الموصل، العراق 19 مارس 2025 (شينخوا) من جديد، تعود منارة الحدباء إلى سابق عهدها لتعانق سماء الموصل بعد إعادة ترميمها من الدمار الذي لحق بها خلال فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف اختصارا بـ(داعش) على المدينة العراقية قبل سنوات.

وافتتحت المنارة بشكل مبدئي في الخامس من فبراير الماضي، وبانتظار إكمال العمل بجامع النوري الذي يضمها، قريبا، ليبدأ الجامع والمنارة باستقبال الزوار كما كانا من قبل على مدى أكثر من ثمانية قرون.

ودُمر جامع النوري ومنارته الحدباء نهاية يونيو 2017 خلال معارك بين القوات العراقية وداعش نتيجة متفجرات وضعها عناصر التنظيم المتطرف داخلهما، بحسب القوات العراقية وسكان المنطقة القريبة من المكان.

وأخذت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) على عاتقها إعادة ترميم الجامع ومنارته بتمويل من الإمارات، بالتعاون مع الوقف السني في محافظة نينوى ومفتشية آثار وتراث المحافظة.

واعتبر الناشط في مجال الثقافة والتراث بالموصل بندر العكيدي أن ارتفاع منارة الحدباء من جديد بمثابة "عودة الحياة والروح إلى المدينة القديمة التي تعرضت لدمار وخراب كبيرين".

وقال العكيدي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "اليوم المنارة تزهو، وهذا يغرس الفرح والسرور بنفوس أهالي الموصل".

وتابع "فرحتنا بإعادة إعمار منارة الحدباء، مثل فرحتنا بتحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي".

واحتل تنظيم داعش الموصل في العاشر من يونيو عام 2014، واستعادت القوات العراقية المدينة بعد أكثر من ثلاث سنوات من المعارك العنيفة.

وخلفت المعارك الكثير من الدمار خاصة في المدينة القديمة الواقعة على ضفاف نهر دجلة.

وقال العكيدي "نشعر بأن الحياة عادت بصورة طبيعية في الموصل كلها بعد أن أعيد إعمار المنارة الحدباء".

ولا تمثل المنارة رمزا دينيا فقط وإنما رمزا ثقافيا واجتماعيا لأهالي الموصل، بحسب العكيدي.

وأضاف "لذلك تجد الكل سعيدا بإعادة إعمارها (المنارة) كالمسيحيين واليزيدين، وليس فقط المسلمين، لأنها رمز لصمود المدينة وتضحياتها والتحديات التي واجهتها".

وتعرف منارة جامع النوري باسم الحدباء نتيجة ميلانها المميز، وقد بقيت شامخة لأكثر من 840 عاما كرمز لصمود الموصل وتراثها الثقافي.

والحدباء هو أحد أسماء مدينة الموصل، وصورتها مطبوعة على العملة العراقية من فئة 10 آلاف دينار.

ويشعر أحمد ذنون، وهو من سكان المنطقة القريبة من جامع النوري، بسعادة كبيرة كلما خرج من بيته ورأى المنارة شاهقة من جديد.

وعن ذلك يقول ذنون "اليوم الموصل كلها تشعر بالسعادة بعودة المنارة".

ويتذكر الرجل لحظات الحزن التي مرت عليه عندما تعرضت المنارة للتدمير، وقال "بكيت وأصبت بحزن عميق عليها كونها أيقونة وعلامة من علامات الموصل التي يفتخر بها الموصليون، لكن حزني ذهب بإعادة إعمار المنارة وتحول لفرح وأشعر بأن المستقبل أفضل".

وفي المنطقة المحيطة بجامع النوري ومنارته الحدباء، يتواصل العمل لتحسين المحال التجارية والأرصفة استعدادا لاستقبال زوار الجامع والمنارة، وفقا لعبد الموجود حسين، أحد العمال هناك.

وقال يوسف علي، والذي يعمل بمقهى شعبي قرب جامع النوري، "رغم عدم افتتاح جامع النوري، لكن أعمالنا تحسنت كون الكثير من الزوار يأتون لمشاهدة المنارة والتقاط الصور لها".

وأضاف أن "مشهد رؤية سياح أجانب بالمنطقة أصبح مألوفا، وهذا مؤشر على أن المنارة والجامع سيشهدان زيارات كثيرة خصوصا وأن مدينة الموصل تنعم بالأمن والأمان والاستقرار".

ويتواصل العمل بالنهار والليل في جامع النوري، والذي يعود تاريخ بنائه للقرن الـ12 الميلادي، لوضع اللمسات الأخيرة وإعادة افتتاحه قريبا، لتطوى صفحة سوداء من الصفحات التي خلفها تنظيم داعش في العراق.

وأعلن محافظ نينوى عبد القادر الدخيل يوم أمس إكمال الأعمال بنسبة 90 بالمائة في جامع النوري.

وقال الدخيل لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) إن "الأعمال بجامع النوري اكتملت بنسبة 90 بالمائة، وما تبقى بعض الفضاءات والحديقة وباقي أماكن الوضوء"، مضيفا أن "العمل سينجز خلال نهاية شهر مارس الحالي أو بداية أبريل المقبل".

وفي السياق، قال بدران محمد أحد العاملين بالجامع لـ ((شينخوا)) "نعمل بنوبتين نهارية وليلية، ونضع اللمسات الأخيرة، وما هي إلا أيام معدودة ويكتمل العمل بجامع النوري ويصبح جاهزا أمام المصلين والزائرين".

وأعرب عن فخره بالعمل في جامع النوري، وقال إن "إعادة إعمار الجامع يمثل انتصارا عراقيا على الإرهاب بشكل عام وعلى تنظيم داعش بشكل خاص، وعلامة على أن المستقبل أفضل".