مارك تاكر*

24 يناير 2025 / شبكة الصين/ في الحادي عشر من ينايرالجاري، شارك وزير الخزانة البريطاني راشيل ريفز في الحوار الاقتصادي والمالي الأول بين المملكة المتحدة والصين منذ خمس سنوات، والذي عقد في الصين، كما حضر القمة الرابعة للخدمات المالية بين المملكة والصين. ويأتي استئناف هذه الاجتماعات المهمة في وقت تتوافر فيه فرصة هائلة أمام المملكة المتحدة والصين لتعزيز التعاون في قطاعي الخدمات المالية والمهنية.

إن العلاقات الاقتصادية والتجارية المستقرة والمتوازنة بين المملكة المتحدة والصين أمر حيوي لتحقيق النمو والوظائف والازدهار. وتريد الشركات المالية والمهنية في المملكة المتحدة، التي تتطلع إلى توسيع عملياتها، الحصول على وصول أفضل إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ورغم أن العلاقات بين البلدين واجهت تحديات في السنوات الأخيرة، فإن هذا لا ينبغي أن يمنع الجانبين من التعاون في مجالات غير حساسة ومفيدة للطرفين.

وخلال قمة الخدمات المالية بين المملكة المتحدة والصين، اتفقنا على التركيز في عملنا على ثلاثة مجالات. أولا، تعزيز الروابط بين أسواق رأس المال في بلدينا، والتي تلعب دورا حيويا في توفير التمويل الذي يدفع النمو الاقتصادي. وتتمتع المملكة المتحدة بإحدى أعمق أسواق رأس المال وأكثرها تطوراً وسيولة في العالم. وفي الوقت نفسه، تعد الصين ثاني أكبر سوق لرأس المال في العالم.

وكجزء من هذا، اتفقنا على تعزيز مكانة لندن باعتبارها أكبر مركز لتجارة الرنمينبي خارج آسيا، مع السماح للشركات البريطانية بجمع الأموال بالرنمينبي داخل الصين. ومن شأن هذه الخطوات المهمة أن تدعم النمو الاقتصادي بشكل مباشر من خلال تشجيع المزيد من الاستثمار من كلا الجانبين في اقتصاد كل منهما.

ثانياً، اتفقنا على التركيز على السعي إلى الحصول على فرص مجدية في مجالات المعاشات التقاعدية والتأمين وإدارة الأصول. وفيما يتعلق بالمنتجات ذات الصلة، تعد أسواق المملكة المتحدة والصين من الأسواق الرائدة على مستوى العالم. ومع استمرار نمو الطبقة المتوسطة في الصين، فإن الطلب على المنتجات المالية المتطورة سوف يزداد أيضاً، وخاصة تلك المرتبطة بالادخار والمعاشات التقاعدية. وهذا من شأنه أن يخلق فرصاً هائلة للشركات البريطانية لجذب الاستثمارات من الأسر الصينية، وهو ما من شأنه في نهاية المطاف أن يدعم الوظائف والنمو في المملكة المتحدة.

ويتمثل مجال التركيز الثالث في التطوير المستمر للتمويل المستدام. ففي عام 2023، تصدرت الصين قائمة الدول التي أصدرت سندات خضراء على مستوى العالم لمدة عامين متتاليين. وبحلول نهاية عام 2023، أصبحت الصين أكبر سوق للائتمان الأخضر في العالم، بقيمة تقترب من 4.5 تريليون دولار. ويشهد اهتمام المستثمرين بهذه الأصول نمواً مستمراً، وتتمتع الشركات البريطانية بخبرة كبيرة في هذا المجال.

ونؤمن إيمانا راسخا بأن العمل مع شركائنا الصينيين يمكننا تحويل هدفنا المشترك المتمثل في تحقيق التحول في مجال الطاقة إلى حقيقة تجارية قابلة للتطبيق. ولا ينبغي لنا أن نقلل من شأن حجم الفرص الأوسع التي تقدمها الصين.

وتعد الصين رابع أكبر شريك تجاري للمملكة المتحدة، وتدعم صادرات السلع والخدمات من مختلف أنحاء المملكة المتحدة ما يقرب من 500 ألف وظيفة في جميع أنحاء المملكة المتحدة. كما أن السوق الصينية ضخمة، إذ يوجد بها مئات الملايين من المستهلكين من الطبقة المتوسطة المهتمين بشراء السلع من المملكة المتحدة والاستثمار فيها، وهو ما يمثل فرصة ضخمة للشركات البريطانية. وهذا يساعد أيضا في تفسير سبب حفاظ 76% من الشركات البريطانية في الصين على استثماراتها في الصين أو زيادتها.

وعلى هذا الأساس، فإن قطاعي الخدمات المالية والخدمات المهنية العالميين يلعبان دوراً حيوياً. تعتبر مدينة لندن واحدة من أهم المراكز المالية في العالم. وتشكل الخدمات المالية أحد المصادر الأساسية للميزة التنافسية للمملكة المتحدة على الساحة العالمية. كما أنها تشكل محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي في المملكة المتحدة وتمثل 33% من إجمالي صادرات الخدمات البريطانية إلى الصين.

ويشكل هذا أساسًا قويًا لتعزيز التعاون والتنسيق بين المملكة المتحدة والصين. فقد اتفقت جميع الشركات التي حضرت قمة الخدمات المالية بين المملكة المتحدة والصين هذا العام على أهمية أن نكون أكثر طموحًا بشأن المستقبل. والآن أصبح أمامنا الكثير من العمل لنقوم به لتحويل هذه الرؤية إلى حقيقة. وإذا نجحنا، فإن الاقتصاد البريطاني والشعب البريطاني سوف يستفيدان بشكل كبير من حيث النمو والاستثمار والتوظيف العالي الجودة.

-----------------------------------------

*رئيس مجموعة HSBC، وهو بنك استثماري بريطاني متعدد الجنسيات وشركة قابضة للخدمات المالية