arabic.china.org.cn | 17. 12. 2024 |
بقلم: الأستاذ وانغ جين*
17 ديسمبر 2024 / شبكة الصين / ساد اعتقاد لدى الرأي العام أن تركيا أكبر فائز من تغيير الخريطة السياسية في سوريا، وبعد صعود فصائل المعارضة المسلحة السورية المدعومة من تركيا إلى السلطة، يتفوق تأثير الأخيرة في الوضع السياسي بسوريا على ما تتمتع به إيران وروسيا.
وظلت تركيا، بوصفها أحد أكبر جهة توفر دعما مستقرا لفصائل المعارضة المسلحة السورية على المدى الطويل، تتمتع بقدر كبير نسبيا من قوة التأثير على الأخيرة. وبعد عام 2018، تشكلت معادلة التوازن بين روسيا وتركيا وإيران بشأن قضية سوريا. ولكن مع صعود المعارضة المسلحة إلى السلطة، اختلت هذه المعادلة، وتفككت آليات دولية ومتعددة الأطراف لتنسيق قضية سوريا تدريجيا، حيث أصبحت تركيا أهم قوة خارجية تؤثر في قضية سوريا. ورغم أن تركيا يبدو كسبها المصالح الاستراتيجية في هذا التغيير، ولكن تكمن فيه تحديات خطيرة.
أولا، تحتاج تركيا إلى العمل على تحقيق التوازن بين مختلف الفصائل السورية. وشهدت فصائل المعارضة المسلحة العديدة تناقضات حادة، وبينها خلافات وانقسامات كبيرة بشأن تصميم الخريطة السياسية وتعزيز بنائها، يصعب تسويتها خلال فترة قصيرة. وفي الوقت الراهن، لا يوجد في سوريا مخطط سياسي موحد يمكن لجميع الأطراف قبوله، لذلك، تمثل كيفية التنسيق بين مختلف الفصائل السورية تحديات خطيرة تواجه تركيا في الوقت الراهن.
ثانيا، تحتاج تركيا إلى تقديم كمية كبيرة من المساعدات لإعادة إعمار سوريا. وتكمن الأسباب الجذرية وراء سقوط نظام الأسد في صعوبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية داخل سوريا. وتعاني المعارضة بعد صعودها إلى السلطة من الضائقة الاقتصادية نفسها. وتحتاج تركيا، بوصفها أكبر قوة خارجية تقدم دعما لفصائل المعارضة المسلحة السورية، إلى التنسيق بين التنمية الاقتصادية المحلية وتوفير كمية كبيرة من المساعدات لسوريا. وإذا لم تقدر على تقديم كمية كافية من المساعدات، قد يؤثر ذلك سلبا على العلاقات الاستراتيجية بين فصائل المعارضة المسلحة وتركيا.
ثالثا، تحتاج تركيا إلى معالجة القضية الكردية بشكل حذر. وظلت تركيا تنظر إلى المسلحين الأكراد في سوريا وحزب العمال الكردستاني على أنها منظمات إرهابية. ولكن، إذا أصرت تركيا على شن هجوم قوي على الأكراد، فمن المرجح إثارة شعورهم القومي، وتشويه سمعة الأولى في المجتمع الدولي.
وأخيرا، تحتاج تركيا إلى إتقان معالجة شواغل الأطراف الأخرى المتعلقة بقضية سوريا. وتأمل روسيا في إمكانية اتخاذ تركيا إجراءات ملموسة لحماية أمن قواعدها الجوية وسلامة عناصرها في سوريا، وحينما تولي إيران مزيدا من الأهمية لمصالح الشيعة والعمل المتعلق ببناء الممر الاستراتيجي في سوريا، سوف تفرض ضغوطا على تركيا عبر أساليب متنوعة. وإذا عالجت تركيا هذه القضايا بشكل غير حذر، قد يتسبب ذلك في تعميق التناقض بينها وبين القوى الخارجية الأخرى.
ولذلك، يبدو أن تركيا فائزة من تغيير الخريطة السياسية السورية على المدى القصير، وبالنظر إلى المدى الطويل، تواجه ضغوطا متزايدة. وينبغي لها التعامل مع هذه الأزمات والتحديات بشكل حذر، وإلا فمن الأرجح أن تحصد ما زرعت في قضية سوريا من العواقب.
_______________________
*الأستاذ وانغ جين يعمل مديرا لمركز دراسات إسرائيل التابع لجامعة شمال غرب
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة موقف موقع شبكة الصين الإخباري
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |