بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

22 أكتوبر 2024 / شبكة الصين/ تتبنى الصين عدة سياسات رئيسية لتحسين اقتصادها وأهمها سياسة التوجه نحو الابتكار ودعم البحث والتطوير وتعزيز التنمية عالية الجودة في مختلف القطاعات والإصلاح الشامل، كما تقوم الصين بمراقبة أسواقها المحلية وتسعى دائما إلى تحسينها وتنفيذ إصلاحات تشمل بيئة الأعمال وتعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية. وتتركز قوة الاقتصاد الصيني الداخلي بشكل أساسي على الاستهلاك المحلي وتوفير التوازن بين الإنتاج والطلب وزيادة الدخل وتطوير الخدمات وتسهيل التسوق لمختلف السكان وذلك من خلال تحسين قطاع التجارة الإلكترونية والدعم المستمر للتجارة الرقمية. وكل هذه التوجهات والعديد من السياسات الفعالة تسعى بشكل مستمر إلى تعزيز النمو المستدام ودعم الخطط الصينية للتنمية الاقتصادية الشاملة.

وبفضل المجهودات الدائمة، حققت الصين لسنوات متتالية نتائج مبهرة في اقتصادها وتواصل حتى الآن تحقيق المزيد من الإنجازات، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بواقع 4.8 في المائة على أساس سنوي في الفترة الممتدة من يناير إلى سبتمبر لعام 2024، وبلغ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام حوالي 95 تريليون يوان، ونمت الصناعة الأولية بنسبة 3.4%، وتطورت الصناعة الثانوية بنسبة 5.4% وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة 0.4% في سبتمبر على أساس سنوي، كما سجلت الصين خلال هذا العام إقبالا واضحا على السيارات، حيث بلغ إجمالي الإنتاج في قطاع السيارات في البلاد أكثر من 21 مليون وحدة، بزيادة قدرها 1.9% على أساس سنوي، إذ وضعت الصين العديد من الحوافز المالية لتشجيع السكان على تغيير السيارات القديمة بأخرى جديدة، لتشهد الصين فترة "ذهبية" في سبتمبر وأكتوبر لبيع السيارات في البلاد وخاصة منها سيارات الطاقة الجديدة، كما يشهد الاقتصاد الصيني نموا مدفوعا بتعزيز الاستهلاك المحلي والاستثمارات في التكنولوجيا والبنية التحتية.

تلعب التبادلات التجارية بين الصين ومختلف دول العالم دورا كبيرا في نمو الاقتصاد الصيني واستقراره وذلك رغم العديد من الضغوط العالمية، فالصين هي الشريك الأهم للعديد من الدول، وتتميز علاقة التبادل بين الصين وشركائها بأنها قائمة على الربح المشترك، إذ تتعاون الصين مع مختلف الدول الصديقة وتتبادل معها خبراتها وتزودها بمنتوجات عالية الجودة ولا تقتصر العلاقة فقط على بعض السلع الاستهلاكية التقليدية، ويعتبر التعاون الاقتصادي الصيني مع دول العالم ذا أهمية كبيرة لتعزيز التجارة الدولية، إذ يساهم ذلك في زيادة حجم التجارة العالمية من خلال شراكات واستراتيجيات متعددة مع مختلف الدول، مما يساهم في تعزيز التجارة الدولية بشكل مباشر. كما يدعم تطور الاقتصاد الصيني تعزيز ونقل التكنولوجيا في العالم. 

بالإضافة إلى التبادل المشترك، تعزز الصين أيضا التعاون الوثيق مع مختلف الدول من خلال العديد من المبادرات والمنصات الهامة من أهمها مبادرة "الحزام والطريق" والتي أطلقتها الصين منذ عام 2013 وانضمت إليها حتى الآن أكثير من 150 دولة و30 منظمة دولية، وتهدف إلى المساهمة في ربط الأسواق العالمية والتعاون طويل المدى وتعزيز التنمية المستدامة، كما اهتمت الصين بالتنمية المنخفضة الكربون، سعيا إلى تحقيق الوصول إلى ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060 وأطلقت في سبتمبر عام 2021 "مبادرة التنمية العالمية" ثم "مبادرة الحضارة العالمية" والتي اقترحها الرئيس الصيني شي جين بينغ في مارس 2023، والتي تهدف إلى تعزيز التسامح والتعايش والتبادلات والتعلم المتبادل بين مختلف الحضارات، بالإضافة إلى إقامة العديد من المنصات الدولية لتعزيز التعاون المشترك بين الصين ومختلف دول العالم.

إن تطور الاقتصاد الصيني له أهمية كبيرة على المستوى العالمي، إذ أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتلعب دورا كبيرا في تعزيز التجارة العالمية. كما يؤثر تطور الاقتصاد الصيني بشكل إيجابي في تعزيز سلاسل التوريد وتوفير أسواق هامة للاستثمارات المحلية والعالمية، لتلعب الصين دورا رئيسيا في توجه السياسات المالية الدولية، مما يعزز من مكانتها كقوة عالمية في مجالات متعددة من بينها التكنولوجيا والطاقة، ومن المتوقع أن تظل معدلات النمو إيجابية خلال هذا العام، وتحقق الصين تطورا في صادرات المنتجات عالية التقنية والتعاون الدولي في مختلف القطاعات.