القاهرة 18 فبراير 2025 (شينخوا) في لقاء غير مسبوق على مستوى وزراء الخارجية، احتضنت السعودية اليوم (الثلاثاء) أول جلسة مباحثات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، تهدف إلى حل الأزمة الأوكرانية.

وشارك في المباحثات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأمريكي ماركو روبيو، بحضور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.

وأوضح الجانبان الأمريكي والروسي، أن المباحثات كانت "جيدة جدا" و"مفيدة"، واتفقا على "إنشاء آلية للتشاور لمعالجة توترات العلاقات الثنائية" و"تعيين فرق عالية المستوى لبدء العمل على مسار إنهاء الصراع في أوكرانيا في أقرب وقت ممكن".

وتعليقا على هذه المباحثات، أكد محللون سياسيون أن المباحثات الأمريكية الروسية مهمة جدا لوقف الحرب الأوكرانية وتداعياتها العالمية، فيما أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط عن تطلعه لنجاح مباحثات الرياض، باعتبار أن ذلك "يقود إلى تهدئة مطلوبة للوضع الدولي الملتهب بما ينعكس إيجابا على حالة الأمن العالمي".

-- فحوى المباحثات

وتعتبر المباحثات بين الولايات المتحدة وروسيا اليوم في الرياض "اللقاء الأول من نوعه" بين الجانبين منذ بدء الأزمة الأوكرانية في العام 2022، بحسب الخبير في الشؤون الروسية الدكتور أحمد الجنابي أستاذ الإعلام والعلاقات الدولية في كليات التقنية العليا بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال الجنابي في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، إنه "مما لا شك فيه أن هذا اللقاء مهم جدا لإيقاف الحرب (الأوكرانية) وتداعياتها"، التي أدت إلى سقوط الكثير من الضحايا، وتخللها خسائر اقتصادية كبيرة للجانبين الروسي والأوكراني والعالم.

وأضاف أن الأزمة الأوكرانية "أزمة عالمية تعتبر من أسوأ الأزمات العالمية لما نتج عنها من تداعيات خطيرة في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية".

-- فرص نجاح المحادثات

وأعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط، عن تطلعه لنجاح المباحثات الأمريكية الروسية في الرياض.

وقال أبوالغيط، خلال استقباله اليوم أندريه بلينكوفيتش رئيس وزراء كرواتيا، إن نجاح هذه المباحثات "يقود إلى تهدئة مطلوبة للوضع الدولي الملتهب بما ينعكس إيجابا على حالة الأمن العالمي".

لكن السفير عزت سعد مدير المجلس المصري للشؤون الخارجية استبعد التوصل إلى حلول للأزمة الأوكرانية حاليا.

وقال سعد في تصريح لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "التوصل إلى حلول لن يحدث الأن، نحن بصدد عملية (تفاوض) طويلة، ولا أعتقد أن تسوية الأزمة الأوكرانية سوف تتم ببساطة، خاصة أن الأوروبيين لديهم موقف ضد روسيا، ويرون أنه لا يجب أن يتم اسقاطهم من الاعتبار عند الحديث عن مستقبل المفاوضات" بشأن أوكرانيا.

وأضاف أن "اللقاء الذي سيعقد في السعودية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين سوف يجري فيه وضع الإطار العام لعملية التفاوض وتسوية ملف الأزمة الأوكرانية، وبحكم أن هناك اتصالات بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فمن الممكن أن ينقل ترامب لبوتين رؤية أوكرانيا ومقترحاتها من أجل حل القضية".

وكان الرئيس الأمريكي قد أعلن الأربعاء الماضي أنه سيلتقي نظيره الروسي في السعودية، بعد ساعات من اتصال هاتفي بينهما اتفقا فيه على إطلاق مفاوضات سلام حول أوكرانيا.

ولم يحدد موعد الاجتماع حتى الآن، حسبما نقلت وسائل إعلام روسية اليوم عن يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي.

وتابع سعد أن "اللقاء بين ترامب وبوتين سوف يتناول قضايا كثيرة تتعلق بالعلاقات الثنائية بين موسكو وواشنطن، لأن العلاقات بين البلدين متدهورة، وهناك موضوعات مهمة جدا تتعلق بالاستقرار الاستراتيجي والأسلحة النووية سوف يجري التباحث بشأنها في السعودية".

وشاطره الرأي شربل بركات رئيس قسم الأخبار الدولية بصحيفة (الجريدة) الكويتية بقوله، إن "القمم الثنائية لا تكفى لحل الأزمات المعقدة".

وأوضح بركات لـ ((شينخوا))، أن اجتماع الرياض بين الوفدين الأمريكي والروسي "أعاد إدارة ترامب إلى بعض الحقائق الأساسية، أولها أن الحوار هو الوسيلة الناجعة لمعالجة الأزمات والخلافات وليس السياسات العقابية وغيرها، وأيضا أن الدبلوماسية هي عمل متعدد الأطراف يتطلب إشراك جميع المعنيين، وهذا يناقض الميول الأحادية لإدارة ترامب" .

أما الكاتب السعودي خالد المعينا فقد علق على فرص نجاح مفاوضات الرياض، بقوله إنه "من السابق لأوانه الجزم في هذا الأمر"، مشيرا إلى أن أمريكا وروسيا "تخوضان في خلافات بشأن قضايا كثيرة ومتشعبة".

ومع ذلك، أعرب المعينا عن أمله في أن تكون انعكاسات هذه المباحثات على الشرق الأوسط إيجابية، خاصة أن دول المنطقة تريد السلام.

-- لماذا السعودية ؟

ورأى السفير عزت سعد، أن اختيار الولايات المتحدة وروسيا إجراء محادثات في الرياض يعود إلى أن "السعودية لها ثقل في المنطقة وتملك علاقات ممتازة مع الجانبين" الأمريكي والروسي.

وأضاف سعد، أن "الاتصال الهاتفي مع بوتين تم بمبادرة من ترامب، الذي اختار أن تتم المباحثات في السعودية، وفي ولاية ترامب الأولى كانت هناك علاقات قوية بينه وبين الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، وربما هذه الخطوة فيها نوع من الدعم للدور السعودي".

وتابع أنه "لا يجب أن ننسي أن السعودية صديق لروسيا، وقامت ببعض الوساطات في تبادل الأسرى بين موسكو وكييف، لذلك تم اختيار السعودية لهذه المحادثات، وأرى أنه اختيار موفق".

في حين قال الدكتور أحمد الجنابي، إن "السعودية استضافت هذا اللقاء لأنها صاحبة مبادرات، فقد بادرت في السابق للتوسط لإطلاق سراح أسرى بين روسيا وأوكرانيا، ومهدت في لقاءات سابقة ومؤتمرات دولية لحلحلة هذه المشكلة، والتوتر الذي حدث بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية".

أما الكاتب السعودي خالد المعينا، فقد أرجع اختيار الرياض لاستضافة المباحثات الروسية الأمريكية إلى النهج المتوازن للمملكة.

وقال المعينا لـ ((شينخوا)) إن السعودية تسير على نهج متوازن يحظى بتقدير روسيا وأمريكا، فضلا عن كونها "قلب العالم العربي والإسلامي، وقوة نفطية عظمى، وسياستها تقوم على التعاون والسلام منذ تأسيسها".

وتابع أن روسيا وأمريكا تحترمان السياسة السعودية ودورها الفعال في حل الخلافات الدولية./نهاية الخبر/