بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

16 ديسمبر 2024 / شبكة الصين / يُقام مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للصين سنويا، ويحظى بأهمية كبيرة داخل مختلف الأوساط الصينية، حيث يقوم المؤتمر بتحديد مسار العمل الاقتصادي للبلاد، وهو عبارة على "منصة اقتصادية" يتم من خلالها تحديد مختلف السياسات المالية والتجارية والاستثمارية للصين. كما يسعى المؤتمر إلى توجيه الاقتصاد الصيني وأهدافه وكيفية تحقيق التنمية المستدامة للبلاد، وتوضيح التحديات الاقتصادية، مع البحث في كيفية تخطي هذه الصعوبات وضخ المزيد من الثقة في الاقتصاد الصيني على المستوى المحلي والعالمي.

عقدت الصين مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي لعام 2024 في بكين خلال يومي 11 و12 ديسمبر، وقد وضع القادة والمسؤولون الصينيون أولويات الأعمال الاقتصادية للبلاد لعام 2025. وخلال المؤتمر الذي حضره الرئيس الصيني شي جين بينغ، وكبار المسؤولين، تم استعراض الأداء الاقتصادي للعام الجاري وتحليل الوضع الحالي، مع تقديم خطط العمل الاقتصادي للعام المقبل. ويُعتبر هذا العام حاسما في مسيرة أهداف الخطة الخمسية الـ14، وتحديد مدى التغلب على الصعوبات والتحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي، وقد شدد المؤتمر على أهمية الوحدة الوطنية واتباع الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر الجديد لتحقيق أداء اقتصادي جيد خلال العام المقبل.

أكد الاجتماع الذي حضره الرئيس الصيني شي جين بينغ والعديد من المسؤولين البارزين، على أنه بالرغم من "الوضع المعقد والصعب الناتج عن الضغوطات الخارجية المتزايدة والصعوبات الداخلية المتنامية"، استطاعت الصين تحقيق استقرارها العام كما حقق اقتصادها تقدما بشكل مطرد. وتطرق الاجتماع أيضا إلى سوق العقارات والأسهم في البلاد مع تعزيز تحفيز هذه المجالات لتحقيق المزيد من الانتعاش الاقتصادي. ومن بين أهم النقاط التي تداولها الاجتماع، السياسات الاقتصادية الجديدة خلال عام 2025، فالصين ستضع سياسات "استباقية" خاصة بالسياسات المالية والنقدية، من خلال إصدار سندات خزانة خاصة طويلة الأجل مع وضع سندات حكومية محلية بأهداف خاصة. وستعمد الصين سياسة نقدية ذات "توسع معتدل" مع انخفاض نسبة الاحتياطي الإلزامي وأسعار الفائدة لتحقيق السيولة الكافية، وتُعتبر هذه الخطوة مميزة خلال السنوات الأخيرة، حيث إنها نقلة نوعية للسياسة النقدية في البلاد من مستوى نقدي حذر إلى سياسة ذات اعتدال متوسع، وهي الخطة الأولى من نوعها في الصين منذ عام 2011.

أما بالنسبة لخطة البلاد الاقتصادية في عام 2025، فقد حدد المؤتمر أهم الأعمال الاقتصادية والتي تهتم بتسعة جوانب رئيسية إلا وهي: تحفيز الاستهلاك، وتطوير القوى الإنتاجية الجديدة عالية الجودة وبناء نظام صناعي حديث، وتفعيل الدور الدافع لإصلاح النظام الاقتصادي، وتعزيز الانفتاح عالي المستوى على الخارج، والوقاية من المخاطر في المجالات الرئيسية ومعالجتها، والدفع المخطط للحضرنة الجديدة والنهوض الشامل بالأرياف، وتنفيذ الاستراتيجيات الإقليمية، وتعزيز خفض انبعاثات الكربون والحد من التلوث والنمو الأخضر بشكل منسق، وتحسين سبل عيش الشعب وتعزيز الإحساس بالكسب والسعادة والأمان. كما أشار المؤتمر إلى ضرورة تعزيز الاستهلاك المحلي وتحسين كفاءة الاستثمار وتوسيع الاستهلاك المحلي، وتوفير الطلب الداخلي للمستهلكين، وكسب ثقة المزيد من المستثمرين في الصين. وشدد المؤتمر أيضا على أهمية تعزيز الانفتاح الاقتصادي والتبادل الدولي وخاصة عبر مبادرة "الحزام والطريق"، وذلك من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات الاقتصادية التي تعود بالنفع على الصين وعلى بقية دول العالم. 

يسعى مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي إلى تعزيز توجيه الاقتصاد الصيني نحو تحقيق تنمية مستدامة ومتوازنة بين مختلف المناطق الصينية، وتركيز الجهود على تعزيز الابتكار والتطوير لتحقيق الجودة العالية في مختلف المجالات ومواجهة التحديات، وستواصل الصين في عام 2025 العمل من أجل تحقيق المزيد من الإنجازات التي تساهم في تحسين جودة حياة الشعب وضمان النمو المتوازن والشامل، وذلك يُعزز مكانة الصين كقوة اقتصادية وبيئية عالمية تساهم في الاستقرار والتنمية الدولية.