arabic.china.org.cn | 03. 03. 2025 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الخرطوم 3 مارس 2025 (شينخوا) أمام متجره الصغير في منطقة أم ضوابان جنوب شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، وضع مبارك عبد السلام زينة مبسطة على واجهة متجره احتفاء بدخول شهر رمضان رغم مآسي الصراع المستمر في هذا البلد منذ قرابة عامين.
وتمثلت الزينة في أهلّة وفوانيس ملونة ومضيئة، أضفت أجواء روحانية في المنطقة التي كانت حتى وقت قريب إحدي ساحات المواجهات المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.
وقال عبد السلام لوكالة أنباء ((شينخوا)) "رغم أجواء الحزن التي تسيطر علينا، وكون أن هذه المنطقة كانت حتى وقت قريب ساحة لمواجهات دامية، نحاول إضفاء نوع من البهجة والتذكير بدخول شهر رمضان بما يحمله من قيم روحية مهمة".
وتبعد أم ضوابان نحو 45 كيلومترا عن العاصمة السودانية الخرطوم، وأعلن الجيش السوداني في منتصف فبراير الماضي، استعادته للمنطقة التي تشكل ملتقى طرق بين ولايات سودانية عدة من اتجاه الشرق.
ويعد هذا شهر رمضان الثالث الذي يمر على السودانيين منذ اندلاع الحرب التي ألقت بظلالها على مناحي الحياة كافة في البلاد.
-- أسعار مرتفعة وإقبال ضعيف
ومن داخل متجره، قال عبد السلام، وهو نازح من جنوبي الخرطوم، إن "الإقبال ضعيف للغاية، والسبب عدم توفر القدرة الشرائية لغالبية السكان بسبب توقف رواتب العمال والموظفين وصعوبة الحصول على السيولة النقدية".
ووفقا لعبد السلام، فقد شهدت أسعار الحبوب ارتفاعا كبيرا إذ بلغ سعر جوال الدخن (حبوب نباتية تشبه الذرة الرفيعة) 200 ألف جنيه سوداني، فيما كان السعر قبل اندلاع الحرب نحو 40 ألف جنيه.
فيما بلغ سعر جوال الذرة نحو 150 ألف جنيه وكان قبل الحرب بـ 30 ألف جنيه، أما جوال السمسم فيبلغ نحو 120 ألف جنيه، وكان سعره قبل الحرب 25 ألف جنيه.
وقال عبد السلام "في المتوسط نجد أن أسعار الحبوب الرئيسية ارتفعت بنسبة تقارب 400 بالمائة".
كما شهدت أسعار المواد الاستهلاكية أيضا ارتفاعا كبيرة، ويبلغ سعر كيلوجرام من السكر حاليا 2500 جنيه، فيما كان سعره قبل الحرب نحو 600 جنيه، أما لتر الزيت فيبلغ سعره 5 آلاف جنيه سوداني فيما كان سعره قبل الحرب نحو 1200 جنيه.
ويبلغ السعر الرسمي (الذى يحدده بنك السودان المركزي) للجنيه السوداني مقابل الدولار الواحد 2000 جنيه، بينما يبلغ في السوق الموازي نحو 2500 جنيه.
وقبل الحرب، كان سعر الدولار يبلغ 580 جنيها سودانيا.
وأكد عبد السلام أن "كل السكان الآن يتأثرون بارتفاع الأسعار، ولاسيما ما يتعلق بالغذاء".
وأرجع الرجل ارتفاع أسعار الحبوب إلى "ندرة وقلة في الإنتاج، إذ أنها تنتج بصورة أساسية من غرب السودان (في إقليمي دارفور وكردفان) ومن وسط السودان (الجزيرة) وكلها ولايات تأثرت بالحرب".
-- "فرحة منقوصة"
وفي بورتسودان شرقي السودان، بدت الأسواق غير مكتظة رغم أن المدينة أضحت العاصمة المؤقتة، والمركز التجاري الأول في البلاد.
وأظهرت جولة في السوق الكبير بالمدينة ما يشبه الركود، فالسوق الذي كان يضج بالحياة في سنوات مضت، أضحى شبه خال، أما المحلات التجارية التي كانت تعرض أصنافا من السلع الرمضانية لم تعد كما كانت.
كما اختفت كل مظاهر الإحتفاء برمضان، والتي كانت تتمثل في زفة رمضان، وقيام السيدات بتجديد أواني الطهي.
وأعاق الوضع الأمني وحظر التجوال المفروض في المدينة عمل المسحراتية، وهم مجموعة شبان يطرقون على الدفوف في الثلث الأخير من الليل في رمضان لإيقاظ الناس لتناول السحور والاستعداد للصوم.
