share
arabic.china.org.cn | 29. 01. 2025

رؤية شرق أوسطية: محللون: دعوة ترامب لنقل سكان غزة إلى دول أخرى تهدد بتقويض حل الدولتين وتفاقم الأزمة الإنسانية

arabic.china.org.cn / 05:41:41 2025-01-29

غزة/ الخرطوم 28 يناير 2025 (شينخوا) يرى محللون أن تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، التي دعا فيها إلى نقل سكان قطاع غزة إلى مصر والأردن، تندرج ضمن مخطط أوسع لتصفية القضية الفلسطينية.

ويعتقد هؤلاء أن هذه الدعوة تأتي في وقت حساس وتثير العديد من التساؤلات حول الأهداف السياسية الأمريكية والإسرائيلية من وراء هذه التصريحات، ومدى تأثيرها على مستقبل حل الدولتين الذي كان يعتبر الأساس لأي تسوية محتملة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأشار المحللون في مقابلات مع وكالة أنباء ((شينخوا)) أنه على الرغم من أن دعوة ترامب قد لا تجد دعما عمليا في الوقت الحالي، إلا أنها تشكل جزءا من ضغط مستمر من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل لتغيير الواقع في المنطقة.

-- التوجهات الأمريكية والإسرائيلية

ويقول المحلل والكاتب السياسي الفلسطيني سامر عنبتاوي من نابلس في الضفة الغربية، من الواضح أن تصريحات ترامب المتعلقة بنقل الفلسطينيين إلى مصر والأردن ليست مجرد تصريحات غير مدروسة، بل هي جزء من استراتيجية تهدف إلى تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى قضية لاجئين، وبالتالي تجاهل الحقوق السياسية للفلسطينيين.

واعتبر أن هذه الدعوة تهدد بتمرير الحلول السياسية التي تصب في صالح الاحتلال، وتسهم في القضاء على مبدأ حل الدولتين الذي ظل يعتبر مخرجا رئيسيا للصراع.

واعتبر عنبتاوي أن تصريحات ترامب ليست إلا تجسيدا لرؤية أمريكية إسرائيلية قديمة تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم تحت غطاء "حلول إنسانية".

وأضاف عنبتاوي أن تصريحات ترامب تعكس تحالفا قويا بين الولايات المتحدة وإسرائيل، حيث تستغل واشنطن الظروف الإنسانية في غزة لتضغط على الدول العربية لقبول الفلسطينيين كمواطنين تحت صفة لاجئين في دول الجوار.

وأشار إلى أن هذه الدعوة تعزز فكرة أن الفلسطينيين يجب أن ينظر إليهم كعبء إقليمي، وبالتالي "يجب التخلص منهم في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل".

وتابع عنبتاوي أن هذه الدعوات لنقل الفلسطينيين يمكن أن تكون جزءا من خطة إسرائيلية أكبر تهدف إلى تحويل غزة إلى مجرد "منطقة محتلة" خالية من السكان الأصليين، بحيث يكون ذلك أكثر تسهيلا لسيطرة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية.

وتعتبر هذه التصريحات جزءا من ضغط مستمر من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل لفرض تسوية، تقوض حق العودة وتنسف فكرة إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

ويضيف عنبتاوي أن هذا النوع من الخطط قد يكون بمثابة تسريع لمشروع "الاستيطان الكبير" الذي يدفع به الاحتلال، حيث يتم تغيير التوزيع السكاني في المنطقة لمصلحة المشاريع الإسرائيلية التي لا تضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، ولا تسهم في تعزيز استقرار المنطقة.

ووفقا لعنبتاوي، فهذه الدعوات تهدف بشكل غير مباشر إلى تعزيز انفصال غزة عن الضفة الغربية وتجزئة الأراضي الفلسطينية، مما يقوض أي فرص حقيقية لإقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيا وقابلة للحياة.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد قال قبل أيام، وفق تقارير، إنه ناقش مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني مسألة نقل سكان من غزة إلى دول مجاورة.

وقال ترامب "تحدثت مع الملك عبد الله بشأن نقل سكان من غزة إلى دول مجاورة، طلبت منه استقبال المزيد من الأشخاص لأن الوضع في غزة فوضوي للغاية، وأريد أيضا أن تستقبل مصر أشخاصا، وسأتحدث مع الرئيس عبد الفتاح السيسي".

وخلال الحرب في قطاع غزة على مدار أكثر من 15 شهرا أعلنت مصر والأردن مرارا رفضهما لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة

-- الضغوط على الدول العربية

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني من غزة حسن لافي أن تصريحات ترامب تأتي في إطار ضغط أمريكي على الدول العربية، وخاصة مصر والأردن، للموافقة على استيعاب الفلسطينيين الذين فروا من قطاع غزة بسبب الحرب.

ويضيف لافي أن فكرة نقل أكثر من 2 مليون نسمة هي بمثابة "صفقة شاملة" تهدف إلى تهجير الفلسطينيين في إطار مخطط أوسع يرمي إلى تغيير التركيبة السكانية في المنطقة.

ويؤكد لافي أن هذا التصريح هو نتيجة مباشرة لسياسات ترامب التي دعمت بشكل دائم أهداف إسرائيل في القضاء على حل الدولتين وإيجاد حلول لا تلبي حقوق الفلسطينيين.

ويعتقد لافي أن هذه الدعوة تشكل ضغطا كبيرا على الدول العربية، في ظل الضغوط الأمريكية والإسرائيلية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية والتحديات الأمنية التي تواجهها هذه الدول.

ومع ذلك، يرى لافي أن هذه التصريحات لن تلقى تجاوبا في دول مثل مصر والأردن، التي ترى أن قبول الفلسطينيين على أراضيها سيكون له تبعات ديموغرافية وسياسية معقدة قد تزعزع استقرارها الداخلي.

ويشير لافي إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعميق الانقسام داخل العالم العربي، حيث أن بعض الدول قد تظهر تحفظا على هذه الدعوة لتجنب الانزلاق في تجارب مشابهة قد تؤدي إلى تداعيات سياسية محلية.

ويعتبر لافي أن موقف ترامب، يعكس أيضا جهله وقلة احترامه للقضية الفلسطينية وتفويض أعبائها على دول أخرى، دون مراعاة للحقوق المشروعة لشعبها.

-- مخاطر على التوازنات الإقليمية

أما أستاذ العلوم السياسية، أحمد رفيق عوض، فيوضح أن هذه الدعوة تمثل تهديدا وجوديا للدول العربية على حد سواء.

ويرى عوض أن هذه التصريحات تهدد تلك الدول، لاسيما في مصر التي تعاني من تحديات اقتصادية وأمنية كبيرة.

ويعتبر أن "نقل الفلسطينيين إلى سيناء أو شمال الأردن ليس مجرد مشروع إنساني، بل هو محاولة للتغيير الديمغرافي وموازين القوى في المنطقة، مما يعرض أمن هذه الدول لأخطار واسعة في المستقبل".

ويشير عوض إلى أن هذه الدعوة لا تعكس فقط أي جوانب إنسانية، بل هي جزء من مشروع سياسي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية بشكل كامل، وتدمير الهوية الفلسطينية وتحويل الفلسطينيين إلى لاجئين دائمين في الدول المجاورة.

وأضاف أن هذه السياسة ستؤدي إلى زيادة الضغوط على الأردن، الذي يعاني من مشكلة اللجوء الفلسطيني منذ عقود، وتزيد من أعباء الحكومة الأردنية في التعامل مع هذه القضية التي تشكل تحديا استراتيجيا للسلطات هناك.

ويشدد عوض على أن هذه الدعوة قد تضع الدول العربية أمام معضلة حقيقة، حيث أنها قد تؤدي إلى حدوث اضطرابات داخلية نتيجة لاستيعاب أعداد كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين.

ومع استمرار عدم الاستقرار في المنطقة، ستواجه هذه الدول صعوبة كبيرة في استيعاب تدفق جديد من اللاجئين، وهو ما قد يزيد من التوترات الاجتماعية والسياسية داخل حدودها.

في ذات السياق، يرى فادي جمعة، المحاضر في الجامعة العربية الأمريكية بجنين، أن التهجير القسري للفلسطينيين إلى دول الجوار لا يمكن أن يقبل بأي حال من الأحوال، لأنه يعد اعترافا بتصفية حق العودة للفلسطينيين، وهو المبدأ الذي يمثل جوهر القضية الفلسطينية.

ويرى جمعة أن "نقل الفلسطينيين من وطنهم في هذا السياق هو بمثابة عملية إفراغ للحقوق والتغطية على سياسة الإبادة التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي".

ويشدد على أن "الفكرة الأمريكية في نقل الفلسطينيين إلى دول أخرى تعد مساسا مباشرا بحق العودة الذي يعد حقا غير قابل للتفاوض".

واعتبر أن محاولة تحويل قطاع غزة إلى "مخيم كبير" من خلال هذه السياسات الأمريكية يمثل تهديدا جديدا لفكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، ويكشف عن نية الولايات المتحدة لإبقاء الفلسطينيين في حالة تبعية دائمة.

وأضاف أن تصريحات ترامب ليست فقط سعيا لتحويل الفلسطينيين إلى لاجئين دائمين، بل هي أيضا محاولة لتقويض أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

-- مصير حل الدولتين

وحول مصير حل الدولتين، يرى المحللون أن تصريحات ترامب تبرز بشكل واضح نية الولايات المتحدة في القضاء على هذا الحل.

وبحسب المحللين، فإن دعوة ترامب لنقل الفلسطينيين إلى دول الجوار تأتي في إطار التصعيد المستمر ضد حل الدولتين، الذي كان يعتبر الأساس الذي تنطلق منه معظم المبادرات الدولية للتوصل إلى تسوية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

ويوضح عنبتاوي أن هذه الدعوة تظهر بوضوح أن الحلول الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة تتجه نحو ما يسمى بـ "الحلول الإقليمية"، التي تسقط فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة.

ويضيف عنبتاوي أن هذه الدعوة تسهم في تعزيز سيطرة الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، وتفتح المجال للضغط على الفلسطينيين للتخلي عن حقوقهم التاريخية في أرضهم.

كما أن من شأن هذه التصريحات زيادة المخاوف الفلسطينية من أن الولايات المتحدة تعمل على تقويض أسس الحلول الدولية المستندة إلى مبدأ حل الدولتين، وتحويلها إلى مسألة تقتصر على إعادة توزيع السكان في المنطقة بدلا من البحث عن حل سياسي شامل يعترف بحقوق الفلسطينيين.

-- خطة قديمة متجددة

من جانبه قال عبد الرازق زيادة المحلل السياسي السوداني وأستاذ العلوم السياسية إن ما طرحه ترامب من خطة تقوم علي تهجير سكان قطاع غزة ، هي خطة قديمة متجددة، وتمثل إعادة صياغة لما طرحه ترامب نفسه في ولايته السابقة والتي عرفت حينها بصفقة القرن.

وتنطوي هذه الخطة حال المضي قدما في تنفيذها على مهددات عدة لا تنحصر فقط على الجانب الفلسطيني.

ومع موجة الرفض العربي لمجرد طرح الخطة، فإن من شأن ذلك إحداث تأثير سلبي على علاقات دول المنطقة مع المجتمع الدولي، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية، ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى تراجع التعاون في قضايا حساسة مثل الأمن والاقتصاد.

وأشار عبد الرازق إلى أن من شأن الخطة أن تؤثر سلبا علي الدور الأمريكي باعتباره راعيا لعملية السلام بين إسرائيل ودول المنطقة، وهي بلاشك تعوق جهود السلام في المنطقة وتقوض من فرص نجاح مبادرة حل الدولتين التي تحظي بدعم دولي.

وأضاف أنه من الواضح أن الخطة ستحدث ما يشبه الانشقاق في مواقف كتل دولية مهمة، في مقدمتها الاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمم المتحدة اللتان سارعتا إلى معارضة الخطة.

كما أن تهجير سكان قطاع غزة من شأنه زيادة التوترات في المنطقة، وتدهور الأوضاع الإنسانية وزيادة الشعور بأن الولايات المتحدة ليست وسيطا نزيها.

وقال إن هذه الخطة التي طرحها ترامب تمثل امتدادا لمواقف أمريكية ظلت على الدوام منحازة لإسرائيل، ولن تنجح الخطة في تحقيق هدفها في تهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم، وسيكون الرفض الإقليمي والموقف الجمعي للتنظيمات الفلسطينية والمعارضة الدولية حائط صد تصطدم بها الخطة (الخبيثة).

لقد فشلت إسرائيل من خلال حربها الأخيرة في تحقيق حلم تهجير الفلسطينيين، واستخدمت القوة المفرطة بهدف جعل قطاع غزة مكانا غير صالح للحياة، وبالتالي إجبار سكان القطاع علي الهجرة والبحث عن مكان مناسب، ولكن الخطة لم تحقق نتائجها بسبب تمسك الفلسطينيين بأرضهم ووطنهم، وستلقي مبادرة ترامب ذات المصير. /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号