arabic.china.org.cn | 24. 01. 2025 |
بقلم دونغ شيوتشو
رفح، مصر 24 يناير 2025 (شينخوا) في الأشهر الـ15 التي قضيتها في تغطية الحرب في غزة من مكتبي في القاهرة، كان معبر رفح الحدودي بين مصر والقطاع هو أبعد نقطة يمكنني الذهاب إليها، حيث لا تسمح السلطات الإسرائيلية للمراسلين الدوليين بالدخول إلى غزة.
ومن خلال زيارة معبر رفح، يمكن إدراك، إلى حد ما، ثِقَل الأزمة في قطاع غزة.
يوم الأحد الماضي، استغرقت رحلة بالحافلة عشر ساعات من القاهرة إلى الجانب المصري من معبر رفح، وهو اليوم نفسه الذي دخل فيه وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيز التنفيذ.
وبموجب شروط وقف إطلاق النار، كان من المقرر إعادة فتح المعبر، الذي يربط شبه جزيرة سيناء المصرية بجنوب غزة.
عندما وصلت، كانت الشاحنات المحملة بإمدادات الإغاثة تتدفق بالفعل عبر المعبر. هرعت للحاق بمحمد بسيوني، وهو سائق يبلغ من العمر (60 عاماً) من بورسعيد في مصر، وكانت شاحنته هي الأخيرة في سلسلة طويلة من مركبات الإغاثة.
ومنذ يوليو 2024، أصبحت شاحنة بسيوني أيضاً هي منزله المؤقت، حيث أنه لم ير عائلته خلال الأشهر السبعة الماضية.
وقال الرجل بحماس ملموس: "أنا سعيد لأن هذه الإمدادات لا تزال صالحة للأكل، وأنني أستطيع توصيلها إلى إخواننا وأخواتنا في غزة."
وعلى غرار بسيوني انتظر مئات السائقين، لأشهر حتى تأتي هذه اللحظة. وأثار المشهد ذكريات إغلاق المعبر في مايو المنصرم. في ذلك الوقت، رأيت شاحنات محملة بالإمدادات التي تشتد الحاجة إليها تمتد في طابور يبلغ طوله كيلومترات، وسائقيها في حالة خمول في الحرارة الشديدة في صورة توضح حجم اليأس حينها.
في الأشهر التي تلت ذلك، فقد آلاف الفلسطينيين أرواحهم، وامتدت الحرب في غزة إلى جبهات جديدة، وشنت إسرائيل ضربات عنيفة على حزب الله في لبنان، وتبادلت إيران الهجمات المباشرة مع إسرائيل، وأدى هجوم خاطف من قبل هيئة تحرير الشام وفصائل مسلحة موالية إلى إسقاط حكومة الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وفي أوائل يناير، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن نقص الإمدادات الحاد والقيود الشديدة على الوصول والنهب المسلح العنيف يساهم في أزمة الجوع في مختلف أنحاء قطاع غزة.
لقد تغير الكثير في هذه الأشهر المضطربة، ومع ذلك ظل السائقون ينتظرون بصبر دورهم للعبور إلى غزة.
ومع بدء تدفق شاحنات المساعدات عبر المعبر، تجمع المراسلون لتسجيل المشهد. وبالنسبة لمليوني فلسطيني على الجانب الآخر، كانت الشاحنات تعني فرصة للبقاء على قيد الحياة.
ومنذ عودتي من رفح، علمت أن المئات من شاحنات المساعدات عبرت إلى غزة عبر المعبر خلال الأيام القليلة الماضية، وجلبت الإغاثة التي يحتاج إليها سكان غزة بشدة.
وفي يوم الاثنين الماضي شاركني زميل مصري يحمل الجنسية الفلسطينية أيضًا، لمحة عن الارتياح الهش الذي يشعر به سكان غزة.
وتحدث صديقه محمد توفيق، الذي يعيش الآن في خيمة في رفح، عن فترة راحة جلبها اتفاق وقف إطلاق النار.
وبالنسبة لأسرة توفيق، كان البقاء على قيد الحياة على مدى الأشهر الـ15 الماضية بمثابة كفاح لا هوادة فيه. فقد اضطر وعائلته إلى تقليص وجباتهم إلى وجبة واحدة في اليوم لعدة أشهر، وعانوا من فقدان الوزن الشديد وسوء التغذية.
وقد كشف الشتاء القارس عن ضعفهم، حيث لا توفر خيمتهم المؤقتة أي حماية من درجات الحرارة المتجمدة. كما عانى الأطفال، الذين يرتجفون طوال الليل، من نزلات برد متكررة.
وبعد إعادة فتح معبر رفح، بدأت المساعدات في التدفق داخل مدن القطاع، وفقاً لتوفيق. وللمرة الأولى منذ أكثر من عام، يشعر بالأمان إلى حد ما، رغم أنه يخشى أن يتلاشى هذا الأمل الهش قريباً.
وقد أشاد بعض الناس بإعادة فتح معبر رفح باعتباره منارة أمل لمستقبل لا يزال غير مؤكد. وبالنسبة للفلسطينيين، يرمز هذا إلى إمكانية تحقيق السلام الدائم وفرصة لإعادة بناء حياتهم المحطمة.
على بوابة معبر رفح في الجانب المصري، وعدنا بسيوني قبل أن نودعه: "لن أعود إلى المنزل حتى يصل الطعام إلى غزة. سأحضر المزيد من المساعدات بعد هذه الرحلة".
لقد جسدت كلماته، التي قالها بعزيمة لا تتزعزع، روح المثابرة القادرة على التغلب على العقبات ومواجهة التحديات العميقة التي يفرضها هذا الصراع.
وعندما تمنينا له التوفيق في مهمته، رفع إبهامه إلينا، وهي لفتة إيمانية بسيطة لكنها قوية وسط كل هذه الفوضى.
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |