كولين ماكيراس*

23 أكتوبر 2024 / شبكة الصين/ الصين هي مسقط رأسي الثاني. ومنذ زيارتي الأولى لها قبل 60 عاما، ترددت عليها أكثر من 70 مرة، وشهدت معجزة التنمية التي خلقها التحديث الصيني النمط. فعملية التحديث في الصين لم يسبق لها مثيل، حيث لا يمكن مقارنة أي سرعة تحديث وعمقه واتساعه بعملية التحديث في الصين.

وفي عام 1978، أطلقت الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الحادية عشرة للحزب الشيوعي الصيني عملية الإصلاح والانفتاح في الصين. ومنذ ذلك الحين، نما الاقتصاد الصيني بسرعة. ووفقا لمعايير البنك الدولي، انخفض معدل الفقر في الصين من 88.1% في عام 1981 إلى 0.3% في عام 2018، وتراجع عدد الفقراء بنحو 800 مليون نسمة. وفي عام 2021، حققت الصين انتصارا شاملا في حربها على الفقر وأكملت المهمة الشاقة المتمثلة في القضاء على الفقر المدقع، وهذا إنجاز عظيم ذو أهمية عالمية. وتولي الصين أهمية كبيرة لحماية البيئة أثناء تطوير اقتصادها. وقد حظيت إنجازات الصين في بناء الحضارة الإيكولوجية باعتراف واسع النطاق من قبل المجتمع الدولي.

كنت قد وصلت إلى الصين لأول مرة في عام 1964 كخبير أجنبي لتدريس اللغة الإنجليزية في جامعة بكين للدراسات الأجنبية. ومنذ ذلك الحين، درَّست في العديد من الجامعات الصينية، وكثيرًا ما شاركت في الندوات والجولات الدراسية داخل الصين، وتشكل لدي فهم متعمق لتطور مناطق الأقليات القومية، وكان الواقع مختلفا تماما عن الصورة التي تنقلها بعض وسائل الإعلام الغربية.

عندما وصلت إلى الصين لأول مرة، لم يكن هناك مترو أنفاق أو طرق دائرية في بكين، وكان هناك عدد قليل جدا من السيارات على الشوارع. ومن النادر رؤية صينيين على متن الطائرات، وحتى في بكين لا يتحدث الكثير من الناس اللغة الإنجليزية. أما الآن، فقد استفدت كثيرا من خدمات السكك الحديدية فائقة السرعة والمريحة والسلسة والدقيقة. فبدون القطارات فائقة السرعة التي تتجاوز سرعتها 300 كيلومتر في الساعة، سيكون من الصعب جدًا عليّ التنقل في أرجاء الصين. وفي جميع أنحاء الصين، أصبح العديد من الأصدقاء يتواصلون مع الأجانب باللغة الإنجليزية، ويسافر المزيد من الصينيين إلى الخارج.

واستنادا إلى زيارات وأبحاث طويلة الأمد، أَلَّفت كتبا منها "الصين المتغيرة" و"الأقليات القومية في الصين والعولمة" لتقديم إنجازات التنمية في الصين بشكل موضوعي وعادل ومساعدة القراء من جميع أنحاء العالم على فهم الصين الحقيقية. وفي عامي 2014 و2015، فزت بجائزة الصداقة الحكومية الصينية وجائزة المساهمة الخاصة للكتب الصينية، الأمر الذي جعلني أشعر بالفخر والإلهام.

إن التحديث الصيني النمط هو تحديث يفيد العالم. كما تعزز الصين بناء مجتمع مصير مشترك للبشرية وتدعو إلى بناء عالم ينعم بالسلام الدائم والأمن العالمي والرخاء المشترك والانفتاح والشمول والنظافة والجمال. وقد اقترحت الصين بشكل خلاق مبادرة الحزام والطريق، وتقاسمت فرص التنمية مع جميع الأطراف، وقدمت مساهمات إيجابية في التنمية الاقتصادية ونمو العمالة وتحسين معيشة الشعب لشركائها.

إن الإنجازات الكبرى للتحديث الصيني النمط ترجع في النهاية إلى قيادة الحزب الشيوعي الصيني. ويسترشد الحزب الشيوعي الصيني بالمفاهيم الأيديولوجية المتقدمة، ويصر على البحث عن الحقيقة، ويواكب العصر، وقد حصل على الدعم الصادق من الشعب الصيني ووحد قوى البلاد بأكملها.

إن الشعب الصيني يسير على الطريق نحو تحقيق الهدف المئوي الثاني. وبالتطلع إلى المستقبل، سيستمر نفوذ الصين الدولي وقدرتها على المشاركة في الحوكمة العالمية في الارتفاع، الأمر الذي سيجلب بالتأكيد المزيد من فرص التعاون والتنمية والتقدم المشترك للدول في جميع أنحاء العالم.

---------------------------

*أستاذ فخري في جامعة جريفيث الأسترالية