share
arabic.china.org.cn | 24. 01. 2025

تحديات عالمية بعد إعلان ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ

arabic.china.org.cn / 10:34:36 2025-01-24

بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

24 يناير 2025 / شبكة الصين / يُعتبر المناخ تحديا كبيرا أمام جميع دول العالم، ولمواجهة مخاطر هذا التحدي، انضمت أكثر من 195 دولة إلى اتفاق باريس لتغير المناخ في مؤتمر "الأطراف 21" في ديسمبر 2015، بحثا عن حلول وتعاون منسق بين جميع الأطراف لمواجهة حالة الطوارئ العالمية في ملف المناخ، حيث تهدف اتفاقية باريس إلى استقرار تركيز الغازات المسببة للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستوى يمنع حدوث اختلال خطير في نظام المناخ، ومنذ إقامة هذه الاتفاقية الدولية التي ترعاها الأمم المتحدة، تعمل كل الدول على التعاون لتفادي أي مخاطر بيئية ومناخية قد تهدد البشرية، ولكن دونالد ترامب وصف التغير المناخي بأنه "خدعة كبيرة"، ولا يرى في هذا التعاون منفعة لبلاده، حيث انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية باريس للمناخ في نوفمبر 2020، ثم عادت إلى الاتفاقية في عهد جو بايدن أي في عام 2021، لكن التاريخ يعيد نفسه مرة أخرى إثر إعلان ترامب في يناير 2025 انسحاب بلاده من الاتفاقية في أولى قراراته بعد تسلمه منصبه كرئيس للبلاد.

أظهر قرار خروج الولايات المتحدة من اتفاقية باريس، عدم جديتها في التعاون من أجل تحقيق المنفعة المشتركة، وكونها "شريك غير موثوق به" في تعزيز الجهود العالمية للحد من الانبعاثات، وأنها دولة تعمل فقط من أجل تحقيق مصالحها الخاصة. حيث إن انسحاب أكبر مصدري الانبعاثات الكربونية في العالم من اتفاقية باريس سيعرقل بشكل كبير الجهود الدولية التي تسعى إلى الحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض، كما سيحد من تنفيذ ما تعهدت به الدول الغنية سابقا، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، بتوفير ما لا يقل عن 300 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2035. وتحتل الولايات المتحدة المراتب الأولى عالميا من حيث انبعاث الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري، ويهدد خروجها من اتفاقية باريس بعرقلة جهود خفض الانبعاثات خلال فترة حرجة مع زيادة ارتفاع التحديات الحالية. إذ توعد ترامب منذ ديسمبر 2024 بالانسحاب من الاتفاقية، بأنه سيقوم "بالتوقيع على أوامر لإنهاء جميع القيود التي فرضها بايدن على إنتاج الطاقة، وإنهاء تفويضه للسيارات الكهربائية، وإلغاء حظر تصدير الغاز الطبيعي، وإعادة فتح محمية الحياة البرية الوطنية في القطب الشمالي في ألاسكا، وإعلان حالة الطوارئ الوطنية للطاقة"، بالإضافة إلى توسيع إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز، وربما سيكون لكل هذه القرارات نتائج إيجابية على الاقتصاد الأمريكي قصير المدى، لكن ذلك لن يكون له أثر إيجابي على المدى الطويل، وخاصة في ظل تطور مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الخضراء في بقية دول العالم، كما ستزيد سياسة ترامب الجديدة من عرقلة الجهود المناخية والتي ستؤثر على الجهود العالمية لمكافحة الظواهر المناخية المتطرفة، وستواجه المجتمعات في مختلف أنحاء العالم مخاطر متزايدة من الكوارث الطبيعية.

وفي الوقت الذي تزيد فيه الولايات المتحدة من المخاوف المناخية، تعمل الصين من جهة أخرى على المزيد من الإجراءات للاستجابة لتغير المناخ وتعزيز التحول العالمي الأخضر ومنخفض الكربون، إذ أن الصين هي واحدة من أولى الدول في العالم التي أصبحت طرفا في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وقد ساهمت الصين في تعزيز التنمية الخضراء حيث حققت العديد من الإنجازات الهامة في هذا المجال أهمها انخفاض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لكل وحدة من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة أكثر من 50% في عام 2021 مقارنة بعام 2005، وفي نهاية عام 2023 تجاوزت قدرة الطاقة المتجددة في الصين قدرة الطاقة المركبة وذلك لأول مرة في التاريخ، كما ساعدت صادرات الصين من منتجات طاقة الرياح والطاقة الكهروضوئية الدول الأخرى على تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمقدار حوالي 810 ملايين طن في عام 2023.

إن انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية مرة أخرى من اتفاقية باريس للمناخ، عبارة عن "انتكاسة" للجهود العالمية لمواجهة المخاطر المناخية التي تهدد شعوب العالم، وهذا الانسحاب له تداعيات كبيرة ومعقدة لا تهدد الولايات المتحدة فقط، بل تضر بمصالح بقية دول العالم، وذلك إثر غياب أكبر مصدر للانبعاثات في العالم عن الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ للمرة الثانية خلال عقد.


_______________

الآراء الواردة في المقال تعكس آراء الكاتب فحسب، وليس الشبكة


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号