع الخدمات والاستثمارات بين مختلف الدول الأعضاء. كما أن التعاون بين مختلف الدول الآسيوية حقق ارتفاعا في حجم التجارة، وقد أصبحت العديد من الدول نقاطا بارزة في النمو الاقتصادي الآسيوي أهمها الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية. وساهمت مبادرة "الحزام والطريق" الصينية في تعزيز التبادلات التجارية بين الصين والدول الآسيوية وساهمت المبادرة أيضا في تطوير البنية التحتية في مختلف الدول، وهو ما يعزز الربط الاقتصادي بين الدول الآسيوية. ويشمل التعاون بين مختلف الدول الآسيوية أيضا التعاون في مجال الابتكار والتكنولوجيا، عبر تعزيز الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، والتوسع في التجارة الالكترونية بين مختلف الدول الآسيوية، وتعمل الدول الآسيوية أيضا على تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية والحد من الانبعاثات الكربونية ومواجهة التغيرات المناخية.

رغم تزايد عوامل عدم اليقين في الاقتصاد العالمي، تواصل الدول الآسيوية التعاون لتضخ حوية أكبر في الاقتصاد العالمي، وقد أكد منتدى "بوآو" الآسيوي مرة أخرى على أهمية دور منطقة آسيا في النمو الاقتصادي العالمي، فمن خلال التعاون بين مختلف الدول الآسيوية، أصبحت آسيا أكثر تكاملا على المستوى الاقتصادي، ولاعبا بارزا على المستوى العالمي، وتمكنت الدول الآسيوية من الصمود أمام التحديات العالمية بكل مرونة، كما ساهمت في تحسين سلاسل التوريد وجعل الاقتصاد العالمي أكثر استقرار وحيوية.

_______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة