arabic.china.org.cn | 27. 12. 2024 |
صنعاء 27 ديسمبر 2024 (شينخوا) يودع اليمن عاما آخر من الأزمات كان عنوانه الأبرز التصعيد في البحر الأحمر ضمن تداعيات حرب غزة، حاملا معه تعقيدات جديدة للمشهد في هذا البلد الذي أنهكه صراع دام اندلع قبل عشر سنوات وما تزال جهود تسويته سياسيا تراوح مكانها.
وقبل نهاية 2024 بأيام قليلة، تحولت الأنظار صوب اليمن بعدما شنت إسرائيل هجوما جديدا في 26 ديسمبر الجاري على أهداف للحوثيين في خضم المواجهة المباشرة بين الجانبين منذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023.
وكانت هذه هي المرة الرابعة التي تنفذ فيها إسرائيل ضربات ضد الحوثيين، طالت العاصمة صنعاء بما فيها المطار الدولي، بعد استمرار الجماعة اليمنية المسلحة في إطلاق صواريخ ومسيرات باتجاهها.
وجاء الهجوم بعد أسبوع من قصف شنته إسرائيل على أهداف للحوثيين عقب استهدافها بصاروخ أطلق من اليمن، تلتها غارات أمريكية قالت واشنطن إنها لـ"تعطيل وإضعاف" عمليات الحوثيين بما في ذلك هجماتهم ضد السفن في البحر.
وخلال العام الجاري، شن الحوثيون بانتظام هجمات في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن والمحيط الهندي ضد سفن يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل، وتوسعت دائرة الاستهداف لتشمل سفنا أمريكية وبريطانية.
ويقول الحوثيون إن هجماتهم تأتي "دعما" للفلسطينيين في غزة، حيث تدور رحى حرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ أكتوبر 2023.
وعرقلت هذه الهجمات المستمرة انسياب حركة سفن الشحن البحري في هذه المنطقة الإستراتيجية، واستدعت تحركا عسكريا لمواجهتها.
-- عسكرة البحر الأحمر
وتحول البحر الأحمر إلى نقطة ساخنة على مدار العام مع تصاعد التوترات في المنطقة.
واستمر الحوثيون في شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة والزوارق المفخخة، تقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها وتلك السفن التي تبحر إلى موانئ إسرائيل.
وبجانب ذلك، واصل الحوثيون إطلاق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل والسفن الأمريكية والبريطانية العسكرية منها والتجارية انطلاقا من مناطق سيطرتهم في اليمن.
وتشير أحدث إحصائية للحوثيين إلى أن إجمالي السفن المستهدفة بلغ 211 سفينة، منذ بدء العمليات البحرية في نوفمبر من العام الفائت.
وقال الباحث اليمني في الشؤون الإستراتيجية مصطفى ناجي الجبزي لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الهجمات البحرية أثرت بشكل مباشر على أمن البحر الأحمر، ونقلت النزاع في اليمن من صراع محلي إلى صراع يندرج ضمن المخاطر الأمنية الدولية.
وأرسلت الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي قطعا عسكرية متعددة المهام على خلفية التهديدات ضد سفن الشحن الدولي المارة عبر هذا الممر المائي بالغ الأهمية للتجارة العالمية.
ومنذ 12 يناير الفائت، تشن الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات جوية وقصفا من البحر ضد أهداف واسعة للحوثيين في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة في الشمال اليمني ردا على عملياتها العسكرية في البحر الأحمر.
كما شنت إسرائيل ضربات مميتة على اليمن في يوليو وسبتمبر الماضيين، واستهدفت في 19 ديسمبر الجاري العاصمة صنعاء للمرة الأولى، وموانئ ومنشآت حيوية في محافظة الحديدة الساحلية.
وفي الوقت الذي بدت فيه الضربات الأمريكية والبريطانية كعقاب للحوثيين على هجماتهم البحرية، فقد ألقى هذا الملف بظلاله على جهود السلام في اليمن الذي ما يزال يئن تحت وطأة تداعيات حرب بين القوات الحكومية والحوثيين منذ العام 2014 تعثرت مساع إقليمية ودولية عديدة في إيجاد تسوية لها.
-- تباطؤ وتيرة السلام
واستقبل اليمنيون العام 2024 بتطلعات للسلام بعد التوصل إلى خارطة طريق في نهاية العام الفائت تتضمن "تدابير" تشمل تنفيذ وقف إطلاق النار والانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية يمنية جامعة، إلا أن هذه الخطوة ظلت تراوح مكانها.
وأرجع المبعوث الأممي إلى اليمن هانس جروندبرج تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن وتقليص الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها إلى التصعيد العسكري القائم في البحر الأحمر.
واتهمت جماعة الحوثي، ولأكثر من مرة، أمريكا بالوقوف وراء تجميد خارطة الطريق وربط ملف السلام في اليمن بملف التصعيد في البحر الأحمر.
وقال المحلل السياسي اليمني مأرب الورد لـ ((شينخوا)) إن أمريكا، التي لديها مبعوث خاص لليمن كان على إطلاع بمسار مناقشات الخارطة، غيّرت موقفها من خطة السلام بسبب الهجمات، وربطت التوقيع عليها مقابل توقف الهجمات البحرية للحوثيين.
وأضاف أن "واشنطن ترهن السلام في اليمن بأمن إسرائيل"، في حين يتمسك الحوثيون بعدم وقف عملياتهم البحرية قبل وقف الحرب في غزة، الأمر الذي عقّد المشهد السياسي برمته في اليمن.
وأشار الورد إلى أن المضي في خارطة الطريق للحل السياسي في اليمن بحاجة إلى تسوية بين اللاعبين الدوليين وحلحلة المشكلات في المنطقة.
فيما رأت أستاذة العلوم السياسية في جامعة صنعاء الدكتورة بلقيس أبو أصبع لـ ((شينخوا)) أن الصراع اليمني أصبح مرتبطا الآن بصراعات إقليمية ودولية أوسع، مثل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والتنافس بين القوى الكبرى في المنطقة.
ولذلك، تعتقد الدكتورة بلقيس أن "هذا التعقيد يجعل من الصعب على الأطراف اليمنية التوصل إلى حلول وسط، إذ أصبحت القضية تتجاوز المطالب المحلية إلى أجندات إقليمية ودولية".
وبدلا من التركيز عن حلول لإيقاف الحرب أصبح هم المجتمع الدولي يتمثل في كيفية إيقاف هجمات الحوثيين وتأمين الملاحة البحرية في هذه المنطقة المهمة من العالم، بحسب الأكاديمية اليمنية.
ولم تقتصر أزمة البحر الأحمر على الصراع العسكري فقط، بل امتدت تداعياتها لتلقي بظلالها أيضا على الأوضاع الاقتصادية في اليمن الذي يعاني من "أسوأ أزمة إنسانية في العالم" جراء سنوات الحرب، بحسب التقديرات الأممية.
-- واقع اقتصادي وإنساني صعب
وأثرت أزمة البحر الأحمر على تدفق السلع الأساسية إلى اليمن في وقت استمرت فيه الأوضاع الاقتصادية والإنسانية بالتدهور بسبب النزاع القائم في هذا البلد.
وقال البنك الدولي في تقرير حديث إن انعدام الأمن في البحر الأحمر كان له تأثير مباشر على توافر الغذاء، إذ أدت الصراعات البحرية إلى تقييد تدفق المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى اليمن.
وأكدت تقارير رسمية حكومية أن اليمن واجه خلال العام 2024، تحديات جراء انعدام الأمن الغذائي، كما تأثر بانخفاض الدعم والمساعدات الإنسانية الدولية، بالإضافة إلى ما يعانيه هذا البلد من تداعيات التغيرات المناخية السلبية على القطاعين الزراعي والسمكي.
وبفعل النزاع المستمر في اليمن منذ عقد من الزمن، تفاقمت الأزمة الاقتصادية خلال العام الجاري، ووصل التضخم إلى مستويات عالية.
وتهاوي سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية وتجاوز سعر صرف الدولار الأمريكي الواحد في مناطق سيطرة الحكومة حاجز الـ2000 ريال يمني. وكان سعر الدولار في العام الماضي عند حدود الـ1550 ريالا في حين كان سعر صرف الدولار الواحد 215 ريالا قبل بدء الحرب في البلاد في مارس 2015.
ومع التدهور القياسي للعملة، ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني، فيما فشلت الأطراف اليمنية في الالتزام بدفع رواتب ومعاشات العاملين في القطاع العام.
وتعرض القطاع المصرفي اليمني خلال العام لاهتزازات كبيرة، على خلفية صك الحوثيين عملة معدنية جديدة للتداول في مناطق سيطرتهم، وإيقاف الحكومة التعامل مع عدة بنوك تجارية كبيرة وشركات صرافة في مناطق سيطرة الحوثيين، إلا أن جهودا إقليمية تمكنت من "خفض التصعيد" الاقتصادي بينهما.
وعلاوة على ذلك، ظل اليمن يعاني وضعا إنسانيا في غاية التعقيد جراء النزاع المستمر بين الحكومة وجماعة الحوثي.
وتشير التقديرات الأممية إلى أن معظم سكان اليمن بحاجة إلى نوع من أنواع الحماية، وهناك 9.8 مليون طفل في اليمن بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، فيما يعيش أكثر من 4 ملايين يمني في مخيمات النزوح.
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |