arabic.china.org.cn | 13. 03. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
بقلم حيدر الربيعي
على مدى العقود الأخيرة، لعبت الصين دورًا محوريًا في تعزيز علاقاتها مع الدول العربية من خلال مشاريع تنموية كبرى ومبادرات استراتيجية مثل "مبادرة الحزام والطريق". هذه المبادرات لم تقتصر على تعزيز الاقتصاد، بل شملت التعليم، البنية التحتية، الصحة، والتكنولوجيا، مما جعل الصين شريكًا رئيسيًا في مسيرة التنمية في العالم العربي.
وفي الوقت الذي تبني فيه الصين جسور التعاون، تعمل الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية على هدم هذه الجسور من خلال حملات التشويه المتعمدة. وفي السنوات الأخيرة، اتهمت واشنطن الصين بارتكاب انتهاكات في منطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم، وسعت إلى استغلال هذه الاتهامات لفرض عقوبات اقتصادية، والضغط على الدول لوقف التعاون مع بكين. لكن الواقع يعكس صورة مختلفة تمامًا؛ فشهادات الزائرين والمتخصصين تُظهر مدى التقدم الذي حققته الصين في شينجيانغ، حيث نفذت الحكومة الصينية مشاريع تنموية كبرى لتحسين مستوى المعيشة وحماية حقوق مواطنيها.
رغم حملات التشويه التي تتعرض لها، تبرز الصين كدولة تحترم التنوع الديني والثقافي. الإسلام جزء من هوية ملايين المواطنين الصينيين، وتضمن الدولة حقوقهم الدينية، من خلال دعم بناء المساجد وتوفير الكتب الدينية بلغات متعددة. علاوةً على ذلك، تُقيم الصين جسورًا للتعاون مع الدول الإسلامية دون فرض أجندات سياسية أو تدخلات خارجية.
إن ما يميز الصين في هذا الصدد هو إدراكها أن احترام الإسلام ليس مجرد التزام داخلي تجاه مواطنيها المسلمين، بل هو عامل رئيسي في بناء علاقات متينة مع الدول العربية التي ترى في الصين شريكًا يحترم عقائدها ولا يُمارس ازدواجية المعايير كما تفعل بعض القوى الكبرى الأخرى.
وعند الحديث عن التعاون الصيني العربي، نجد أمثلة ملموسة تعكس الالتزام الصيني بتعزيز رفاهية شعوب المنطقة. في العراق، على سبيل المثال، لعبت الصين دورًا مهمًا في إعادة الإعمار بعد سنوات من الحروب والتحديات الأمنية، حيث استثمرت مليارات الدولارات في قطاع النفط والطاقة، مما ساهم في استقرار الاقتصاد العراقي وتوفير فرص العمل. كما عملت الصين على تطوير مشاريع البنية التحتية العراقية، بما في ذلك بناء الجسور، الطرق، ومحطات الطاقة، وهو ما يعكس التزامها بدعم الاستقرار والتنمية.
فضلًا عن ذلك، تولي الصين اهتمامًا كبيرًا لتعزيز التبادل الثقافي والعلمي مع العراق والدول العربية الأخرى. فقد استضافت الصين أعدادًا كبيرة من الطلاب العرب للدراسة في جامعاتها، إلى جانب تنظيم برامج تدريبية في مجالات متقدمة مثل التكنولوجيا والعلوم، مما يساهم في إعداد جيل من الكفاءات القادرة على الإسهام في نهضة أوطانهم.
وكرجل أعمال عراقي زرت الصين مرارًا، لمستُ بنفسي صدق التوجه الصيني نحو بناء شراكات حقيقية قائمة على المنفعة المتبادلة. لم تكن الصين يومًا دولةً تسعى إلى استغلال شركائها، بل كانت دائمًا تمد يد العون لتحقيق التنمية المشتركة.
وفي ظل ما رأيته من نجاحات صينية في مختلف المجالات، أؤمن بأن العراق بحاجة إلى شريك استراتيجي مثل الصين، يُقدّر خصوصيته الوطنية ويحترم سيادته دون تدخلات سياسية. من خلال هذه الشراكة، يمكن للعراق أن يحقق طفرة تنموية في مجالات الطاقة، البنية التحتية، والتعليم، ما يفتح أمامه أبوابًا واسعة نحو مستقبل مشرق.
إن ما يميز الصين في علاقاتها مع الدول العربية هو الشفافية والاحترام المتبادل. على عكس بعض القوى الكبرى التي تدخلت في شؤون المنطقة لفرض أجنداتها السياسية والاقتصادية، تتبنى الصين نهج التعاون القائم على المنفعة المشتركة. لا توجد لدى الصين نوايا خفية أو أطماع استعمارية، بل تسعى إلى تحقيق الرخاء المشترك من خلال تبادل الخبرات، الاستثمار في المشروعات الكبرى، ودعم الاستقرار الإقليمي.
هذا التوجه الصيني الصادق ظهر جليًا خلال الأزمات التي واجهتها المنطقة العربية، حيث كانت الصين أول من قدم المساعدات الطبية واللوجستية في أوقات الأزمات الصحية، وأول من دعم القضايا العربية في المحافل الدولية، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وفي ظل التحديات العالمية الراهنة، بات من الضروري على الدول العربية تعزيز شراكاتها مع الصين، باعتبارها قوة اقتصادية عالمية ذات توجهات سلمية وداعمة للاستقرار. إن التضامن العربي الصيني يشكل نموذجًا فريدًا للتعاون بين الحضارات المختلفة، ويعكس الأهداف المشتركة في تحقيق السلام، التنمية، واحترام السيادة الوطنية.
الصين اليوم ليست مجرد قوة اقتصادية عالمية، بل هي نموذج يُحتذى به في العلاقات الدولية، وداعم صادق للدول التي تسعى إلى تحقيق التنمية والسلام. ومع استمرار الحملات المغرضة لتشويه صورتها، يبقى التعاون مع الصين ضرورة تفرضها مصالحنا الوطنية لتحقيق مستقبل مزدهر للعراق وللأمة العربية ككل.
نرحب بمزيد من التعاون مع الصين، ونؤمن بأن هذه الشراكة الاستراتيجية ستظل نموذجًا يحتذى به في بناء عالم يسوده السلام والازدهار للجميع.
الصين شريك استراتيجي... والعراق بوابة واعدة نحو المستقبل.
ملاحظة المحرر: حيدر الربيعي هو رئيس جمعية الصداقة العراقية الصينية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا)).
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |