arabic.china.org.cn | 25. 03. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم: دكتور محمد الناير
لقد أشعل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحرب التجارية منذ ولايته الأولى من خلال سعيه المستمر لاستخدام سلاح الرسوم الجمركية، ما يخالف قواعد وضوابط منظمة التجارة العالمية.
وقد قام ترامب بتعطيل تعيين بعض القضاة داخل المنظمة، مما جعل المحكمة المعنية بفض المنازعات غير مؤهلة للقيام بعملها.
ومن المعلوم أن دول العالم سعت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لتنظيم شؤون الاقتصاد العالمي، وتم إنشاء مؤسستين هما صندوق النقد والبنك الدوليين، وبقيت قضية التجارة العالمية تدار عبر الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة حتى نهاية عام 1994، وتم إقرار ميلاد منظمة التجارة العالمية عام 1995 كبديل للاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة.
ويبدو أن الولايات المتحدة لم تستطع أن تستخدم سيف منظمة التجارة العالمية للهيمنة التجارية، كما تستخدم سلاح صندوق النقد والبنك الدوليين ضد دول العالم للهيمنة على الاقتصاد العالمي.
ولذلك، حينما تولى ترامب مقاليد الحكم في ولايته الثانية في 20 يناير الماضي، أعلن عن فرض رسوم جمركية على شركائه التجاريين في تحد صريح لمنظمة التجارة العالمية ولم يبال بتحذير المديرة العامة للمنظمة بأن الحرب التجارية ستؤدي إلى خسائر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة تتجاوز 10 في المائة.
ويسعى ترامب إلى تنفيذ توجهاته بالهيمنة وتعزيز مبدأ "أمريكا أولاً" باتخاذ إجراءات حمائية تتعارض مع توجهات التجارة العالمية مع السعي للإضرار بشركاء الولايات المتحدة التجاريين من خلال الأمر التنفيذي الصادر في 25 فبراير الماضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع المستوردة من المكسيك وكندا.
وقد أوقف ترامب تنفيذ القرار مع المكسيك وكندا لمدة شهر، فيما من المقرر أن تبدأ الولايات المتحدة الأمريكية في 2 أبريل المقبل تنفيذ ما يُعرف بالرسوم المتبادلة.
مما لاشك فيه أن أمريكا تبدو غير مدركة أو غير مهتمة بخطورة مثل هذه القرارات وإشعال الحرب التجارية التي ستتأثر منها سلباً الولايات المتحدة قبل الدول الأخرى. وقد أعلنت كندا والمكسيك والاتحاد الأوربي عن فرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية.
وبدلا من السعي لتجويد المنتجات الأمريكية وخفض تكلفتها والمنافسة الحرة لجأت الولايات المتحدة إلى القرارات الأحادية معتقدة أنها لا زلت القطب الأوحد في حين أن العالم يتشكل من جديد ليكون قطبين أو متعدد الأقطاب.
إن التوجهات الجديدة للولايات المتحدة لن تحظ بشعبية مؤيدة لا في الداخل الأمريكي بسبب ارتفاع أسعار السلع على المستهلك الأمريكي، ولا على مستوى دول العالم خاصة دول الجنوب العالمي ودول العالم النامي، حيث أن اشعال الحرب التجارية ستمتد آثارها السالبة لتشمل كل دول العالم وتتأثر بها بصورة كبيرة الدول الفقيرة كما أن الأثر سيطال أوروبا الحليف الدائم للولايات المتحدة.
كما أن دول الجنوب العالمي ستتحد ضد هذه القرارات، وقد تدفع الولايات المتحدة ثمن هذه القرارات بأن تكون معزولة عن دول العالم التي لن تقف مكتوفة الأيدي أمام القرارات الأمريكية التي تسبب ضررا بالغا للتجارة العالمية، وقد تدخل الاقتصاد العالمي في حالة ركود ما لم تتحرك هذه الدول لمناهضة هذه القرارات.
ولاشك أن دول الجنوب العالمي التي تمثل أكثر من 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتساهم بنسبة تصل إلى 80 في المائة من النمو العالمي، مطالبة باتخاذ تدابير لمواجهة سياسات ترامب، وتعزيز التضامن والتعاون فيما بينها، والدفاع بقوة عن مصالحها الجماعية.
ويتطلب الظرف الراهن تقوية الروابط بين دول الجنوب العالمي، وبناء تحالفات جديدة، وتعزيز القائم منها، مثل مجموعة بريكس، وتعزيز التحالفات الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي، والسعي نحو تبني أجندة أكثر تأثيرا في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ولا بد لدول الجنوب العالمي أن تبحث عن بدائل للدولار الأمريكي مثل العملات الرقمية وأنظمة الدفع غير الدولارية لتقليص قدرة الولايات المتحدة على فرض هيمنتها.
ملحوظة المحرر: الدكتور محمد الناير محمد النور، وهو أستاذ الاقتصاد المشارك بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، ومحلل اقتصادي مختص.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا)).
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |