share
arabic.china.org.cn | 24. 01. 2025

لماذا غيّر ترامب موقفه تجاه تيك توك؟

arabic.china.org.cn / 16:33:04 2025-01-24

24 يناير 2025 / شبكة الصين / بعد توقف عمل تطبيق "تيك توك" للتواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة لنحو 12 ساعة، أعلن في 19 يناير الجاري عن استئناف خدماته بالبلاد. ويبدو أن انعطافا جديدا ينتظر مصير تيك توك بعد مرور التطبيق بعدة تحولات، ووراء ذلك حيل الإدارة الأمريكية السياسية والاقتصادية وكذلك دوافع الرأي العام المحلي. وأثبت الواقع أن الإجراءات الأمريكية الموجهة لقمع الشركات الصينية بذريعة "الأمننة الشاملة" محكوم عليها بالفشل.

تطورات سير قضية تيك توك

في 24 أبريل 2024، وقع الرئيس الأمريكي حينئذ جو بايدن مشروع قانون يمكنه حظر استخدام تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة، في حال لم يقطع علاقاته مع مالكه شركة "بايت دانس" الصينية قبل 19 يناير الجاري. عقب ذلك، رفعت شركة تيك توك دعوى قضائية في المحكمة العليا الأمريكية لوقف تنفيذ مشروع القانون. ورفضت المحكمة العليا الأمريكية في 17 يناير الجاري الطعن الذي قدمته شركة تيك توك.

وقبل دخول مشروع القانون حيز التنفيذ، ظهر انعطاف يشير إلى تحسن الأمر، حيث أصدرت إدارة بايدن بيانا أعلنت فيه أنها لن تنفذ حظر تيك توك قسرا، وستترك الأمر لإدارة ترامب. وقال دونالد ترامب خلال حديثه للإعلام في 18 يناير الجاري إنه سوف يمنح التطبيق مهلة 90 يوما في يوم تولي منصبه 20 يناير الجاري.

وعلق تيك توك بحول الساعة السابعة مساء يوم 18 يناير الجاري خدماته في الولايات المتحدة. بعد ذلك، غرد الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب عبر حسابه "أنقذوا تيك توك"، مؤكدا أنه سوف يؤجل حظر تيك توك بعد حفل تولي منصبه، متعهدا بأن الشركات التي تسهم في تشغيل تيك توك بالولايات المتحدة لن تتحمل مسؤولية قانونية. وبعد إعلان ترامب موقفا واضحا، استأنف التطبيق خدماته في الولايات المتحدة.

لماذا غيّر ترامب موقفه تجاه تيك توك

حقيقة الأمر، أن الولايات المتحدة توجهت لحظر تيك توك تحت إدعاء حماية "الأمن القومي" منذ الفترة الرئاسية الأولى لدونالد ترامب. وكان ترامب قد صرح في مناسبات عديدة بأنه بصدد إغلاق التطبيق، كما وقع في أغسطس 2020 مرسوما يطالب بحظر التطبيق في حال رفض مالكه بيعه. ولكن، لماذا غير ترامب موقفه تجاه التطبيق، بل وأمهله فترة سماح؟

أولا، لم يعد تيك توك الآن منصة تواصل اجتماعي فحسب، بل أصبح أداة تستخدمها القوى السياسية في صراعها. وبدأ ترامب تحويل موقفه تجاه التطبيق خلال الانتخابات الرئاسية عام 2024، حيث نظر مرشحا الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى التطبيق على أنه قناة مهمة للتواصل مع الناخبين الشباب ونيل تأييدهم، كون هذا التطبيق يضم عددا كبيرا من المستخدمين ويتميز بنموذج حوسبة قوي يُمكن التطبيق من نقل المعلومات وتوجيه الموضوعات للشرائح المعنية. علاوة على ذلك، يقضي نحو 170 مليون أمريكي ساعة على الأقل يوميا على تيك توك، من بينهم 60% من الشباب.

وقد أولى دونالد ترامب مزيدا من الاهتمام للتطبيق، حيث أطلق حملات انتخابية افتراضية عبر التطبيق، للتفاعل مع الشباب ونقاشهم حول أسعار السلع وغيرها من القضايا التي تشغل بال الجماهير العامة.

وبحسب تحليل لجامعة تافتش الأمريكية، ارتفع معدل تأييد ترامب بـ10 نقاط مئوية وسط الشباب خلال فترة الانتخابات الرئاسية لعام 2024 بالمقارنة مع عام 2020. وصرح ترامب علنا أن الفضل في ذلك يرجع إلى تيك توك. وانطلاقا من ذلك، يمكن القول إن إجراءات ترامب الموجهة لإمهال تنفيذ حظر التطبيق تهدف للوفاء بتعهداته أثناء حملته الانتخابية، وذلك لتوطيد شعبيته.

شيء آخر، وهو حسابات الأعمال التجارية، إذ إن تيك توك قد تطور من منصة تواصل اجتماعي إلى نموذج العمل التجاري، حيث يضم أكثر من 170 مليون مستخدم نشط في الولايات المتحدة، ويعود بالمكاسب على أكثر من 7 ملايين شركة متوسطة وصغيرة، ينظر عدد كبير منها إلى هذا التطبيق على أنه منصة مهمة لترويج منتجاتها وتوسيع مستخدميها.

وحسب تقرير معهد أكسفور للدراسات الاقتصادية، فقد وفر التطبيق فرص عمل لـ224 ألف أمريكي على الأقل، كما أسهم بأكثر من 24 مليار دولار في الناتج المحلي الأمريكي عام 2023، وعاد بنحو 5.3 مليار دولار من الرسوم الضريبية على الحكومة الأمريكية. وفي حال حظر تيك توك، فسوف يتأثر بذلك مئات الملايين من الأمريكيين الذين يكسبون دخلهم من التطبيق، في حين ستفقد الحكومة الأمريكية مبلغا كبيرا من الإيرادات المالية. ويعرف ترامب ذلك جيدا، باعتباره رجل أعمال ناجحا.

علاوة على ذلك، يمثل دافع الرأي العام سببا مهما. فبحسب استطلاع رأي لمركز بيو للأبحاث، فقد أعرب نصف المشاركين الأمريكيين عن دعمهم لحظر تيك توك في مارس 2023، ولكن انخفض هذا الرقم إلى 32% بحلول صيف عام 2024.

ومع اقتراب موعد تنفيذ حظر تيك توك، تدفق مئات الآلاف من مستخدمي تيك توك إلى تطبيق صيني آخر للتواصل الاجتماعي وهو "شياو هونغ شو" الذي يتميز بنظام تشغيل يشبه تيك توك، وأطلقوا على أنفسهم اسم "لاجئي تيك توك"، ليصبح التطبيق الصيني الأكثر تحميلا في الولايات المتحدة. وبالتالي يسهم استياء وسخط مستخدمي الإنترنت في دفع الحكومة الأمريكية لعكس موقفها تجاه تيك توك.

إجراءات "الأمننة الشاملة" محكوم عليها بالفشل

إن إجراءات ترامب لتأجيل حظر تيك توك من شأنها أن تخفف المخاطر على تيك توك، ولكن مازال الغموض يكتنف مستقبل التطبيق. ونظرا لأن المحكمة العليا الأمريكية قد قضت بسريان الحظر، فإن مساحة المناورة محدودة بالنسبة إلى ترامب. .

ورغم أن الرئيس الأمريكي الحالي اقترح شراكة لإدارة تيك توك، يستحوذ من خلالها مستثمرون أمريكيون على 50% من ملكية التطبيق، ولكن يواجه هذا الاقتراح عقبات قانونية كامنة، إذ إن قانون مشروع الحظر ينص على أنه لا يُسمح للشركات الصينية بامتلاك أكثر من 20% من ملكية التطبيق. ويُعتبر الحل الجذري الوحيد للمشكلة هو تعديل القانون أو إلغاؤه. ولكن من المستبعد تحقيق ذلك في ظل توصل الحزبين في مجلس النواب إلى إجماع مناهض للصين وإقرار المحكمة العليا الأمريكية بشرعية مشروع القانون.

ووراء الموقف الأمريكي المتأرجح بين الحظر والسماح أن التطبيق، بصرف النظر عن مستقبله، قد أصبح أداة في صراع القوى السياسية الداخلية، وكذلك تداخله في الحسابات السياسية والاقتصادية. وقد أثبت الواقع أن حظر التطبيق الصيني لا جدوى له، حيث سيتم تطوير المزيد من التطبيقات التنافسية من الصين أو دول أخرى. وإن جهود الولايات المتحدة لتعميم "الأمننة الشاملة" وإضفاء طابع "تهديد الأمن القومي" على الأنشطة الاقتصادية التقليدية قسرا، محكوم عليها بالفشل، إذ إن طبيعتها الحمائية لا تتنافي مع قانون السوق فحسب، بل تتعارض كذلك مع إرادة الشعب.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号