share
arabic.china.org.cn | 13. 12. 2024

مقالة خاصة: كيف تعاملت الصين مع تأثير "القدرة المفرطة الغربية" بعد انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية

arabic.china.org.cn / 09:17:06 2024-12-13

بكين 13 ديسمبر 2024 (شينخوا) مع حلول الذكرى الـ23 لانضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية الذي صادف يوم الأربعاء الماضي، يظل التعامل مع منافسة الاستيراد تحديا عالقا على مستوى العالم.

إن الشعور بعدم الارتياح لدى بعض الغربيين حول استيراد المركبات الكهربائية الصينية يشبه إلى حد كبير المخاوف التي كان يشعر بها مصنعو السيارات الصينيون إزاء المنافسة الشديدة الوافدة لعلامات تجارية أجنبية عندما كانت البلاد تستعد للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.

"الذئب قادم"، كان مصعنو السيارات الصينيون يصرخون بذلك وقتها، داعين إلى توفير الحماية لصناعة السيارات المحلية من المنافسين الأجانب، حتى أن بعض شركات السيارات الكبرى دعت إلى تأخير انفتاح القطاع.

وفي هذا السياق، قال لونغ يونغ تو الذي كان كبير مفاوضي الصين للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية إنه وعلى الرغم من الضغوط الناتجة عن صناعة السيارات المحلية، إلا أن المسؤولين الصينيين كانوا مقتنعين بأن التعريفات المرتفعة والقيود التجارية الأخرى لن توفر الحماية إلا لصناعة السيارات العتيقة في البلاد بينما سيدفع المستهلكون الثمن.

وفي نهاية المطاف، التزمت الصين بخفض الرسوم الجمركية على الواردات ورفع القيود الأخرى المفروضة على السيارات كجزء من انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. ومن المدهش أن سوق السيارات في الصين توسعت بسرعة بدلا من انكماش.

وأعرب دونغ يانغ المطلع على هذه الصناعة، والذي شارك في المفاوضات المذكورة عن إعجابه بمشاهدة سعر سيارة "شيالي" وهي علامة تجارية صينية شعبية وقد انخفض بشكل حاد من أكثر من 90 ألف يوان (حوالي 12527 دولارا أمريكيا) إلى نحو 40 ألف يوان إلى جانب انخفاض أسعار السيارات المستوردة.

ليس سرا أن تزدهر التجارة العالمية بفضل الفوائض الناتجة عن الدول القادرة على الإنتاج بشكل يتجاوز الطلب المحلي. إلا أنه ورغم ذلك، تم مؤخرا استحضار مصطلح "القدرة المفرطة" باعتباره تعبيرا سلبيا للفائض، الأمر الذي يُغذّي سردية مدفوعة بالمخاوف في الغرب حول قوة التصنيع في الصين.

وفي المقابل، تحدّت مقالة أصدرتها منظمة التجارة العالمية التصور الشائع بأن منافسة الواردات في البلدان الصناعية لم تؤد إلا إلى خسائر، مشددة على أن هناك مكاسب كبيرة أيضا.

إن نظرة فاحصة على المشهد المتطور لكل من الصناعة والاستيراد في الصين على مدى الـ23 عاما الماضية، تساعد في الكشف عن آلام النمو التي عانت منها الصين نتيجة للتأثير الناتج عن تدفق ما يُسمى بـ"القدرة المفرطة" من الدول الغربية إذا ما كان بمقدور النظرية التي روج لها الغرب بقوة مؤخرا أن تصمد، وما تعلمته الصين من تلك الرحلة.

-- دفن الرأس في الرمال أم مواجهة المنافسة بشجاعة؟

يستذكر دونغ المنافسة الشرسة التي كانت في أعقاب دخول البلاد إلى منظمة التجارة العالمية وكيف كانت سببا في إجبار شركات صناعة السيارات المحلية على البحث بشكل مستمر عن طريق الخروج باستخدام قوى السوق.

وأضاف دونغ لوكالة أنباء "شينخوا": "في البداية، كان لا بد من استخدام التكنولوجيات المستوردة لأن المستهلكين فضلوا التكنولوجيات الأجنبية على الابتكار منخفض الجودة من العلامات التجارية المحلية. وعندما أصبح استيراد التكنولوجيات باهظ التكلفة والأرباح ضئيلة جدا، لجأت الشركات الصينية إلى البحث والتطوير المستقلين".

ويُعزى نجاح شركات السيارات الصناعية الصينية على نطاق واسع إلى قدرتها على التفوق على المنافسين من خلال الإبداع.

ويرى دونغ أن صعود شركات صناعة السيارات في الصين لتصبح لاعبا عالميا رائدا يستند إلى أربع مزايا رئيسية هي: الكفاءة الأعلى والتكاليف الأقل ووفورات الحجم والإبداع المستمر.

وفي هذا السياق قال هوه جيان قوه نائب رئيس الجمعية الصينية لدراسات منظمة التجارة العالمية، إنه وإلى جانب السيارات، كان القطاعان الزراعي والمالي يواجهان تحديات بارزة أيضا.

وقال هوه في مقابلة مع وكالة أنباء "شينخوا"، إن القطاعات الثلاثة خضعت لانتقال سلس وحققت نموا قويا من خلال احتضان المنافسة. وعزا هذا النجاح إلى التأثير الإيجابي للمنافسة، التي عززت الإنتاجية وحسنت جودة المنتجات.

وعندما ازدادت المنافسة في صناعات مثل الأدوية والمواد الكيميائية والإلكترونيات والأجهزة المنزلية، ظهرت مجموعة من الشركات الصينية ذات الكفاءة، وشهدت حصة أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية وأشباه الموصلات والمنتجات الإلكترونية الصينية في السوق العالمية ارتفاعا كبيرا.

وقال هوه: "أظهرت الحقائق أن السوق المفتوحة وإدخال المنافسة الدولية يفضيان إلى تعزيز قدرات التصنيع المحلية، وبالتالي إرساء أساس متين لمزيد من المشاركة في المنافسة الدولية".

--شيطنة المنتجات الأجنبية أم احتضان الواردات؟

منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، واصلت الصين الترحيب بالمنتجات الأجنبية بأذرع مفتوحة.

حافظت البلاد على مكانتها كثاني أكبر مستورد في العالم للعام الخامس عشر على التوالي في عام 2023، حيث شكلت وارداتها 10.6 في المائة من إجمالي الواردات العالمية العام الماضي، وفقا لتقرير عن واردات الصين صدر مؤخرا بقلم وي هاو، العميد المساعد لكلية إدارة الأعمال بجامعة بكين للمعلمين، وزملائه.

وانخفضت نسبة الفائض التجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين من 7.53 في المائة في عام 2007 إلى 4.59 في المائة في عام 2023، وتوسعت الواردات بشكل أسرع من الصادرات، حسبما أفاد تيان تشي هونغ، الأستاذ في جامعة الصين للزراعة.

كما ارتفعت حصة الصين من الواردات العالمية بشكل مطرد، حيث ارتفعت من 3.8 في المائة في عام 2001 إلى 10.58 في المائة في عام 2022، وهو أكبر نمو بين الدول والمناطق الرئيسية، وفقا لتقرير وي.

وجاء في التقرير أنه من عام 2001 إلى عام 2023، ارتفعت واردات الصين من فرنسا من 4.1 مليار دولار إلى 37.3 مليار دولار، وارتفعت وارداتها من ألمانيا من 13.8 مليار دولار إلى 106.2 مليار دولار.

وتعد الواردات الزراعية إحدى الأمثلة البارزة، إذ ارتفعت واردات الصين الزراعية بواقع 14.1 مرة من عام 2001 إلى عام 2023، مما عزز مكانة البلاد كأكبر مستورد عالمي منذ عام 2011، وفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية المذكورة في تقرير صادر عن المدرسة الوطنية لإستراتيجيات الأمن الغذائي بجامعة رنمين الصينية.

وقال البروفيسور تشنغ قوه تشيانغ، عميد المدرسة المذكورة، والذي شارك في مفاوضات منظمة التجارة العالمية، إن الصين أصبحت قوة دافعة رئيسية للتنمية الزراعية العالمية في السنوات العشرين الماضية، لا سيما في تعزيز التنمية الزراعية للاقتصادات الناشئة بسوقها الواسع.

أما بالنسبة لواردات البلاد من الولايات المتحدة، فيعتبر فول الصويا من بين المنتجات الأبرز، حيث إن الصين لديها طلب كبير على فول الصويا، في حين يصعب تحقيق الاكتفاء الذاتي. وقال تيان إن الصين تسعى جاهدة لتحسين التقنيات الزراعية، وتواصل توسيع الواردات في الوقت ذاته.

ومنذ عام 2001، شهدت صادرات فول الصويا الأمريكية إلى الصين نموا هائلا وكانت الولايات المتحدة ذات يوم المورد الرئيسي لفول الصويا إلى الصين.

