بقلم: السفير بركات الفرا

القاهرة 8 فبراير 2025 (شينخوا) تواجه خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيطرة على قطاع غزة ونقل سكانه إلى أماكن أخرى رفضا متصاعدا ليس من الفلسطينيين فقط بل من الدول العربية والعالم.

وتعتبر فرص تنفيذ هذه الخطة الأمريكية معدومة في ظل الموقف الفلسطيني الذي لن يسمح بتكرار نكبة 1948، والموقف المصري والأردني المدعوم عربيا ودوليا لاسيما أن التهجير يمس الأمن القومي للبلدين واتفاقية السلام مع إسرائيل، فخطة ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير سكانه تعد "عودة لعصر الاستعمار".

-- ضرب من الجنون

تعتبر تصريحات الرئيس ترامب عن تهجير سكان غزة "خارج السياق الإنساني، وضربا من الجنون"، فهو يبدو أنه يرى نفسه وصيا على العالم أجمع، وبالتالي يتصرف كما يشاء، ويريد أن يأخذ غزة ويهجر أهلها ويستثمر فيها باعتباره رجل أعمال في العقارات.

اعتقد أن تصريحات ترامب إسفاف، حتى أن كثيرين من الحزب الجمهوري نفسه رفضوا فكرته عن غزة، ونحن نرفضها رفضا قاطعا، لأنها غير منطقية وغير إنسانية وغير قانونية.

الفلسطينيون ليسوا فقط من يرفضون خطة ترامب، بل الأمة العربية أيضا، ومصر أصدرت بيانا قويا جدا كرد على تصريحات ترامب، الذي تشكل خطته انحيازا كاملا لإسرائيل.

ترامب يقول إن إسرائيل ستسلمه غزة، وكأن غزة هذه بضاعة، لكن غزة وطن وأرض، وجزء من دولة فلسطين، وعيب على رئيس أكبر دولة في العالم أن يتحدث بهذا الكلام المجحف.

-- منطق استعماري

خطة ترامب للاستيلاء على قطاع غزة وتهجير سكانه تشكل "منطقا استعماريا" غير مقبول، وتحيزا كاملا لإسرائيل، فهو يريد أن تعود الولايات المتحدة الأمريكية إلى دائرة وعصر الاستعمار، وتجارب أمريكا في الشرق الأوسط فاشلة، وحتى في دول مثل أفغانستان والعراق وسوريا فشلت فشلا ذريعا.

تصريحات ترامب تعني "استعمارا وتطهيرا عرقيا لأهل قطاع غزة، وهذه جريمة حرب، وحتى بعض الصحف الإسرائيلية قالت كيف سيتم تطبيق هذه الأفكار؟".

-- فرص معدومة

فرص تنفيذ هذه الخطة معدومة، لأن كل العالم رفضها مثل الدول العربية والاتحاد الأوروبي والصين وألمانيا وغيرها.

الرئيس الأمريكي رجل متعجرف، يتحدث كأنه لا يوجد في العالم أحد غيره، ومنذ أن تم تنصيبه اختلق مشاكل مع بعض الدول مثل كندا والمكسيك وبنما والدنمارك وغيرها، ولا يمكن أن يقبل أو يتخيل أحد أن رئيس أكبر دولة في العالم يتحدث بهذا المنطق السخيف، الذي ينم عن عدم فهم مجريات الأمور في العالم.

مواقف مصر والأردن ممتازة، البلدان يرفضان خطة التهجير بشكل قاطع، خاصة أن التهجير يمس الأمن القومي للبلدين، وأيضا اتفاقية السلام مع إسرائيل، لأنه عندما يتم تهجير الفلسطينيين إلى مصر والأردن، فسوف تحدث مشكلة في البلدين.

مصر والأردن سوف تتحملان الضغوط الأمريكية، ليس فقط من أجل القضية الفلسطينية، لكن لأن الأمر أيضا يمس الأمن القومي للبلدين.

-- نكبة 1948 لن تتكرر

مشهد العودة الجماعية لسكان غزة من الجنوب إلى شمال القطاع يؤكد أن الفلسطينيين متمسكين بالأرض، ولن يتم تطبيق خطة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وأي شخص رأى منظر السكان وهم يعودون إلى منازلهم سيرا على الاقدام من رفح حتى جباليا وسط الدمار الهائل للمنازل والمستشفيات والمدارس والطرق يعرف أن هذا المشهد قادر على إفشال خطة ترامب، لأنه يؤكد لترامب أن الشعب الفلسطيني لن يغادر أرضه، وأنه لن يسمح بتكرار نكبة 1948.

مندوبو الدول العربية بجامعة الدول العربية عقدوا اجتماعا أكدوا فيه رفض بلادهم خطة ترامب السيطرة على غزة وتهجير سكان القطاع، وهناك الكثيرون دعوا إلي عقد قمة عربية أو حتى اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، واعتقد أن هناك اجتماعا وزاريا قريبا بهذا الشأن.

ملحوظة المحرر: السفير بركات الفرا هو مندوب فلسطين الأسبق بجامعة الدول العربية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة آراء وكالة أنباء ((شينخوا)).