16 يناير 2025 / شبكة الصين / حظي التطبيق الصيني "شياو هونغ شو" للتواصل الاجتماعي بإقبال قياسي في الولايات المتحدة مؤخرا، وتدفق عدد كبير من مستخدمي تيك توك الأمريكيين الذين أطلقوا على أنفسهم "لاجئو تيك توك" إلي التطبيق البديل ليصبح الأكثر تحميلا في الولايات المتحدة. وخلال يوم 12 يناير الجاري وحده، تجاوز عدد المنشورات المرفقة بوسم "لاجئو تيك توك" على التطبيق الصيني المذكور 80 ألفا، وارتفع عدد مرات تصفحه ليصل إلى 44 مليونا.

وبينما اكتسب التطبيق شعبية واسعة بين مستخدمي الإنترنت الأمريكيين بشكل مفاجئ، جرت في 10 يناير الجاري مناقشات استغرقت ساعتين ونصف الساعة في المحكمة العليا الأمريكية بشأن قانون يهدد بفرض حظر على تيك توك وإجبار مالكه على بيعه. وفي مارس العام الماضي، أقرت الإدارة الأمريكية، بذريعة ما وصفته بـ"الأمن القومي"، مشروع قانون يمكنه أن يؤدي إلى حظر استخدام التطبيق بالولايات المتحدة في حال لم يقطع علاقاته مع شركة "بايت دانس" الصينية قبل 19 يناير 2025. ورغم رفع شركة تيك توك دعوى قضائية ضد الإدارة الأمريكية بعد ذلك لوقف تنفيذ المشروع، فمن المرجح أن تكون المناقشات التي جرت بالمحكمة العليا الأمريكية في 10 يناير الجاري الفرصة الأخيرة لشركة تيك توك للدفاع عن نفسها قبل إصدار الحكم. ولكن من المؤسف أن طلب الشركة لم يؤيده بشكل صريح إلا واحد من أصل 9 قضاة في المحكمة، ويبدو أن الوضع لا يدعو للتفاؤل.

ومنذ إطلاق منصة تيك توك في الولايات المتحدة عام 2018، نمت على مدى 7 سنوات بشكل سريع لتصبح منصة رئيسية للتواصل الاجتماعي تتمتع بشهرة كبيرة مثل فيسبوك وإنستغرام وأكس. وحتى نهاية عام 2024، يُقدر عدد مستخدمي المنصة النشطين في الولايات المتحدة بـ170 مليون، ويشكل ذلك قرابة نصف إجمالي عدد سكان البلاد. وبالنسبة إلى الجماهير الأمريكية البالغ عددها مئات الملايين، فقد أصبحت منصة تيك توك للتواصل الاجتماعي جزءا من حياتهم، حيث يمكنهم تقاسم أزيائهم اليومية المتناسقة واللحظات المضحكة والظريفة لحيواناتهم الأليفة البريئة عليها. وعلاوة على ذلك، خلقت المنصة فرص عمل لأكثر من 700 شركة أمريكية صغيرة ومتوسطة و224 ألف شخص، وأسهمت بـ24.2 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الأمريكي عام 2023، حسب تقرير صادر عن جامعة أكسفورد. ولذلك، أعرب أكثر من نصف مستخدمي تيك توك الأمريكيين عن معارضتهم بشكل واضح لإقرار الإدارة الأمريكية مشروع القانون بشأن حظر استخدام المنصة.

وانتقد أحد مستخدمي الإنترنت الأمريكيين باسم "لاجئ تيك توك" في مقطع فيديو نشره على تطبيق "شياو هونغ شو" قرار الإدارة الأمريكية قائلا إنه لا يصدق مزاعم الحكومة الأمريكية بحظرها تيك توك لأسباب متعلقة بـ"الأمن القومي"، بل هدفها الحقيقي هو السيطرة على الوسائل الإعلامية. وإذا نجحت في نهب تيك توك، فسيشكل ذلك سابقة رهيبة. وانطلاقا من هذا، يسهل علينا فهم لماذا يتدفق عدد كبير من "لاجئي تيك توك" إلى التطبيق الصيني بدلا من فيسبوك أو إنستغرام وغيرهما من منصات التواصل الاجتماعي الأمريكية.

وأظهرت نتائج استطلاع للرأي العام نشرها مركز بيو للأبحاث في يونيو الماضي أن 22% من الشعب الأمريكي فقط يصدق أن حكومته تفعل الشيء الصحيح، وأعرب نحو 55% من المشاركين في الاستطلاع عن شكوكهم في نزاهة النظام القضائي بالبلاد.

وفي الحقيقة فإن هجرة مستخدمي تيك توك إلى التطبيق الصيني البديل، بقدرما وُصفت بـ"طلب اللجوء" في العالم الافتراضي، فهي تمثل إصدار الشعب الأمريكي بأفعال ملموسة حكمه على مشروع القانون. والأسئلة المطروحة هي هل تهدد منصة تيك توك الأمن القومي الأمريكي؟ هل ينتهك حظر تيك توك حرية التعبير؟ يبدو أن الأجوبة عن هذه الأسئلة واضحة أمام الشعب الأمريكي، مهما بذل الساسة والمحكمة العليا في الولايات المتحدة من جهود كبيرة لتقديم تأويل واه. وفي حال إغلاق الإدارة الأمريكية أبواب الولايات المتحدة أمام تيك توك في 19 يناير الجاري، فلن تفقد الأخيرة منصة للتواصل الاجتماعي فحسب، بل تخسر الأولى تأييد مئات الملايين من المواطنين الأمريكيين.

وتعودت الولايات المتحدة على قمع الشركات الأجنبية وإقصائها بذريعة "الأمن القومي"، ولكن في الحقيقة فإن الشعب الأمريكي هو ضحية للسياسات الحمائية التي تتبناها واشنطن. واليوم، أطلق "لاجئو تيك توك" بأفعالهم الملموسة صوتا لحماية تيك توك وحرية التعبير، فهل سمعه الساسة الذين وصفوا أنفسهم بـ"الممثلين لإرادة الشعب"؟