وجاء في تقرير سنوي حول الصادرات الأمريكية إلى الصين، صدر عن مجلس الأعمال الأمريكي-الصيني في وقت سابق من هذا العام، أن الصين لا تزال سوقا مهمة للشركات الأمريكية، حيث تدعم ما يقرب من مليون وظيفة في الولايات المتحدة.

قامت الصين بإضفاء الطابع المؤسسي على التزامها بتوسيع الواردات من خلال إجراءات ملموسة على مدى السنوات الماضية. ومن بينها اتخاذ تدابير مثل خفض رسوم الاستيراد وتحسين قائمة واردات التجزئة للتجارة الإلكترونية عبر الحدود وإطلاق معرض الصين الدولي للاستيراد سنويا منذ عام 2018. وفي الدورة السابعة للمعرض التي عقدت الشهر الماضي، تم التوقيع على صفقات بقيمة 80.01 مليار دولار.

وفي العام الماضي، بلغ إجمالي واردات الصين من السلع الاستهلاكية 1.95 تريليون يوان، بزيادة 1.2 بالمائة عن العام الأسبق، مما يعكس الشهية المتزايدة للبلاد لمنتجات عالية الجودة لتلبية متطلبات المستهلكين المتنوعة.

ويعتقد وي أن زيادة نسبة السلع الاستهلاكية في إجمالي واردات الصين ستجلب المزيد من الفوائد للدول المصدرة.

--إقامة حواجز أو فتح أوسع للجميع؟

وانتقد هوه المحاولة لوصم فائض المنتجات بأنه "طاقة إنتاجية مفرطة" لأن التوازن المثالي بين العرض والطلب غير موجود في الواقع.

بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، تم نقل الطاقة الإنتاجية للصناعات الناضجة مثل الصلب والسيارات والكيماويات والأدوية في أوروبا والولايات المتحدة باستمرار إلى الصين.

وقال هوه "إلى حد ما، كان هذا ينقل الطاقة الانتاجية المفرطة حسب التعريف الغربي. إن انفتاح السوق الصينية لعب بلا شك دورا داعما في إعادة توازن الاقتصاد العالمي".

وأشار هوه الى أن فتح السوق بشجاعة وجلب المنافسة هو أحد الطرق الفعالة لتحفيز قوة الاقتصاد ومرونته، موضحا أن الصين استفادت من الانفتاح لدفع الإصلاح وأن الانفتاح الرفيع المستوى بمثابة مفتاح لمشاركة البلاد في المنافسة الدولية.

وقال تيان إنه على الرغم من التردد بشأن المنافسة من جانب الواردات في بعض الدول الغربية، لا تزال التجارة الحرة محفزا صالحا للنمو الاقتصادي، فهي تعزز كفاءة تخصيص الموارد، مما يسمح للدول بتخصيص الموارد وفق مزاياها النسبية ويحسن الكفاءة العامة للاقتصاد العالمي.

كما أكد على أهمية التجارة الحرة في تعزيز رفاه المستهلك من خلال زيادة تنوع السلع والخدمات وخفض الأسعار وتعزيز انتشار التكنولوجيا والابتكار، وهي عوامل حاسمة بشكل خاص للبلدان النامية.

وأضاف تيان أن التجارة الحرة تعزز أيضا ارتباطية سلاسل التوريد العالمية، مما يضمن التشغيل السلس لسلاسل التوريد وزيادة كفاءة الإنتاج العالمي.

وقال هوه "هناك باحثون يعتبرون جهود الصين للانضمام إلى الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ بمثابة دفعة أخرى لها بعد الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، للتوافق مع النظام الاقتصادي المفتوح عالي المستوى في العالم".

وبالنظر إلى المستقبل، ففي حين أن المنافسة من جانب الواردات قد تستمر في إزعاج البعض، إلا أن ذلك لا يكفي لإخفاء الفوائد الأوسع للتجارة الحرة.

وحسب تدوينة حديثة لمنظمة التجارة العالمية، "الحمائية ليست سياسة فعالة لحماية العمال، لأنها غالبا ما تؤدي إلى عواقب غير مقصودة. فعلى سبيل المثال، في حين أن التعريفات الجمركية العالية قد تحمي الوظائف في القطاعات محل المنافسة من جانب الواردات، إلا أنها يمكن أيضا أن تعرض للخطر الوظائف في القطاعات التي تعتمد على مدخلات وسيطة أو موجهة نحو التصدير إذا رد الشركاء التجاريون".

وقال هوه إن الحقائق أثبتت أن الالتزام بمسار التنمية المتبادلة النفع والمربحة للجميع هو السبيل الأساسي للحفاظ على ازدهار الاقتصاد العالمي.

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号