arabic.china.org.cn | 26. 12. 2024 |
غزة 26 ديسمبر 2024 (شينخوا) بينما يوشك العام 2024 على الانتهاء، ما تزال تداعيات الحرب الدامية في قطاع غزة تلقي بظلالها الكئيبة على المنطقة، فقد شهد هذا العام تصعيدا غير مسبوق في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
-- فتيل الحرب
فاجأت هجمات 7 أكتوبر 2023 التي قادتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد إسرائيل، وكشفت عن ثغرات في جاهزيتها الأمنية ورغم ذلك، استغلت الأخيرة الموقف وأعلنت حالة الحرب لأول مرة منذ 50 عاما لتحقيق مكاسب سياسية على الأرض.
وأدت الحرب المستمرة حتى الآن إلى مقتل أكثر من 45 ألف فلسطيني وفقدان آثار آلاف آخرين فضلا عن تدمير هائل في المنازل والبني التحتية في القطاع، ردًا على قتل عناصر من حماس ما يقارب 1200 إسرائيلي واختطاف 250 آخرين.
وتقول منظمات أممية ودولية إن الحرب الإسرائيلية جعلت قطاع غزة غير قابل للحياة وسط تفشي المجاعة في شمال القطاع وانتشار الأمراض والأوبئة بين السكان المحليين في ظل انعدام أي أفاق لحل سياسي ينهي "الكارثة الإنسانية".
في موازاة الحرب على غزة، تشهد قرى ومدن الضفة الغربية تصعيدا عسكريا حيث يواصل الجيش الإسرائيلي شن عمليات عسكرية ضد نشطاء فلسطينيين شاركوا أو خططوا لعمليات ضد إسرائيل حيث قتل أكثر من 800 فلسطيني وأصاب ما يزيد عن 6000 آخرين، وفق إحصائيات رسمية فلسطينية، في المقابل، تزايدت هجمات الطعن والدهس وإطلاق النار من قبل المسلحين الفلسطينيين ضد الإسرائيليين لتصل إلى 5000 هجوم أدى إلى مقتل حوالي 38 إسرائيليا بينهم 12 جنديا وإصابة 285 آخرين، وفق ما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أخيرا.
-- تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن
على عكس توقعات حماس فقد أتت الرياح بما لا تشتهي السفن حيث إنها لم تتكبد خسائر باهظة عبر سلسلة الاغتيالات التي طالت قادة الصف الأول والثاني والثالث بدءا من اغتيال رئيس حركة حماس إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري ويحيى السنوار، ومحمد الضيف، ومروان عيسى، وغيرهم إلا أن تداعيات الحرب الدامية القت بظلالها الكئيبة على المنطقة.
حيث تمكنت إسرائيل من تحييد حزب الله اللبناني الذي دخل في المواجهة مع إسرائيل منذ اليوم الثاني للحرب وذلك بخوض حرب ضد الجنوب اللبناني واسعة النطاق مما أدى إلى اغتيال زعيم الحزب حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين وعدد كبير من قادة الحزب.
وبسبب الهجوم البري والجوي واسع النطاق على لبنان توصلت إسرائيل وحزب الله إلى هدنة إنسانية لمدة 60 يوما على أن تستكمل المفاوضات لوقف إطلاق النار وصياغة اتفاق جديد يحول دون استمرار الحرب بين البلدين.
وكان لسقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا وسيطرة الفصائل المسلحة على البلاد تأثيرها الواضح والمباشر في الوضع على غزة خاصة وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتهم الأسد بأنه موال لحماس وإيران وأنه "يلعب بالنار".
لكن ما زالت إسرائيل تواجه خطر هجمات الصواريخ الباليستية من قبل جماعة الحوثي في اليمن، ما عرّض العمق الإسرائيلي للخطر، إضافة إلى أن الهجمات على السفن التجارية في البحر تؤثر على التجارة العالمية التي تغذي إسرائيل.
-- شرق أوسط جديد
ويقول مدير المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات (مسارات) هاني المصري إنه على الرغم من أن السابع من أكتوبر شكل إخفاقًا إستراتيجيًا لإسرائيل، إلا أن نتائجه الحالية تثبت أنه جاء بوقت ليس مناسبا للفلسطينيين فهم ليسوا قادرين على الحسم.
وقال المصري لوكالة أنباء ((شينخوا)) "هذه هي الفرصة الذهبية بالنسبة لإسرائيل وأمريكا من أجل تشكيل شرق أوسط جديد يتماشى مع الهيمنة الاستعمارية الأمريكية - الإسرائيلية حتى وإن كان الثمن هو عشرات الآلاف من الضحايا الفلسطينيين وأنقاض قطاع غزة بشكل كامل".
وتابع "يمكننا القول حاليا إن نتنياهو يسعى بالفعل لتغيير الشرق الأوسط بدءا من غزة، ويسعى إلى استكمال التغيير، مع تزايد التهديد بإمكانية مهاجمة إيران لضرب المفاعل النووي، ومواصلة حرب الإبادة الجماعية في غزة، والشروع في ضم الضفة".
ويرى المصري أن نتنياهو يدرك أن التغيرات في الشرق الأوسط الذي يطمع لها لا يتحقق إلا من خلال تهميش القضية الفلسطينية وعلى حسابها، وان لا تعد القضية المركزية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي مصطفى أبو السعود لـ((شينخوا)) إن نتنياهو يهدف مع نهاية الحرب إلى إعادة تشكيل الشرق الأوسط وفق رؤيته الخاصة، والتي تقوم على تهميش القضية الفلسطينية، وإضعاف محور المقاومة وربما تفكيكه للأبد من خلال توجيه ضربة عسكرية مركزة بدعم من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى إيران.
-- هدنة وشيكة
وبينما تتسارع الأحداث في المنطقة، يبدو أن عجلة الزمن قد توقفت في الأراضي الفلسطينية فما زال الجيش الإسرائيلي يواصل هجماته العسكرية على قطاع غزة ويوقع المزيد من الضحايا ويقتل عناصر فاعلة في حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة ويسدد ضربات بين الفينة والأخرى في الضفة الغربية دون توقف، وهو ما دفع الجميع للحصول على هدنة إنسانية وقبول ما لم يتم قبوله بالسابق.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني إنه على مدار أكثر من عام، رفعت حماس مطالبها الأساسية لقبول وقف إطلاق النار في غزة وهي وقف الحرب بشكل نهائي في غزة وانسحاب الجيش الإسرائيلي والسماح بعودة النازحين وإعادة إعمار غزة ورفع الحصار وتبادل أسرى حقيقي.
وأضاف أنه في كل مرة، كان يعرقل نتنياهو أي اتفاق ويزيد من الضغوط العسكرية في غزة وهو ما ضاعف معاناة الفلسطينيين وهو ما أصبح يشكل ضغطا حقيقيا على حماس ويجبرها على إبداء "مرونة" في موقفها من أجل التوصل إلى هدنة.
ويقول الدجني لـ((شينخوا)) "سلسلة المتغيرات في الشرق الأوسط أصبحت الآن تدعم حدوث هدنة في قطاع غزة، ولكنها لن تنهي معاناة أكثر من مليوني فلسطيني بسهولة لذلك من المهم توحيد الجهود الدولية والعربية والفلسطينية من أجل تخفيف ويلات الحرب الكارثية عن السكان".
ويضيف "نحن أمام مرحلة فاصلة في التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، ولكن يجب على الفلسطينيين أن يستعيدوا قوتهم الداخلية من أجل مواجهة المشروع الإسرائيلي في تغيير معالم الوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية".
-- الوحدة طوق نجاة الفلسطينيين
يتفق كل من الدجني والمصري وأبو السعود أن الحرب أضعفت كل من حماس في غزة وفتح في الضفة الغربية وهو ما يستدعي ضرورة أن يتحد الطرفان من أجل التوصل إلى صيغة موحدة للتعامل مع الوضع الكارثي في الأراضي الفلسطينية في اليوم التالي للحرب وفي ظل انشغال العالم العربي باهتماماته الداخلية في هذه المرحلة.
ويقول المصري إنه من الممكن هزيمة "المخطط الإسرائيلي - الأمريكي الاستعماري" من خلال تبني كل من فتح وحماس خطابا موحدا مبنيا على المطالبة بالحقوق بدلا من خطاب حل الدولتين خاصة في ظل "التغييب الإسرائيلي الكامل للحقوق الفلسطينية".
ويضيف "كل ما سبق لا بد أن يستند وينطلق من التمسك بوحدة القضية والأرض والشعب، وبالرواية التاريخية والحل الجذري الشامل بوصفه هدفًا نهائيًّا".
من جانبه، شدد الدجني على أن استعادة الوحدة الوطنية بين حماس وفتح هو "طوق النجاة الحقيقي للفلسطينيين من اي تغييرات قادمة".
بينما يرى أبو السعود أن الفلسطينيين حتى بعد توقف الحرب سيكونون أمام تحديات كبيرة في ظل التغيرات الإقليمية والدولية، ويجب عليهم توحيد صفوفهم لمواجهة هذه التحديات وإلا سيكون سهلا على إسرائيل وأمريكا تعليق حل ملف القضية الفلسطينية لعقود مقبلة".
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |