بقلم د.أُنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

8 مارس 2025 / شبكة الصين/ تعيش الصين خلال شهر مارس، أهم حدث سياسي في البلاد والمتمثل في "الدورتين السنويتين"، حيث يتم تقديم أهم إنجازات البلاد خلال العام السابق وخططها العملية خلال العام الحالي، وقد تم تقديم تقرير عمل الحكومة الصينية خلال الدورة الثالثة للمجلس الوطني الـ14 لنواب الشعب الصيني، وشملت الإنجازات الصينية المجالات الاقتصادية وأهمها تحقيق نسبة 5% للناتج المحلي الإجمالي للبلاد في عام 2024، وتجاوز الإنتاج السنوي لمركبات الطاقة الجديدة 13 مليون سيارة محققة بذلك رقما قياسيا على المستوى العالمي، بالإضافة إلى توفير المزيد من الوظائف في مختلف المناطق الريفية في البلاد وغيرها من الإنجازات الأخرى في مختلف القطاعات.

تتبع الصين خطى دؤوبة من أجل تعزيز التنمية عالية الجودة في مختلف القطاعات من خلال الاعتماد على الذات في العلوم والتكنولوجيا. حيث تتجه السياسة الصينية الحديثة إلى الابتعاد عن النمو القائم على الكم والتركيز خاصة على الجودة العالية وتحسين الإنتاجية ودعم الابتكار وتقوية الصناعات الناشئة الإستراتيجية، وقد أكد تقرير عمل الحكومة الذي تم تقديمه إلى الهيئة التشريعية الوطنية للمداولة خلال الدورتين السنويتين، بأن الصين ستنفذ مبادرات نموذجية حول التطبيق واسع النطاق للتكنولوجيا والمنتجات الجديدة مع تعزيز تنمية آمنة وسليمة للتجارة واقتصاد الارتفاعات المنخفضة والعديد من الصناعات الناشئة الأخرى، كما ستقوم الصين بضخ المزيد من التمويل لتعزيز الصناعات المستقبلية وصناعات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل السادس. 

تعمل الصين أيضا على تعزيز الاعتماد على الذات في العلوم والتكنولوجيا، حيث يتم تخصيص أكثر من 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي الصيني في مجلات البحث والتطوير. وتتوجه الخطط الصينية إلى مزيد التشجيع على الابتكار المحلي عبر دعم المشاريع التكنولوجية، مع الاعتماد بشكل أكبر على التقنيات والأبحاث الصينية، وخاصة في مجالات التقنيات الحيوية وأشباه المواصلات ونظام البيانات الأساسي والذكاء الاصطناعي الصيني والذي أصبح رائدا على مستوى العالم، وقد اقترح تقرير عمل الحكومة الصينية خطة لتعزيز التنمية متعددة المستويات للشركات المبتكرة والشركات صغيرة ومتوسطة الحجم والتي تعتمد على التقنيات المتخصصة في المنتجات الفريدة، وتعزيز صناعة المركبات الجديدة للطاقة المتصلة بالذكاء وتوسيع أسواق الطيران المحلية والعالمية، لتبرز الصين بصورة حديثة ورائدة على المستوى العالمي في مختلف منتجاتها الحديثة وتكتسب ثقة المزيد من الدول.

تحافظ الصين على استقرار في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال سياسات نقدية ومالية تتميز بمرونة كبيرة، وقد أعلن تقرير عمل الحكومة الصينية أن البلاد تستهدف تحقيق نمو اقتصادي بحوالي 5%، وستقوم الصين بتعميق الإصلاحات الشاملة للاستثمار في سوق رأس المال، مع مزيد التشجيع على دخول رؤوس المال وتعزيز آليات استقرار السوق. ونظرا لأن السوق الاستهلاكية الصينية هي مصدر قوة اقتصادية في البلاد فقد تداولت التوجيهات الاقتصادية في عمل الحكومة على السعي نحو نمو مؤشر أسعار المستهلكين بنحو 2% في عام 2025 والسعي نحو إصدار 300 مليار يوان لدعم استبدال السلع الاستهلاكية الجديدة بسلع قديمة. وبالتوازي مع الاستقرار الاقتصادي، تواصل الصين تحسين معيشة الشعب من خلال تحسين الدخل الفردي عبر توفير 12 مليون فرصة عمل جديدة في المناطق الحضرية، وخدمات الرعاية الصحية والتعليم والإسكان وخاصة من خلال الحد من تراجع سوق العقارات والبحث عن استقراره.

تُبرز أهم أهداف عمل الحكومة الصينية لعام 2025 التزام الصين بتحقيق نمو اقتصادي مستدام قائم على التنمية عالية الجودة وتعزيز التكنولوجيا المتقدمة وذلك رغم كل التحديات والتوترات التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، كما ستواصل الصين أيضا تعزيز مسؤولياتها العالمية في مجال المناخ من خلال الانخراط في ريادة الحوكمة البيئية والمناخية في عام 2025، وذلك يُظهر الدور البارز للصين على المستوى العالمي في مختلف المجالات.

------------------------

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة