بقلم د. أنس الزليطني، خبيرة في السياسة الدولية

25 فبراير 2025 / شبكة الصين / تعمل الصين على تعزيز اقتصادها من خلال عدة سياسات تركز على التعاون الخارجي ودعم مختلف القطاعات المحلية، ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد الصيني المزيد من النمو خلال عام 2025 رغم التحديات والصعوبات التي يشهدها العالم. كما أنه من المرجّح أن يحافظ الاقتصاد الصيني على نموه بشكل معتدل خلال هذا العام. وقد اتخذت الصين العديد من التدابير التحفيزية من أجل تنشيط السوق المحلية الصينية وتعزيز الاستهلاك والاستثمار، بالإضافة إلى اتباع سياسة مالية استباقية وتحسين الشفافية في القطاع النقدي والمصرفي. كما تركّز السياسات الاقتصادية للصين في عام 2025 على الاستدامة والتطوير التكنولوجي مع الاستقرار الاجتماعي والسياسي، حيث تعتمد الصين على الاقتصاد المستدام في العديد من المجالات من بينها تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتعزيز المشاريع الصديقة للبيئة، وتوجهت الصين خلال هذا العام إلى تطبيق إصلاحات هيكلية لسوق العمل عبر توسيع التوظيف ورفع الإنتاجية في البلاد.

تواجه الصين بعض الصعوبات خلال العام الحالي أمام نمو اقتصادها، ومن أهم هذه التحديات الضغوطات المحلية المتمثلة بالأساس في تباطؤ نمو السكان وتعزيز سوق العمل المحلية، ولذلك وضعت الحكومة الصينية خطة لمزيد التشجيع على العمل وتطبيق إصلاحات لزيادة الإنتاجية المحلية. كما تواجه الصين المزيد من الضغوطات الخارجية، وخاصة في ظل الرسوم الجمركية التي تضعها إدارة دونالد ترامب على الشركات الصينية، لذلك تقوم الصين بتنفيذ سياسات تحفيزية للتعامل مع التحديات الاقتصادية العالمية والتوترات التجارية. بالإضافة إلى ذلك، تراهن الصين خلال هذا العام على تعزيز النمو عالي الجودة في مختلف القطاعات، وذلك لتحقيق تنمية مستدامة قائمة على التكنولوجيا والابتكار والذكاء الاصطناعي ودعم قطاع المركبات الكهربائية وخاصة مع تزايد الطلبات المحلية والعالمية للسيارات الصينية التي تعمل بالطاقة. بالإضافة إلى ذلك، ستواصل الصين جهودها من أجل تحقيق أهدافها في المجال البيئي والتقليل من الانبعاثات الكربونية، وتوفير المزيد من الطاقة الصديقة للبيئة محليا وعالميا. وتواصل الصين أيضا تقوية وتحويل هيكلها الاقتصادي، حيث أصبحت الصين في السنوات الأخيرة دولة تعتمد أكثر على الاستهلاك الداخلي مع توفير خدمات أكثر للسكان، فلم يعد الاقتصاد الصيني يعتمد فقط على الصناعات الثقيلة وتصدير السلع التقليدية، بل توجه إلى المنتوجات ذات الجودة العالية لرسم صورة جديدة للمنتوجات الصينية مع الترويج أكثر إلى "صُنع في الصين" كعلامة صينية بارزة على المستوى العالمي.

يتوجه الاقتصاد الصيني إلى مزيد التعاون الخارجي من خلال عدة منصات لتعزيز التبادل والتعاون الدولي، حيث تساهم مبادرة "الحزام والطريق" في تطوير العلاقات الصينية مع أكثر من 150 منظمة ودولة، وذلك في مجال البنية التحتية والتجارة والاستثمارات بالإضافة إلى تبادل الخبرات في مختلف المجالات الأخرى، وتنفيذ الاستراتيجيات الإقليمية وتعزيز التنمية الإقليمية والانفتاح المؤسسي من خلال مناطق تجارة تجريبية حرة، واتباع نمط حديث للإصلاح والانفتاح على مستوى عالي. وتعمل الصين على تعزيز علاقاتها التجارية مع الآسيان والدول الأفريقية والأوروبية، كما تجد الصين المزيد من الفرص الاقتصادية من خلال توسيع مجموعة البريكس وتوفير أسواق جديدة أخرى للشركات الصينية بعيدا على الحمائية والضغوطات الأمريكية.

ستظل الصين في عام 2025 لاعبا رئيسيا في الاقتصاد العالمي، مع تميز سياستها التنموية الحالية بالبحث عن توازن بين النمو الاقتصادي والتحديث التكنولوجي مع مواجهة التحديات المحلية والعالمية. ويُعتبر عام 2025 عاما حاسما لتحقيق أهداف ومهام الخطة الخمسية الـ14، حيث ستواصل الصين خلال هذا العام تعزيز الاستثمار في الأصول الثابتة وصناعات التقنية الفائقة، وأيضا تعزيز الاستثمار الأجنبي في الصين، وتنفيذ سياسات أكثر استباقية للاقتصاد الكلي، وتعزيز الطلب المحلي، والانفتاح رفيع المستوى لتطوير تجارة الخدمات والتجارة الخضراء الرقمية، وكل ذلك يساهم في تحسين سبل عيش السكان وتلبية احتياجاتهم على المدى الطويل بجودة عالية.

_______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة