كونمينغ 19 مارس 2025 (شينخوا) لم تخطر مطلقا ببال مياو بنغ تشوه، أحد هواة السفر والذي زار أماكن غير محدودة، فكرة الاستقرار في مكان معين قبل استكشافه قرية في مقاطعة يوننان بجنوبي الصين.

وقال مياو، وهو من أهل سيتشوان ويقيم منذ خمس سنوات في هاييان، وهي قرية صيد عمرها قرون قرب بحيرة ديانتشي: "غروب الشمس لا يفقد سحره أبدا هنا، وتتكشف الحياة في شكلها الأكثر نقاء، مما يجذبني بسحر لا يقاوم".

إن الثقافة الغنية لصيد الأسماك والمناظر الشاعرية ونمط الحياة الهادئ، كلها عوامل جعلته يستقر، وحوّلت سعيه الذي كان لا يتوقف إلى وجهات جديدة إلى إحساس قوي بالانتماء.

وعلى بعد حوالي 600 كم وفوق جبل جينغماي في مدينة بوآر، وجد جيانغ تشنغ، وهو مهندس من مدينة شنتشن بجنوبي الصين، ملاذه الخاص أيضا.

وفي كل صباح، يفتح جيانغ الحاسوب اللوحي الخاص به في قرية بلانغ الإثنية، حيث يعمل وخلفه منظر خلاب لبحر متدحرج من السحب. ويتناغم إيقاع النقر على لوحة المفاتيح مع اللحن البعيد لجامعي الشاي الذين يغنون في الحقول.

وقبل عامين، قام جيانغ باستئجار منزل قديم للإقامة فيه، لأنه يعمل عن بعد.

ويعد مياو وجيانغ من ضمن عدد متزايد من المسافرين الذين يختارون الإقامة لفترة أطول في يوننان للانغماس في الحياة المحلية بدلا من التنقل بين أماكن تجذب اهتمامهم.

ويعتقد خبراء في القطاع أن هذا التحول من الجولات السياحية السريعة إلى الإقامات الطويلة يظهر تحولا في الاستهلاك السياحي في الصين.

وتظهر البيانات أنه في عام 2024، استقر قرابة 4 ملايين من سياح الإقامات الطويلة الأمد في يوننان، مغتنمين فرصة الاستمتاع بتجربة غامرة أكثر بطئا في القرى القديمة والحقول المتدرجة في المقاطعة.

ومع إدراكها لهذا الاتجاه وحرصها عليه، شرعت يوننان في التحول من نهجها الحالي المتمثل في مشاهدة المعالم السياحية إلى نمط سياحي أكثر تنوعا وقائم على التجربة.

من جهته، قال داي بين، رئيس الأكاديمية الصينية للسياحة، إن أكبر تحول في سياحة اليوم يتمثل في أن الناس لم يعودوا يتطلعون لزيارة الوجهات السياحية، بل يسعون إلى أنماط حياتية.

وأضاف داي أن الإقامات الطويلة الأمد ليست فقط أمرا متعلقا بالسفر او الإقامة، بل تمثل مشاركة ثقافية أعمق وأسلوبا للحياة.

ولتلبية هذا الطلب المتزايد، أطلقت يوننان خطة طموحة مدتها ثلاث سنوات لتطوير قطاع سياحة الإقامة الطويلة. وتشمل الخطة إنشاء ثلاثة آلاف قرية مخصصة للمسافرين الساعين إلى منتجعات الرعاية والانغماس الثقافي والبرامج التعليمية وفرص المعيشة لكبار السن.

ويساهم هذا التحول في نهوض المجتمعات الريفية أيضا، وذلك من خلال خلق فرص اقتصادية جديدة للبلدات الأقل شهرة.

ووضعت يوننان هدفا طموحا للعام الجاري يتمثل في جذب 6 ملايين زائر للإقامة الطويلة فيها.

هذا وقال لو شيويه وي من شركة للاستثمار الثقافي والسياحي إن "يوننان تتمتع بإمكانات كبيرة لصناعة سياحة الإقامة الطويلة".

وتابع لو أن قطاع السياحة في يوننان تطور من مشاهدة المعالم السياحية إلى قضاء العطلات والآن إلى الإقامات الطويلة الأمد، حيث يوسع الزوار إقامتهم من أيام قليلة إلى عدة أشهر وحتى أطول من ذلك. ودفع هذا التغير بشكل بارز الاقتصاد المحلي بينما طرح طلبا أعلى على جودة الخدمات وعروض المنتجات والابتكار في القطاع.