share
arabic.china.org.cn | 17. 12. 2024

مقالة خاصة: الحيوانات الضالة تبحث عن طعامها بين جثث الفلسطينيين المتكدسة في شوارع غزة

arabic.china.org.cn / 21:56:35 2024-12-17

غزة 17 ديسمبر 2024 (شينخوا) كما لو أنها مدينة أشباح، بدت بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة خالية من سكانها بعدما أجبر الجيش الإسرائيلي غالبيتهم على النزوح منها قسرا جراء عمليته العسكرية المتواصلة للشهر الثالث على التوالي.

وتحولت البلدة التي كانت تشتهر بأراضيها الزراعية الخضراء إلى منطقة قاحلة لا حياة فيها ولا مكان للنجاة من الموت بفعل تلك العملية، التي يدعي الجيش الإسرائيلي بأنها تهدف لتقويض قدرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من إعادة بناء قوتها العسكرية والحكم.

وخلت الشوارع من المارة وأٌغلقت بركام آلاف المنازل التي دمرتها الطائرات الإسرائيلية، فيما سكنتها مئات الحيوانات الضالة التي تتنقل بين أزقتها لتبحث عن طعامها بين جثث من الفلسطينيين الذين قتلوا في هجمات ولم يتمكن أحد من انتشالهم.

"قبل 14 شهرا، كانت البلدة تعج بسكانها وتتزاحم السيارات فيها وتنبض بالحياة، لكن حاليا كل شيء مات ولم يعد فيها سوى الذكريات وهذه الجثث المتكدسة ورائحة الموت التي تحيط بنا في كل مكان" بصوت مرتجف بدأ فايق عوض الله أحد سكان البلدة حديثه مع وكالة أنباء ((شينخوا)).

وعلى وقع صوت رصاص الجيش الإسرائيلي الكثيف يتنقل عوض الله وهو أب لخمسة أبناء بحذر بين البيوت المدمرة، بالبلدة محاولا الوصول إلى منزله وتفقده بعد الهجمات الإسرائيلية المتواصلة منذ الخامس من أكتوبر الماضي.

ويقول عوض الله (42 عاما) "صعقت وأنا اتنقل بين الشوارع وأقفز من ركام منزل إلى آخر بمجموعة من الكلاب وهي تجر جثة فلسطيني ملقاة على الأرض وكل كلب يحصل على جزء منه وكأنه قطعة من الكعكة يتم تقسيمها بينهم".

ويضيف الرجل وهو من بين أعداد قليلة رفضت الخروج من البلدة وفقا لأوامر الجيش الإسرائيلي "معظم القتلى ملقون في الشوارع ولا يوجد من ينقلهم إلى المستشفى أو حتى دفنهم بسبب توقف عمل الخدمات الطبية والدفاع المدني".

ومنذ الخامس من أكتوبر الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية برية جوية في منطقة شمال القطاع وتحديدا مدينة جباليا ومخيمها وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون المجاورتين.

وتقول إسرائيل إن العملية تأتي لمنع حماس من إعادة ترتيب صفوفها، في حين يقول الفلسطينيون إنها لإجبارهم على الهجرة قسرا وإعادة الاستيطان إلى شمال القطاع.

وعمل الجيش الإسرائيلي على استهداف الطواقم الطبية والدفاع المدني والإغاثة، مما جعل منطقة شمال القطاع "منكوبة" وأخرج المستشفيات وجهاز الدفاع المدني عن الخدمة، بحسب إسماعيل ثوابتة مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وقال ثوابتة لـ((شينخوا)) إن أكثر من 4 آلاف فلسطيني قتلوا منذ بدء العملية، مشيرا إلى أن عشرات الجثث ما زالت ملقاة في الشوارع بسبب منع الجيش الإسرائيلي الطواقم الطبية من الوصول إليها.

وأضاف أن ذلك جعل الكلاب الضالة "تنهش في جثامين" الضحايا التي تحولت إلى عظام متناثرة غير معروفة الأسماء في الشوارع والطرقات.

ولم يتخيل الشاب حسني العسلي من سكان البلدة ولا حتى في كوابيس أحلامه أن يسير فوق جثث قتلى ملقاة في الشوارع وذلك بعدما أجبره الجيش الإسرائيلي على النزوح من مستشفى كمال عدوان قبل أسابيع.

ويستذكر العسلي في حديثه مع ((شينخوا)) "في البداية تجمدت في مكاني كما لو أن قدماي لم تعد لهما القدرة على حملي أو السير لخطوة واحدة (...) لكن الجيش أطلق النار تجاهنا فحاولت الهرب مع النازحين لمكان آخر".

وبعد ساعة من السير على الأقدام، وصل العسلي أخيرا إلى أحد الأزقة التي تبدو نوعا ما بعيدة عن الاشتباكات، إلا أن مشهد تراكض الحيوانات الضالة من الكلاب والقطط نحو جثث رجال ونساء ملقاة في الشوارع أرعبه.

ويقول "نحن نعيش في رعب طوال الوقت والموت يحاصرنا في كل مكان فإن لم نمت من القصف فسنموت من الخوف الذي يطاردنا دون أي راحة (...) كيف لي أن أنسى مشهد الكلب الذي كان يحمل بين أنيابه يد شخص ويركض بها أو حتى ذلك الكلب الذي كان ينهش رأس طفل صغير ملقى على الأرض".

وفي مدينة غزة، وصل حاتم نصار قبل أيام مع عائلته نازحا من مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين شمال القطاع بعد أن قضى عدة أيام بدون طعام أو ماء.

وقال نصار (35 عاما) وأب لثلاثة أبناء لـ((شينخوا)) إن البقاء بدون طعام أو ماء ليس هو الشيء المخيف، إنما أن تضطر تهرب في الليل على وقع القصف وتسير على أعداد غير معروفة من الجثث تحت قدميك.

ويضيف أنه كان يسمع صوت تكسر بعض عظام الجثث تحت قدميه أثناء هروبه، وأنه اضطر أن يضع قماشة على أنفه ليستطيع السير بين الجثث بسبب الرائحة القوية التي تنبعث منها.

وحذرت وزارة الصحة في غزة من حدوث كارثة في حال استمرار هذا الوضع، فيما قال الدفاع المدني إن "جثث الضحايا تملأ شوارع قطاع غزة وهو ما ينذر بكارثة صحية".

وفي هذا الصدد، اعتبر تامر النجار الخبير البيئي في تصريح لـ((شينخوا)) أن تراكم الجثث في الشوارع "ينذر بكارثة صحية وكذلك بيئية" على حد سواء.

وقال النجار إنه ينتج عن تحلل الجثث "انبعاث غازات ومواد كيماوية سامة تنتشر في الجو وتصيب الانسان والكائنات الحية الأخرى بأمراض خطيرة".

/نهاية الخبر/

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号