وقال المواطن السوداني خالد حسن (35 عاما)، المقيم في بورتسودان، إن "أجواء رمضان هنا مختلفة تماما، تعودنا على رمضان في الخرطوم".
وأضاف "لا توجد أي برامج رمضانية الآن بسبب تداعيات الحرب والوضع الأمني وتأثيرات الوضع الإقتصادي، وتأثر الناس بالنزوح وفقدان الأهل".
من جهتها، قالت المواطنة أميرة يوسف "فرحتنا منقوصة، نصوم في منازل مؤقتة داخل مراكز إيواء، بلا استعدادات كافية، ونفتقد المظاهر الإجتماعية وعاداتنا المرتبطة برمضان".
وأضافت "في السابق، عندما كان رمضان يقترب فان رائحة صناعة المشروب الشعبي (الحلو مر) تنتشر في الأحياء في المدن والقرى، الآن لا قدرة لنا لصناعة هذا المشروب".
والحلو مر مشروب رمضاني محلي، ويصنع من رقائق من طحين الذرة، ويتم إعداده في المنازل السودانية خلال شهر شعبان الهجري استعدادا لقدوم شهر رمضان.
ورغم الصعوبات بسبب الحرب والوضع الاقتصادي، فإن أسرا سودانية ما تزال تحرص على تجهيز مستلزمات رمضان، ولكنها تجهيزات تختلف عن السابق كما ونوعا.
وفي مركز للإيواء جنوبي مدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر، كانت فائزة النور (50 عاما)، وهي نازحة، تقوم بتحميص البن في منزل مؤقت.
وتشتكي فائزة، وهي نازحة من منطقة جبل أولياء جنوب الخرطوم، من صعوبة التجهيزات لرمضان هذا العام بسبب ارتفاع الأسعار وندرة بعض الأصناف الرئيسية، وحصرت تجهيزاتها لرمضان فقط بتحميص البن وتجفيف البصل.
وقالت السيدة الخمسينية "كما ترون أقوم بتحميص كيلو واحد من البن لأنني لم أستطع شراء أكثر من ذلك، لقد وصل سعر كيلو البن إلى 20 ألف جنيه سوداني".
وأضافت "أشعر بحزن شديد بسبب وضعنا الاقتصادي الذي لم يمكنا من القيام بالتجهيزات التي أعتدنا عليها باعتبارها تشكل عادات وموروثات".
-- الحرب تثقل كاهل الإنتاج
ووفقا لتقديرات صادرة عن الحكومة السودانية مؤخرا، فإن 28.9 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات إنسانية بسبب تأثيرات الحرب في البلاد.
ويواجه اقتصاد السودان أزمة حقيقية بسبب الشلل الذي أصاب القطاعات الإنتاجية وتوقف حركة الصادرات وتراجع قيمة العملة الوطنية وانخفاض الإيرادات العامة بنسبة 80 بالمائة، وفقا لتقارير سابقة لوزارة المالية السودانية.
ويشتكي المنتجون في قطاعات إنتاجية رئيسية من صعوبات عدة أوجدتها الحرب، وأبرزها إرتفاع تكاليف الإنتاج والنقل والتوزيع، وتوقف التمويل الحكومي.
وقال عضو اتحاد المزارعين شمالي السودان عبد القادر عبدون "هناك صعوبات متزايدة بسبب تأثيرات الحرب في السودان، خاصة فصل مناطق الإنتاج عن الأسواق الرئيسية بسبب الوضع الأمني وإنقطاع الطرق وارتفاع تكاليف النقل".
وأضاف "خلال موسم حصاد المانجو العام الماضي تعرض المحصول للتلف في مناطق عدة بسبب فشل المنتجين في إيصال محصولهم إلى الأسواق الرئيسية، وكذلك بسبب توقف مصانع منتجات المانجو وخاصة صناعة العصير".
وتابع "كما تعرض مزارعون شمالي السودان لضرر كبير بسبب عدم قدرتهم علي إيصال إنتاجهم من محصول البطاطس بداية هذا العام إلى الأسواق الرئيسية، بسبب ارتفاع تكاليف النقل، وبعد المسافة بين مناطق الإنتاج والأسواق الرئيسية".
واضطر المزارعون الي بيع محصولهم في أسواق محلية بأسعار متدنية لا تغطي حتي تكاليف الإنتاج، بحسب عبدون.
ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلفت 29683 قتيلا، وفقا لأحدث تقرير صادر عن موقع ((ACLED))، وهي منظمة عالمية غير حكومية متخصصة في جمع بيانات النزاعات المفصلة.
وتسببت الحرب في فرار أكثر من 14 مليون شخص، وفقا لمنظمة الهجرة الدولية، بواقع 11 مليون شخص نازح داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود إلى دول مجاورة.
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |