share
arabic.china.org.cn | 12. 12. 2024

((أهم الموضوعات الدولية)) مقالة خاصة: ما الذي ينتظر سوريا والمنطقة بعد سقوط الأسد؟

arabic.china.org.cn / 16:35:22 2024-12-12

بكين 12 ديسمبر 2024 (شينخوا) شهدت سوريا خلال الأيام القليلة الماضية تحولا جذريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة الفصائل المسلحة على الحكم، ما أثار تفاعلات محلية ودولية واسعة.

وفتح هذا الحدث المفصلي الباب أمام مرحلة جديدة محفوفة بالتحديات السياسية والإنسانية والأمنية، مع تأكيد العديد من الدول على ضرورة أن يكون الشعب السوري هو صاحب القرار في تحديد مستقبل بلاده، ودعوتها إلى عملية سياسية جامعة تهدف إلى تحقيق استقرار مستدام في البلاد.

ويشير محللون صينيون إلى أن القوى الإقليمية والدولية ستتحرك لتحقيق مصالحها الخاصة والتنافس على النفوذ في سوريا. ومن المتوقع أن تؤثر هذه التحركات بشكل عميق على مستقبل سوريا السياسي والجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط.

-- إعادة تشكيل خريطة النفوذ الإقليمي والدولي

تحتل سوريا مكانة إستراتيجية هامة في الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط، مما يجعل التحولات السياسية فيها ساحة للتنافس بين القوى الإقليمية والعالمية لتحقيق مصالحها الخاصة في المنطقة، وهو أمر قد يعقد جهود إعادة بناء سوريا.

وقال سون ده قانغ، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة فودان الصينية، إن إسرائيل تسعى إلى استغلال الاضطرابات في سوريا لتحقيق أهداف طويلة المدى تتمثل في إضعاف ما يسمى بـ"محور المقاومة"، وتعزيز وجودها العسكري في مرتفعات الجولان السورية التي تحتلها.

بالنسبة لإيران، تعتبر سوريا نقطة ارتكاز إستراتيجية حيوية. ويعتقد أن خطوط الدعم الأرضية بين إيران وبين حزب الله في لبنان تعتمد على استقرار سوريا. وفي حال فقدان هذه النقطة، سيضعف نفوذ إيران في المنطقة، ما قد يزيد من الضغوط الاقتصادية والأمنية عليها.

كما تسعى تركيا لتحقيق مصالحها في الوضع السوري، حيث استفادت قوات الفصائل المدعومة من تركيا من هذه التغيرات. وذكر سون أن من بين أولويات تركيا إضعاف القوات الكردية في شمال سوريا لضمان استقرارها الداخلي، وفي نفس الوقت تشكيل مشهد سياسي يعزز نفوذها الإقليمي.

كما تجذب التحولات في سوريا أيضا تدخلات من بعض القوى الكبرى خارج المنطقة. فالولايات المتحدة التي تقول بأنها تركز فقط على منع توسع الجماعات المتطرفة مثل تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي (داعش)، تعيد تشكيل نفوذها في الشرق الأوسط من خلال العمليات العسكرية المستهدفة. وأشار سون إلى أن الغارات الجوية الأمريكية في سوريا ليست فقط لمحاربة الإرهاب، ولكن أيضًا لإظهار قوتها العسكرية وتعزيز تعاونها مع إسرائيل والدول الإقليمية.

أما روسيا، تظل مهتمة بالحفاظ على قواعدها العسكرية وضمان مصالحها الإستراتيجية في سوريا. وقد توصلت موسكو بالفعل بحسب ما ورد إلى اتفاق مع قوات الفصائل لضمان أمن منشآتها في البلاد. وفي ظل الأحداث الأخيرة، أكدت موسكو على أنها تحافظ على التواصل مع جميع الأطراف في المنطقة.

في المقابل، أعربت الدول الأوروبية والمنظمات الدولية عن قلقها سياسيًا، لكنها ما تزال مترددة في اتخاذ إجراءات فعلية. ويرى المحللون أن المجتمع الدولي يحاول التركيز على تحقيق مصالحة سياسية في سوريا، لكن تضارب المصالح وتعقيد الوضع يجعل هذه الجهود مليئة بالتحديات.


-- تعقيدات المشهد ومستقبل الاستقرار

جاء هذا التحول بعد سنوات طويلة من الصراع الذي أثّر بشدة على بنية الدولة، وأدى إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، كما أن تداعيات الواقع الجديد يفرض الكثير من التحديات أمام تحقيق الاستقرار.

داخليا، تجعل تعقيدات القوى السياسية والعسكرية الوضع في سوريا أكثر غموضا. تشمل هذه القوى جماعات مختلفة مثل هيئة تحرير الشام، والجيش الوطني السوري، والقوات الكردية، وغيرها. وبينما كانت هذه القوى تتعاون لإسقاط الأسد، فإن غياب الهدف المشترك من الممكن أن يؤدي إلى صراعات جديدة على السلطة، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الداخلي.

على الصعيد الجيوسياسي، التحولات السياسية في سوريا لها تأثيرات مختلفة على القوى الإقليمية. ووفقًا لتشاو جيون، وهو باحث في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي، فإن سقوط نظام الأسد سيؤدي إلى تراجع نفوذ إيران، وهذا قد يزيد من الضغوط التي تواجهها إيران من الغرب، بينما ستصبح إسرائيل أكثر نشاطًا في المنطقة.

ويشير لي زي شين، الباحث في معهد الصين للدراسات الدولية، إلى أن الأزمة الإنسانية في سوريا لا مفر منها في ظل استمرار الاضطرابات. وفي ظل غياب حكومة فاعلة، تواجه المنظمات الدولية صعوبة في أداء دورها، مما يعمق المأساة الإنسانية.

ويحذر لي من تصاعد التهديدات الأمنية غير التقليدية نتيجة للاضطرابات. فقد أدى غياب السيطرة على الحدود سابقا أثناء الصراع السوري إلى ظهور فراغ أمني كبير، استغلته الجماعات المتطرفة مثل "داعش" لتوسيع نفوذها. وقد يتكرر هذا السيناريو إذا لم يتم كبح التطرف في الوقت المناسب.


-- أهمية المصالحة الوطنية والدعم الدولي

يتوقع تشاو جيون أن تبدأ مرحلة جديدة من الصراع السياسي حول توزيع السلطة بعد الحرب. ويجب على المجتمع الدولي اتخاذ خطوات فعالة لدفع عملية المصالحة الوطنية وتجنب دخول سوريا في دوامة طويلة من الفوضى.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ يوم الاثنين إن الصين تأمل أن تضع جميع الأطراف المعنية المصالحَ الأساسية للشعب السوري نصب أعينها، وأن تجد حلاً سياسياً لاستعادة الاستقرار في سوريا في أقرب وقت ممكن، على أساس مبدأ الشعور بالمسؤولية عن المصالح الأساسية طويلة الأمد للشعب السوري.

وأدلت المتحدثة بهذه التصريحات ردا على استفسارات حول الوضع في سوريا. وقالت ماو إن الصين تولي اهتماًما وثيقاً لتطور الوضع في سوريا، لافتةً إلى أن مستقبل سوريا ومصيرها يجب أن يقررهما الشعب السوري.

ويؤكد الباحث سون ده قانغ على أهمية احترام سيادة سوريا ووحدة وسلامة أراضيها وعدم استغلال القوى الكبرى الاضطرابات فيها كفرصة لزيادة النفوذ في المنطقة، مما قد يزيد الوضع سوءا ويحولها إلى ساحة للتنافس الدولي.

ويرى لي زي شين أن استقرار سوريا يعتمد على قدرة الفصائل المسلحة على تأمين التوصل إلى إجماع داخلي يضع مصلحة الشعب السوري فوق المصالح الضيقة، ويحظى بدعم دولي فعال، مما يساهم في معالجة الأزمات الإنسانية والمخاوف الأمنية، ويحقق السلام والاستقرار في البلاد والمنطقة.

في خضم هذه التحولات الجذرية، يواجه السوريون تحديات هائلة تتطلب حلولا عاجلة. والتوافق بين الأطراف المحلية والدولية هو مفتاح تحقيق السلام. ومع أن الطريق طويل ومعقد، فإن الشعب السوري ما زال يأمل في مستقبل أفضل بعيد عن الصراعات والتدخلات الأجنبية. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号