بيروت 14 يناير 2025 (شينخوا) تعهد رئيس الوزراء المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية نواف سلام اليوم (الثلاثاء) ببدء "فصل جديد في البلاد يقوم على تحقيق العدالة والأمن والتقدم والفرص".

جاء ذلك في تصريح أدلى به سلام للصحفيين في القصر الرئاسي أعقب اجتماعا ثلاثيا مع رئيس البلاد العماد جوزاف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، حيث كان وجود سلام خارج لبنان قد حال دون انعقاد هذا الاجتماع يوم أمس (الاثنين) لتبليغه التكليف رسميا.

وكانت الرئاسة اللبنانية أعلنت أمس أن الرئيس عون كلف سلام بتشكيل الحكومة المقبلة بعد انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة التي أسفرت عن نيله أصوات 84 نائبا مقابل 9 لصالح نجيب ميقاتي، و35 لا تسمية.

وقال سلام اعتبر التكليف "دعوة للعمل لتحقيق تطلعات المواطنين، ولا سيما الشابات والشباب في التغيير وبناء دولة عادلة قوية حديثة ومدنية نستحقها جميعا".

وأضاف "بعد المعاناة والآلام بسبب العدوان الإسرائيلي الهمجي الأخير على لبنان، وبسبب أسوأ أزمة اقتصادية وسياسات مالية أفقرت اللبنانيين، آن الأوان لنقول حان الوقت لبدء فصل جديد نريده متجذرا بالعدالة والأمن والتقدم والفرص ليكون لبنان بلد المواطنين الأحرار المتساوين بالحقوق والواجبات".

وقال "من أهم التحديات التي ستواجه الحكومة المقبلة التصدي لنتائج العدوان الإسرائيلي الأخير".

ومنذ 27 نوفمبر الماضي يسري اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان وضع حدا للمواجهات التي نشبت بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله في 8 أكتوبر 2023 على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة وتصاعدت في 23 سبتمبر الماضي.

وأشار إلى أن "إعادة الإعمار التزام يتطلب العمل الجاد على التنفيذ الكامل للقرار الأممي 1701 وكافة بنود اتفاق وقف إطلاق النار، وفرض الانسحاب الكامل للعدو من آخر شبر في لبنان فلا أمن ولا استقرار لبلادنا دون ذلك".

ودعا إلى "العمل على بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها بواسطة قواها الذاتية كما جاء حرفيا في اتفاق الطائف".

وكان "اتفاق الطائف" لعام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية ( 1975 / 1990) بين الأطراف المتنازعة في لبنان برعاية سعودية قد نص على "نزع سلاح جميع الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية"، إلا أن "حزب الله" كان تمكن من الاحتفاظ بسلاحه حينها بوصفه "مقاومة" للاحتلال الإسرائيلي للأراضي اللبنانية وليس ميليشيا.

وقال سلام "بالنسبة إلى الأزمة المالية والاقتصادية المستمرة، سيكون على الحكومة التي سأعمل على تشكيلها وضع برنامج متكامل لبناء اقتصاد حديث ومنتج يرتكز على تحفيز نمو شامل ومستدام، وعلى تأمين فرص العمل للأجيال الطالعة".

ورأى أن "الأساس في الإصلاحات السياسية التي طال انتظارها هو العمل في آن واحد على تنفيذ أحكام اتفاق الطائف التي لم تنفذ بعد، وعلى تصحيح ما نفذ منه خلافا لنصه أو روحه، وعلى سد ثغراته".

وأكد أهمية "تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة ووجود سلطة قضائية مستقلة ومؤسسات أمنية فاعلة".

ورأى أن "التجربة علمتنا أن الرهان الصحيح الوحيد على وحدتنا وعلى تعاوننا ، فلنراهن على بعضنا البعض ولنراهن على بناء المؤسسات القوية.. لقد ضيعنا الكثير من الفرص لبناء الدولة السيدة المدنية المستقلة".

وفي رسالة غير مباشرة لحزب الله بعد تصريحات رئيس كتلته البرلمانية محمد رعد يوم أمس، قال سلام "بفطرتي وتكويني وممارستي السياسية لست من أهل الإقصاء بل من أهل الوحدة ، ولست من أهل الاستبعاد بل من أهل التفاهم والشراكة الوطنية ، وهذه دعوتي الصادقة، ويداي الاثنان ممدودتان إلى الجميع للانطلاق سويا في مهمة الإنقاذ والإصلاح وإعادة الإعمار".

وكان رعد قد صرح أمس من القصر الرئاسي بعد حصول نواف سلام على الأغلبية لمنصب رئاسة الوزراء "نعرب عن أسفنا لمن يريد أن يخدش إطلالة عهد الرئيس عون التوافقية، حيث مرة جديدة يكمن البعض من أجل التفكيك والتقسيم والشرذمة والإلغاء والإقصاء تعنتا وكيدية وتربصا".

وأضاف سلام " في ممارستي لمهمتي الجديدة سأحرص على الا يشعر مواطن واحد بغبن أو تهميش أو إبعاد ، تطلعاتنا كبيرة ولن نساوم عليها ... سأبدأ بالعمل فورا بالتعاون الكامل مع الرئيس عون وأملي كبير بأن نطلق معا ورشة بناء لبنان الجديد".

وقد شرع سلام بعد الاجتماع مع الرئيس عون بالقيام بالزيارات التقليدية لرؤساء الوزراء السابقين في حين سيجري يجري غدا وبعد غد ، وفق الإعلام الرسمي ، في مقر البرلمان في وسط بيروت الاستشارات النيابية غير الملزمة حول شكل الحكومة وطبيعتها ومطالب الكتل البرلمانية على صعيد تمثيلها في الحكومة.

ويعقب تشكيل الحكومة إعلان بيانها الوزاري الذي ستتقدم به لنيل ثقة البرلمان على أساسه ، مما يعتبر خطوات أساسية لإعادة انتظام المؤسسات الدستورية في البلاد ، عقب شغور سدة الرئاسة لمدة 26 شهرا تولت خلالها حكومة تصريف أعمال مستقيلة صلاحيات الرئاسة وإدارة شؤون البلاد وسط أزمة وانهيار اقتصادي في البلاد منذ العام 2019.