share
arabic.china.org.cn | 29. 01. 2025

مقالة خاصة: عائدون من النزوح إلى غزة: فقدنا كل شىء

arabic.china.org.cn / 03:47:32 2025-01-29

غزة 28 يناير 2025 (شينخوا) وسط مشهد الدمار الهائل الذي غطى معظم مناطق مدينة غزة وشمال القطاع، كانت رائحة البارود لا تزال تملأ الأجواء، شاهدة على ما مر بالمكان.

وارتسمت على وجوه العائدين ملامح الألم والذهول، لتعكس جراحا عميقة يصعب وصفها أو احتمالها، وفق ما نقل مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)).

كان الصمت يخيم على المشهد، لا يكسره سوى صوت الأنقاض المتساقطة أثناء محاولات السكان إزالة ما تبقى من منازلهم المدمرة.

وبدا الزمن وكأنه توقف هنا، حيث الحجارة المبعثرة تحكي بصمت قصصا من الألم والمعاناة المستمرة، والأزقة التي كانت تضج يوما بالحياة أصبحت خاوية، خالية من كل شيء إلا ذكريات أشخاص كانوا يملؤون المكان بالضحك والأمل.

وبعد رحلة شاقة سيرا على الأقدام استمرت لساعات، جلس عدد من النازحين العائدين على أنقاض منازلهم، حيث كانوا يحدقون في الفراغ، وملامحهم تحكي عن سباق محموم مع ذكريات الماضي.. ذكريات بدت متناثرة بين كل زاوية مدمرة من أماكنهم التي كانت ذات يوم مليئة بالحياة.

وكانت خطوات العائدين متثاقلة، وكأن الأرض نفسها تتألم تحت وطأة الحزن الذي يحملونه. كل حركة كانت أشبه بشهادة جديدة على ثقل المعاناة التي لم تفارقهم منذ اللحظة التي غادروا فيها بيوتهم وحتى عودتهم إلى أطلالها.

عندما وصلت مريم أبو شهلا إلى مسقط رأسها، في حي تل الهوا غرب مدينة غزة، لم تتمكن من التعرف على معالم الحي الذي أمضت فيه 25 عاما من حياتها، إذ ابتلع الركام كل شيء.

وأضافت مريم "المنازل التي كانت تعج بالذكريات أصبحت أكواما من الحجارة والصمت، وكأن الأرض نفسها قد ابتلعت كل شيء".

ولا تعرف مريم إلى أين تتجه أو أين ستقيم خيمتها، في ظل غياب أي حلول سياسية تنقذها من هذا "الجحيم"، على حد تعبيرها.

وتقول بصوت مختنق "حتى جميع كلمات المعجم العربي لا تستطيع وصف هول ما نراه".

أما عبد الرحمن أبو ستة، من بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، فقد عاد إلى حيه بعد عام من النزوح، ليجد أن بلدته قد اندثرت تماما.

وقال أبو ستة "لقد فقدت كل شيء. ليس فقط منازلنا دمّرت، بل حتى ذكرياتنا".

ومضى الرجل قائلا "هذه ليست حربا ضد فصيل فلسطيني، بل هي حرب ضد وجودنا كفلسطينيين".

ورغم الخراب، أصر أبو ستة على البحث عن أمل بين الركام، ويقول "أرى في كل زاوية مدمرة جزءا من الماضي تبخر وتلاشى".

وأضاف "لطالما سعت إسرائيل لإنهاء وجودنا، لكننا باقون هنا، وسنصمد مهما كانت الصعوبات".

وتلخص ساجدة عايش، فلسطينية من حي الصفطاوي شمال غزة، تصميمها على البقاء رغم حجم الدمار الذي طال منطقتها، قائلة "نحن هنا رغم كل شيء.. نثبت وجودنا ونعيد بناء ما دمره الآخرون".

واضطرت ساجدة، للنزوح مرات عديدة إلى المناطق الجنوبية من القطاع بحثا عن الأمان لعائلتها المكونة من خمسة أفراد.

وبصوت مفعم بالحزن والتحدي تحكي ساجدة تفاصيل المعاناة التي عاشتها قائلة "هناك.. في الجنوب .. عايشنا أصعب أنواع العذاب.. الخوف والجوع والتعب لم يفارقونا.. لم يكن هناك مكان آمن وكان نزوحنا أكبر كذبة سوقها الجيش الإسرائيلي".

ورغم كل ذلك، تؤكد ساجدة بعزيمة "لن أكرر هذا الخطأ، حتى لو قتلنا الجيش هنا، فنحن سنموت في بيوتنا وعلى أرضنا، وليس في مكان آخر".

وعندما شاهدت ساجدة شاطئ البحر في غزة، حاولت استعادة لحظات من الطمأنينة التي كان يمنحها لها البحر. لكنها قالت بنبرة مشوبة بالأسى "حتى البحر تغير.. ذلك البحر الذي كان يرمز دائما للحرية والآمال غير المحدودة، أصبح اليوم يئن معنا، وكأنه يشاركنا ألمنا".

ويواجه العدد الكبير من العائدين الذين فاق عددهم نصف مليون نسمة بحسب تقديرات أولية، تحديات هائلة، إذ سيعاني الكثيرون من نقص في المواد الأساسية مثل الطعام والماء، بينما سيضطر آخرون للعيش في الشوارع تحت رحمة الشتاء.

ويصف المسؤول في بلدية غزة حسني مهنا الوضع بأنه "كارثي بكل المقاييس" في المدينة.

وأضاف "لقد دُمرت البنية التحتية بشكل شبه كامل، ونحن نسعى بكل ما أوتينا من قوة لتوفير الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء".

وتابع "عملنا على صيانة بعض آبار المياه وشبكاتها في محاولة لتوفير ما يمكن من الماء للنازحين".

وأردف قائلا إن "الواقع الصعب والتحديات هائلة تفوق قدرتنا الحالية.. فالحاجة ماسة إلى الدعم الدولي العاجل لتأمين احتياجات السكان العائدين، خاصة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي نعيشها".

وقال مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة أمجد الشوا إن عودة آلاف النازحين إلى المناطق الشمالية من القطاع تجسد "مرحلة جديدة من المعاناة"، مع استمرار التحديات الإنسانية الهائلة التي تواجههم.

وأوضح الشوا أن "المشاهد التي نراها تظهر حجم الكارثة، حيث عاد كثيرون ليجدوا منازلهم قد تحولت إلى أنقاض، دون أي مقومات للحياة الأساسية".

وأضاف "نحن أمام أزمة إنسانية مركبة، فالنازحون يواجهون نقصا حادا في المأوى، المياه النظيفة، والغذاء، وسط طقس شتوي قاس وأماكن إيواء".

وأشار إلى أن الوضع يتطلب "تدخلا دوليا عاجلا" لتأمين الاحتياجات الأساسية للسكان المتضررين.

وتابع الشوا "رغم الجهود المحلية المبذولة لإغاثة السكان، إلا أن الأوضاع الحالية تفوق قدرات أي جهة محلية.. هناك حاجة إلى موقف دولي مسؤول لتخفيف معاناة السكان، وضمان إعادة إعمار ما دمرته الحرب". /نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号