بكين / أورومتشي 21 فبراير 2025 (شينخوا) أعلنت الشركة الوطنية الصينية للنفط يوم الخميس المنصرم أنها أكملت حفر أعمق بئر عمودية في آسيا والذي وصل عمقها إلى 10910 أمتار في صحراء شمال غربي الصين.

وتقع البئر المعروفة باسم "شينديتاكي 1" في قلب صحراء تاكليماكان في حوض تاريم بمنطقة شينجيانغ الويغورية ذاتية الحكم باعتبارها مشروع استكشاف علميا.

وعزز استكمال البئر المذكورة قدرات الصين في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي فائق العمق، فيما تقدّم العلماء أيضا خطوة كبيرة إلى الأمام في فهم تاريخ الأرض والتطور الجيولوجي والتغيرات المناخية القديمة بفضل تكنولوجيات ومعدات الحفر المطورة محليا.

- تسجيل أرقام قياسية جديدة

يحتوي حوض تاريم على احتياطيات هائلة تكمن في الأعماق من النفط والغاز تحيط بها جبال تيانشان وجبال كونلون. ومع ذلك، فإن حوض تاريم يعتبر أيضا واحدا من أكثر المناطق صعوبة في الاستكشاف بالنظر إلى ظروفه التضاريسية القاسية وهياكله الجيولوجية المعقدة تحت الأرض.

وحققت البئر العمودية التي تعتبر ثانية أعمق بئر في العالم اختراقات هندسية أخرى على مستوى العالم بما في ذلك أعمق تدعيم للبطانة، وأعمق تسجيل للتصوير السلكي، وأسرع حفر بري يتجاوز 10000 متر.

وقالت الشركة إنها بدأت حفر البئر في 30 مايو 2023 وإنها استغرقت أكثر من 580 يوما لإكمال الحفر الذي يبلغ عمقه 10910 أمتار، مع قضاء أكثر من نصف الوقت أي حوالي 300 يوم في آخر 910 أمتار.

وفي هذا السياق، قال مين بنغ مدير منصة الحفر الذي مكث في الموقع طوال فترة المشروع: "كل متر إضافي يزيد من تعقيد الحفر بشكل كبير".

وبعد هذا الجهد المتواصل، اخترقت البئر 12 تشكيلا جيولوجيا ووصلت في النهاية إلى طبقات صخرية يعود تاريخها إلى أكثر من 500 مليون سنة.

وبدوره، وصف ون ليانغ أحد الفنيين الرئيسيين في مشروع بئر "شينديتاكي 1" التحديات الهائلة التي واجهها أثناء الحفر قائلا: "لقد تغلبنا على سلسلة من الصعوبات الفنية بما في ذلك الأحمال الشديدة وعدم استقرار حفرة البئر وتسرب التكوين، لننجح بنهاية المطاف في الوصول إلى العمق المستهدف".

- التغلب على الصعوبات ذات المستوى العالمي

إذا كان الوصول إلى الفضاء يمثل تحديا هائلا، فإن اختراق أعماق الأرض ليس أقل صعوبة.

فعلى عمق 10000 متر تحت السطح، تتجاوز درجات الحرارة 210 درجات مئوية وهي درجة حرارة ساخنة لدرجة تكفي لتبخير زيت الطهي، فيما يتجاوز حجم الضغط 145 ميجا باسكال والذي يعتبر بدوره أكبر من قوى التكسير الموجودة في أعمق نقطة في خندق ماريانا.

وفي هذا السياق، قال الأكاديمي سون جين شنغ من الأكاديمية الصينية للهندسة: "في أعماق تتجاوز 10 آلاف متر، تختبر سلسلة من الظروف القاسية بلا هوادة حدود تكنولوجيات الحفر في الأعماق الفائقة وأنظمة أدوات الحفر في قاع البئر في الصين." مضيفا: "كانت عملية الحفر صعبة مثل برامج استكشاف القمر".

و في مواجهة تحد عالمي المستوى، أنشأت شركة حقل تاريم للنفط مجموعة عمل متعددة التخصصات تضم تسعة فرق دعم فني وزودتهم بأدوات متطورة.

ولدعم المشروع، طورت الشركة الوطنية الصينية للنفط أول جهاز حفر آلي بطول 12 ألف متر في العالم ومجموعة من أدوات تسجيل الآبار العميقة المتقدمة.

وبدوره، قال لي يا هوي كبير مصممي جهاز حفر بئر " شينديتاكي 1": "مع أكثر من 90 في المائة من مكونات نظام الحفر المطورة محليا، تشكل هذه التكنولوجيات المطورة ذاتيا حجر الأساس لقدرة الصين على ريادة حدود الاستكشاف العميقة والمعقدة جيولوجيا".

- استكشاف أعماق الأرض

وفي حين قطعت البشرية أشواطا في استكشاف الفضاء السحيق وخنادق المحيطات، لا يزال فهم باطن الأرض محدودا بسبب الحواجز الصخرية القشرية التي لا يمكن اختراقها.

ويعد حوض تاريم أكبر خزان للنفط والغاز الطبيعي في أعماق الأرض في الصين، حيث تم دفن 83.2 في المائة من موارد النفط العميقة و63.9 في المائة من الغاز الطبيعي العميق تحت عمق 6000 متر.

ومن جانبه، قال وانغ تشينغ هوا، المدير التنفيذي لشركة حقل تاريم للنفط: "لقد حددنا هذه المرة مؤشرات كبيرة للنفط والغاز في أعماق سحيقة للغاية تصل إلى 10 آلاف متر، وحققنا بذلك أول اكتشاف بري للنفط والغاز في العالم تحت عمق 10 آلاف متر، حيث أرسينا الأساس للاكتشاف الاستراتيجي للتنقيب عن النفط والغاز في الأعماق العميقة".

وإلى جانب التنقيب عن النفط والغاز، قدمت بئر "شينديتاكي 1" أول عينات أساسية من عمق 10 ألاف متر في آسيا، وقدمت بيانات لا تقدر بثمن للبحوث الأساسية في الجيولوجيا والكيمياء الجيولوجية ودراسات الطاقة الحرارية الأرضية.

وقام العلماء الصينيون أيضا بتجميع أول صورة طبقية شاملة فائقة العمق في البلاد من خلال التحليل المنهجي للعينات والبيانات الأساسية التي يبلغ عمقها 10 آلاف متر، ما يوفر رؤى مهمة حول تكوين الأرض تحت السطحية والتاريخ التكتوني.