بقلم تشو مي*

14 مارس 2025 / شبكة الصين / أرسلت الصين من خلال تقرير عمل حكومتها إشارة إيجابية إلى الاستقرار والثقة بالنفس والحيوية، وقد ضخت قوة استقرار مهمة في عالم يشهد تشابكا بين التغيرات والاضطرابات. فلماذا تقدر الصين على التمتع بالثقة في إبقاء نموها على مستوى زهاء 5%؟ الأمر يرجع إلى مجموعة من الأسباب:

أولا، النمو الكبير في إجمالي الناتج المحلي الصيني. فخلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشر الممتدة بين عامي 2021 و2025، تجاوز إجمالي الناتج المحلي الصيني حاجز 110 و120 و130 تريليون يوان على التوالي، وحقق نموا سنويا كبيرا.

وحسب التوقعات، فسوف يتجاوز الناتج المحلي الصيني في عام 2025 عتبة 140 تريليون يوان، ليسجل 141.6 تريليون يوان (حوالي 19.7 تريليون دولار)، بزيادة 938.1 مليار دولار عما كان عليه في عام 2024. وهذا الرقم يتجاوز حجم نمو إجمالي الناتج المحلي في سويسرا، التي تبوأت المركز الـ20 على قائمة عام 2024، كما يمثل 3.1 ضعف ما حققته الهند في عام 2024 من النمو الاقتصادي.

ومثلما تمخر السفينة عباب البحر، فإن السفينة الكبيرة الحجم وحدها يمكن أن تبحر بمزيد من الثبات وسط الرياح القوية والأمواج الهائجة. وفي ظل الحمائية والأحادية التي تشكل تحديات كبيرة للاقتصاد العالمي في عام 2025، لم يسهم الناتج المحلي الصيني الضخم ونموه السنوي الهائل في تهيئة الظروف لاستقرار النمو الاقتصادي العالمي فحسب، بل يجذب مزيدا من الشركاء التجاريين والمستثمرين الأجانب لتعزيز روابطهم الاقتصادية والتجارية مع الصين، مما يضخ قوة مهمة في الحفاظ على استقرار سلاسل التوريد العالمية.

ثانيا، إمكانيات واعدة وكبيرة لنمو الطلب المحلي فقد قدمت السوق الصينية الضخمة مساحة تنموية كبيرة للشركات والمؤسسات المتنوعة، فيما تكمن في التأثيرات الناجمة عن التداخل بين حجم إجمالي عدد سكان الصين الكبير ونمو الدخل الفردي القابل للصرف فرصٌ تنموية هائلة. وتشهد الأنماط التنموية للاقتصاد الصيني تعديلات هيكلية، كما حل الاستهلاك محل الاستثمار في تحفيز النمو الاقتصادي تدريجيا. ولكن تحفيز نمو الاستهلاك ليس عملا يمكن إكماله في يوم واحد، بل يتطلب جهودا دؤوبة.

ومن أجل تسريع هذا التحول، تركز الصين جهودها على زيادة فرص العمل ورفع دخل السكان. ومن المتوقع تجاوز عدد فرص العمل الجديدة 12 مليونا في عام 2025، فيما يواكب نمو دخل السكان النموَ الاقتصادي. وبحسب هدف النمو المتوقع تحقيقه، يتفوق معدل نمو دخل السكان البالغ 5% على ما سجلته أسعار المستهلك من معدل النمو البالغ 2%، مما يخلق إمكانية أكبر للاستهلاك.

ومن بين مهام العمل العشر التي وضحها تقرير عمل الحكومة لعام 2025، وُضع "تكثيف الجهود لتحفيز الاستهلاك ورفع فعالية الاستثمار وتوسيع الطلب المحلي بكامل أبعاده" في المقام الأول. ومع إطلاق الحملات الخاصة لتحفيز الاستهلاك وتنفيذ الأعمال لرفع فعالية الاستثمار، تتحسن الظروف المؤاتية للاستهلاك بشكل ملحوظ.

وواصلت السندات الحكومية الخاصة الطويلة الأجل على غير العادة بقيمة 300 مليار يوان دورها في تسريع الاستعاضة عن السلع الاستهلاكية القديمة بأخرى جديدة. ومن المرتقب أن يلعب الاستهلاك، بوصفه حلقة مهمة في دورة حياة المنتج والخدمة، دورا أكثر إيجابية، مما يخلق مساحة أرحب لصادرات دول العالم إلى الصين.

ثالثا، ازدياد ديناميكية الابتكار بشكل متواصل. وهنا لا تستند التنمية الاقتصادية الصينية إلى موارد الدول الأخرى التي يتم الاستيلاء عليها بالقوة أو الحيلة من خلال تغيير قواعد اللعبة الجيوسياسية، بل تعتمد على قدرتها التنموية المستدامة التي شُكلت من خلال تحجيم إنتاجها، وجهودها الرامية لإيجاد مساحتها التنموية من خلال جهودها النشطة لتحقيق الابتكار وسط التنافسات المحتدمة.

وفي السنة الجديدة، سوف تقدم القوى المنتجة الجديدة النوعية مزيدا من الديناميكية للنمو الاقتصادي الصيني. وتعمل الصين على الاستجابة للموجة العالمية من الابتكار التقني بنشاط، ولم تقتصر مساهمتها على توفير بيئة مؤاتية لتحقيق التوازن في تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإذكاء الحماس لتنمية الطيران التجاري والاقتصاد منخفض الارتفاع، بل تمتد إلى دورها الرائد في تنمية مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والتصنيع الحيوي والجيل السادس.

وفي ظل جهودها الرامية لتوفير نظام دعم صناعي متكامل وبيئة استثمارية جديدة، سوف تجذب الصين مزيدا من المستثمرين لدعم الاقتصاد الصيني للحفاظ على التنمية المستدامة والعالية الجودة.

*يعمل الكاتب باحثا في معهد بحوث التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي التابع لوزارة التجارة

الأراء الواردة في المقالة لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري