بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

2 سبتمبر 2024 / شبكة الصين / تسعى الصين في السنوات الأخيرة إلى تعزيز التحول الأخضر في البلاد، وذلك من خلال تطبيق سياسات تشمل مختلف المجالات، حيث تطبّق الصين مبدأ التعايش بين الإنسان ومحيطه النظيف في كل المناطق، لتحقق البلاد إنجازات رائدة في المجال البيئي، كما تدعو الصين إلى التوجه الأخضر من خلال مختلف الجهود والتقنيات الحديثة، لترتفع بذلك حصة مصادر الطاقة المتجددة الصينية، كما زاد مستوى تعميم تكنولوجيا الطاقة الخضراء في مجال الصناعة، وساهمت مختلف منتجات الطاقة الخضراء في تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وسجلت الصين اختراقات فائقة في مجال الطاقة الخضراء، حيث تنوعت مصادر الطاقة المتجددة في الصين لتحقق الطاقة حوالي 54% من إجمالي القدرة المركبة لتوليد الطاقة في البلاد، وارتفع إقبال الصينيين على شراء السيارات العاملة بالطاقة المتجددة مقابل تراجع مبيعات السيارات العاملة بالوقود، ففي عام 2023، سجلت الصين بيع حوالي 6.89 مليون مركبة طاقة جديدة، بزيادة قدرها 93.4 بالمائة على أساس سنوي. وارتفع إنتاج مركبات الطاقة الجديدة في الصين بنسبة 96.9% مقارنة بعام 2022، ليصل إلى حوالي 7.06 مليون وحدة.

خلال السنوات الأخيرة، سعت الصين إلى مزيد الحفاظ على البيئة وتعزيز التنوع الإيكولوجي، وذلك عبر إقامة نظام مراقبة شامل يحافظ على النباتات والحيوانات والغابات ومياه الأنهار وتعزيز التوازن البيئي في مختلف المناطق، والحفاظ على مختلف الثروات البيئية في البلاد، كما أقامت الصين العديد من المحميات لتتجاوز المناطق المحمية فيها أكثر من 1.7 مليون كيلومتر مربع أي ما يمثل 18% من المساحة الإجمالية للصين، كما عملت البلاد منذ سنوات على مكافحة التصحر باستعمال تقنيات حديثة، وذلك من خلال تطبيق العديد من الخطط المدروسة من قبل الوزارات والجهات المعنية في البلاد، إذ يتم وضع السياسة البيئية في خطة الدولة، وتحتوي كل خطة على إجراءات وتوجيهات بيئية متنوعة، ثم تقوم مختلف الجهات بمتابعة مدى تطبيقها.

تعمل الصين على زيادة الوعي بقضايا التلوث وتغيير المناخ وتحث على تطبيق فكرة الحضارة الإيكولوجية الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الحديث من خلال تكريس التكنولوجيا ومختلف التقنيات عالية الجودة لخدمة التحول الأخضر في البلاد والحفاظ على الموارد المائية وبناء مجتمع متناغم بين الإنسان والبيئة وبلوغ هدف "الكربون المزدوج"، وهو بلوغ ذروة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون قبل عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني قبل عام 2060. وساهمت الصين منذ عام 2013 بأكثر من 40 بالمائة من الزيادة السنوية في قدرة الطاقة المتجددة في العالم، وشكلت القدرة المركبة حديثا للطاقة المتجددة في البلاد أكثر من نصف الإجمالي العالمي في العام الماضي، وتحقق تنوعا كبيرا في توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في العالم.

نجحت الصين في تحقيق إنجازات هامة في مجال الطاقة المتجددة والمنتجات ذات الصلة بالتحول الأخضر، وأضافت ديناميكية كبيرة على هذا التوجه، حيث شاركت الصين نجاحاتها مع العديد من دول العالم، إذ صدّرت الصين المنتجات الكهروضوئية والسلع الخاصة بطاقة الرياح إلى أكثر من 200 دولة حول العالم، لتلعب الصين دورا هاما في تعزيز قدرة الدول النامية على توفير طاقة نظيفة ومتجددة، وقد تراجع متوسط تكلفة مشاريع توليد الكهرباء من مصادر طاقة الرياح الكهروضوئية بنسبة تتراوح بين 60% إلى 80%، ويعود ذلك إلى الابتكارات الصينية في هذا المجال والتعاون الصيني مع مختلف دول العالم في مختلف المشاريع ذات الصلة.

إن التحول الأخضر في الصين لم يعد توجها محليا تطبقه بكين، بل أصبح سياسة بيئية رائدة تلعب دورا مهما على المستوى العالمي، وهو ما يبرز قيام الصين بمختلف المجهودات من أجل تحقيق تناغم بين الإنسان والبيئة وتوفير محيط مناسب للمجتمع، حيث تسعى مختلف الدول إلى تعزيز التعاون مع الصين في هذا المجال من أجل الاستفادة من التجربة الصينية في مجال البيئة والمناخ والطاقة المتجددة.