share
arabic.china.org.cn | 12. 09. 2024

التعاون العلمي والتقني بين الصين وأمريكا لا يفيد جانبا على حساب الآخر

arabic.china.org.cn / 15:35:51 2024-09-12

 12 سبتمبر 2024 / شبكة الصين / عادت قضية التعاون العلمي والتقني بين الصين والولايات المتحدة إلى الواجهة مجددا بعد انتهاء مدة صلاحية "اتفاقية العلوم والتكنولوجيا الثنائية" في 27 أغسطس الماضي، دون إعلان عن تمديدها لفترة جديدة حتى الآن. وأبدى البعض مخاوفهم من أن تؤثر التوترات التي تشهدها العلاقات الصينية الأمريكية، ومبالغة الولايات المتحدة في مفهوم "الأمن القومي"، على التعاون الثنائي في حقل العلوم والتكنولوجيا مجددا.

التعاون يفيد الجانبين ويعود بالنفع على العالم

تغطي اتفاقية العلوم والتكنولوجيا بين الصين والولايات المتحدة، بوصفها أول اتفاقية ثنائية تم توقيعها بعد تأسيس العلاقات الدبلوماسية رسميا بين البلدين عام 1979، شتى مجالات التعاون، بدءا من الزراعة، مرورا بالصحة العامة وحماية البيئة، حتى الطاقة الجديدة. وقد ساهمت في تنفيذ عدد كبير من مشاريع التعاون بين الجهات الحكومية والمؤسسات الأكاديمية في البلدين، وتعزيز التبادلات الثقافية الثنائية، والعودة بالنفع على شعوب العالم بشكل مطرد، وخاصة الشعبين الصيني والأمريكي.

وأشار تقرير صادر عن الكونغرس الأمريكي إلى أن الولايات المتحدة تحصل على عدد كبير من الموارد البحثية وميزة المواهب والمصالح الاقتصادية من خلال الاتفاقية التي تسمح بالتعاون مع الصين في مجال العلوم والتكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، أثبت التعاون بين العلماء الصينيين والأمريكيين في الثمانينات والتسعينات، أن تناول الحوامل كمية مناسبة من حامض الفوليك (فيتامين B9) له آثار ملحوظة في الوقاية من عيوب القناة العصبية للجنين. وطُبقت هذه النتيجة العلمية في أكثر من 50 دولة، ونجحت في الوقاية من الإملاص وتشوه الجنين.

الولايات المتحدة تعرقل تمديد الاتفاقية

على مدى 40 عاما من توقيعها، حافظ البلدان على تجديد الاتفاقية كل 5 سنوات. ولكن بعد وصول إدارة ترامب إلى السلطة، طرأت تغيرات هائلة على موقف الولايات المتحدة تجاه الصين، مما وضع الاتفاقية وجميع أوجه التعاون العلمي والتقني بين البلدين في مفترق طرق مرارا.

وفي الأصل، كان ينبغي تجديد الاتفاقية في أغسطس العام الماضي، ولكن قبل شهرين من التمديد، طالب أعضاء جمهوريون مناهضون للصين في الكونغرس، من خلال توجيه رسالة إلى إدارة بايدن وطرح مشروع قانون وغيرهما من الوسائل، بعدم تجديد الاتفاقية، زاعمين بأن الصين تستغل الاتفاقية لبلوغ أهداف عسكرية معينة.

وبعد جولات من المباحثات، لم يتمكن الجانبان سوى من تمديد الاتفاقية لمدة 6 أشهر فقط. وبعد تجديدين صعبين، انتهت صلاحية الاتفاقية في 27 أغسطس 2024 مجددا، ويتوقع أن يواجه التمديد الجديد للاتفاقية مزيدا من الاعتراضات داخل الولايات المتحدة.

ويرى أكاديميون أن ظهور قضايا مثل الملكية الفكرية وأمن البيانات والخصوصية الشخصية، يجعل الاتفاقية شيئا من الماضي، وتحتاج الصين والولايات المتحدة إلى إجراء مباحثات شاملة حول عدة قضايا محورية ناشئة ومعقدة، لتحقيق "التجديد الشامل" للاتفاقية.

ويعرقل ساسة أمريكيون التبادلات الطبيعية في مجال العلوم والتكنولوجيا مع الصين بذريعة "الأمن القومي"، بسبب وضعهم الصراعات الجيوسياسية والمنافسة الإستراتيجية فوق التعاون العلمي والتكنولوجيا. وقد أجازت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مارس الماضي مشروع قانون يطالب بمراجعة أي اتفاقية بين وزارة الخارجية الأمريكية والصين بشأن التعاون في العلوم والتكنولوجيا بشكل أكثر صرامة. كما طالبت لجنة مجلس النواب المعنية بالمنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين وزارة التجارة الأمريكية بتقديم المعلومات الكاملة حول هذه الاتفاقية بحجة "تقييم الخسارة التي قد تلحقها الاتفاقية بالولايات المتحدة". حتى أن بعض أعضاء الكونغرس حضوا الرئيس بايدن على التوقف عن إلحاق الضرر بالبلاد وعدم تجديد الاتفاقية.

ورغم حالة من عدم اليقين، مازال هناك أمل في تمديد الاتفافية، حيث يولي أصحاب الحكمة في المجتمع الأكاديمي الأمريكي أهمية بالغة للتعاون مع الصين في العلوم والتكنولوجيا.

وأفادت دارسة جديدة نشرت في مجلة نيتشر" العلمية فبراير الماضي، أن فوائد التعاون بين الصين والولايات المتحدة في العلوم والتكنولوجيا أكثر من الأضرار. ويجري تواصل وتفاوض حثيثا على مستوى حكومتي البلدين، حيث أكد مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية أن الجانبين يجريان حاليا مباحثات حول الاتفاقية منذ 28 أغسطس 2024.

فقط من خلال التعاون يربح الجانبان

انطلاقا من هذه الاتفافية، يمتلك التعاون الصيني الأمريكي في مجال العلوم والتكنولوجيا آفاقا رحبة، كما يضطلع بمسؤولية كبيرة. وفي الوقت الراهن، سواء التقنيات الجديدة التي تشمل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية، أو التهديدات العابرة الحدود، بما فيها الاحتباس الحراري والانتشار النووي والمواد المخدرة الجديدة، تتطلب جميعها تعاونا دوليا لمعالجتها، وخاصة أكبر اقتصادين في العالم.

ومن منظور العلاقات الصينية الأمريكية، فلا تتعلق هذه الاتفاقية بنطاق التعاون العلمي والتكنولوجي الثنائي وشفافيته وضماناته القانونية وغيرها من المسائل فحسب، بل لها كذلك دلالات رمزية كبيرة، بوصفها نافذة مهمة لرصد اتجاه تطور العلاقات الصينية الأمريكية.

ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وتفاقم القضايا الإقليمية، وتزايد مخاطر توتر العلاقات الصينية الأمريكية، قد يمنح التعاون بين البلدين في مجال العلوم والتكنولوجيا عامل استقرار في العلاقات الثنائية والبيئة الجيوسياسية.

وفي السنوات الأخيرة، بدأت حفنة من الساسة الأمريكيين تبني نهج "التقوقع والانغلاق العلمي والتقني"، وسط اعتماد الإدارة الامريكية إجراءات وسياسات تقييدية لاحتواء الصين في مجال العلوم والتكنولوجيا. وهذا التوجه لا يغالي في المكانة التي تحتلها الولايات المتحدة في هذا المجال فحسب، بل يستهين بعزيمة وقدرة الصين على تحقيق الابتكارات والارتقاء نحو بناء دولة قوية من حيث العلوم والتكنولوجيا.

إن العولمة والتشارك في تحقيق الابتكارات العلمية والتكنولوجية وتقاسم ثمارها تيار لا يقاوم. وإذا أصرت دولة على بناء "فناء صغير ذي سياج مرتفع"، فمحكوم عليها ضيق البصيرة كشخص ينظر إلى السماء من قاع بئر. ومن المأمول أن تتحلى الولايات المتحدة بموقف أكثر انفتاحا، وأن تبذل جهودا مشتركة مع الصين للحفاظ على طبيعة تعاونهما في العلوم والتكنولوجيا، سعيا لخلق مستقبل مشرق للجانبين.


   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号