بكين 26 مارس 2025 (شينخوا) أصدرت الصين مؤخرا خطة عمل خاصة لتعزيز الاستهلاك، تهدف إلى دفع الاستهلاك بقوة وتحفيز الطلب المحلي على نطاق واسع من خلال زيادة دخل المواطنين وخفض الأعباء المالية وغيرها. وتجذب الخطة الطموحة متابعات واسعة النطاق في داخل البلاد، ومن المتوقع أن تجلب فرصا تجارية جديدة للدول الأخرى ومن بينها الدول العربية.

وتتكون الخطة، التي أصدرها المكتب العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني والمكتب العام لمجلس الدولة الصيني، من 30 مهمة رئيسية موزعة على 8 أقسام رئيسية، وتتبنى نهجا شاملا من خلال معالجة عوامل مثل نمو الدخل وتعزيز جودة استهلاك الخدمات وتحسين بيئة الاستهلاك.

وفي هذا الصدد، رأى خبراء أن الخطة تمنح فرص نمو كامنة وفيرة لتعاون أوثق في التجارة مع الدول الأخرى. وبالنسبة إلى الدول العربية، فإنها تنعم بميزات فريدة على صعيد المنتجات الزراعية وموارد الطاقة وغيرها، بينما تتزايد الطلبات داخل الصين لاستيراد هذه المنتجات.

وخلال السنوات الأخيرة، تم إدخال المزيد من المنتجات الزراعية عالية الجودة من الدول العربية إلى السوق الصينية، وذلك من خلال معارض دولية مثل المعرض الصيني العربي ومعرض الصين الدولي للاستيراد، حيث تقدم هذه المعارض منصات لتعزيز التبادلات الثنائية في التجارة والاستثمار وغيرهما.

وفي معرض الصين الدولي للاستيراد، أول معرض يركز على الاستيراد على المستوى الوطني في العالم والذي يقام منذ عام 2018، نشطت شركات عديدة من السعودية والإمارات ومصر وغيرها من الدول العربية في عرض المنتجات المحلية المميزة للمستهلكين الصينيين والبحث عن فرص التعاون والتبادل مع الشركات الصينية. وعلى سبيل المثال، جلبت السعودية، خلال مشاركتها كـ"ضيف شرف" لأول مرة في معرض الصين الدولي السابع للاستيراد في عام 2024، الأطعمة التقليدية مثل التمر وشراب العسل والجبن إلى المستهلكين الصينيين، ما نجح في توسيع سوقها في الصين.

كما تشجع الخطة على رفع نوعية الاستهلاك في الخدمات، بما في ذلك رعاية المسنين والأطفال والرياضة والسياحة وغير ذلك، مما يمنح فرصا ناشئة للدول الأخرى بشأن جذب السياح الصينيين أو ضخ استثمارات في الصناعات ذات الصلة في الصين.

ففي مجال السياحة، وبفضل سياسات الإعفاء من التأشيرة للمواطنين الصينيين التي نفذتها العديد من الدول العربية بما فيها المغرب والإمارات وقطر وتونس، إلى جانب فتح خطوط جوية مباشرة بين مدن صينية وكل من الرياض والدوحة والدار البيضاء وغيرها، يتطلع المزيد من السياح الصينيين لزيارة الدول العربية.

وقال سون ده قانغ، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان في بلدية شانغهاي بشرقي الصين، إن مجالات الثقافة والسياحة والتكنولوجيا أصبحت نقاطا رئيسية لتنمية التعاون بين الصين والدول العربية، وحققت نتائج بارزة، بما يساعد على البناء المشترك عالي الجودة لـ"الحزام والطريق".

وعلى سبيل المثال، في عطلة عيد الربيع المنصرمة بداية عام 2025، اختار المزيد من الصينيين الدول العربية كمقاصد سياحية لقضاء العطلة. وأظهرت بيانات لمنصة "مافنغوه" الصينية لخدمات السياحة والتواصل الاجتماعي أن مصر جاءت ضمن الوجهات السياحية العشر الأكثر شعبية من حيث السياحة الخارجية خلال العطلة. كما أصبحت السعودية مقصدا سياحيا لكثير من الصينيين بفضل مواردها السياحية الخاصة والإجراءات المتخذة لتسهيل السفر إليها.

إلى جانب ذلك، شهدت التجارة الخارجية بالصين نموا مستقرا عام 2024. وحسب بيانات من الهيئة العامة للجمارك، ففي الشهور الـ11 الأولى، بلغ إجمالي قيمة تصدير واستيراد السلع في الصين 39.79 تريليون يوان (حوالي 5.6 تريليون دولار أمريكي) بزيادة 4.9 في المائة على أساس سنوي، ومن بينها بلغت قيمة التصدير 23.04 تريليون يوان وبلغت قيمة الاستيراد 16.75 تريليون يوان، بزيادة 6.7 في المائة و2.4 في المائة على أساس سنوي على التوالي.

وعلى صعيد الصين والدول العربية، شهد حجم التجارة الثنائية توسعا قويا خلال الأعوام الـ21 الماضية منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي في عام 2004.

وحسب بيانات الهيئة العامة للجمارك، ارتفع إجمالي حجم تجارة السلع بين الصين والدول العربية إلى 2.8 تريليون يوان (حوالي 393.75 مليار دولار أمريكي) في عام 2023 من 303.81 مليار يوان في عام 2004، بزيادة 820.9 في المائة.

وفي الأشهر الأربعة الأولى من عام 2024، ارتفع حجم التجارة الخارجية للصين مع الدول العربية بنسبة 3.8 في المائة على أساس سنوي ليبلغ 946.17 مليار يوان، مسجلا رقما قياسيا لنفس الفترة، ومشكلا 6.9 في المائة من إجمالي قيمة التجارة الخارجية للصين.

وفي نفس الفترة، كانت الإمارات والعراق وعمان وقطر ومصر والسعودية أكبر ستة شركاء تجاريين للصين بين الدول العربية من حيث قيمة التجارة الخارجية، بينما تعد الصين أكبر مصدر للسيارات والمنسوجات والملابس للدول العربية.