بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

6 أغسطس 2024 / شبكة الصين /تتميز الصين منذ القديم بعمق ثقافتها وحضارتها الثرية، حيث يسعى الصينيون إلى إبراز ثقافتهم الفريدة عن طريق تشييد المباني المعمارية والرسم والنقش والعديد من العناصر الأخرى. وقد عملت الصين منذ القدم حتى العصر الحديث على إيصال روح هذه العناصر الثقافية داخل وخارج البلاد، إذ نجحت الصين في تقديم صورة واضحة للعناصر الصينية المميزة، فلم تقتصر اهتمامات الصين في السنوات الأخيرة على تطوير اقتصادها، بل اهتمت أيضا بتقديم صورة حية للثقافة الصينية، من خلال إقامة مهرجانات تقليدية صينية في العديد من دول العالم وأيضا تقديم برامج ثقافية لعرض المزيد من المعلومات حول التقاليد الصينية. كما يحافظ الشباب في الصين على روح التقاليد الشعبية العريقة، من خلال إقبالهم على ارتداء الأزياء التقليدية في مختلف المناسبات، والمشاركة في المهرجانات التقليدية المتعددة.

وقد نجحت الصين إلى حد كبير في الحفاظ على العادات والأعياد الشعبية التقليدية، ودعمها بتقنيات حديثة كالأضواء التي تلعب دورا كبيرا في مختلف المعارض والمهرجانات في الصين، وشجعت الصين بشكل كبير السياحة الثقافية الداخلية، لجعل مختلف الأجيال يتعرفون عن قرب على مختلف المناطق الأثرية والعريقة في البلاد، بالإضافة إلى تخصيص ميزانيات مهمة للحفاظ على المناطق الأثرية وإبراز أهميتها عبر مختلف العصور.

ومع تواصل الجهود الصينية لإبراز الثقافة المعمارية والشعبية المتكاملة في البلاد، جلبت الصين أنظار المجتمعات الدولية، وجلبت عددا كبيرا من السياح الذين يأتون إلى الصين للتمتع بمختلف المواقع الأثرية الهامة، ومن بين المناطق الثقافية والأثرية المميزة في الصين، هي مدينة بكين، والتي تحتوي على محور ثقافي متكامل ومهم، لتعلن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في 27 يوليو 2024 في الهند، إدراج محور بكين المركزي ضمن قائمة التراث العالمي، ويُعرف هذا المحور الثقافي في بكين باسم "العمود الفقري لثقافة مدينة بكين". ويضم هذا المحور مجموعة كبيرة من البنايات والتي تبرز النظام المثالي في بكين، ويمتد هذا المحور وسط مدينة بكين القديمة من الشمال إلى الجنوب، بطول إجمالي يبلغ 7.8 كيلومتر، ليصبح أطول محور حضري في العالم حتى الآن، وتغطي منطقة التراث في محور بكين حوالي 590 هكتارا، بمنطقة عازلة تبلغ أكثر من 4500 هكتار، ويتميز هذا المحور بإبراز الشكل المعماري الصيني القديم وبنظام وتخطيط رائع يبرز التمازج الرائع بين العناصر التقليدية وسط العاصمة العصرية والتي تعود فيها المعالم التاريخية والثقافية إلى أكثر من 700 عام ولا تزال في حالة جيدة وسليمة حتى الآن، وذلك نتيجة لجهود الحكومة الصينية على الحفاظ على المعالم التاريخية.

ويعود تاريخ محور بكين الثقافي إلى عهد أسرة يوان أي منذ عام 1271، امتدادا إلى عهد أسرتي مينغ وتشينغ حتى عام 1911، ويحتوي هذا المحور على القصور والحدائق الإمبراطورية والمعابد والأماكن الاحتفالية، وتستقطب هذه المناطق الأثرية الهامة عددا هاما من الزوار الصينيين والأجانب يوميا، للتمتع بروح الحضارة الصينية الممتدة حتى عصرنا الحالي، ويتميز هذا المحور أيضا بالتمازج المثالي بين مختلف العناصر الثقافية للعديد من المواقع بشكل منظم، تكون فيه القصور الإمبراطورية في المركز، مع وجود العديد من الأجزاء التي تكمل المدينة المثالية من أسواق ومواقع احتفالية ومعابد لمختلف الطقوس الدينية، وغيرها من بقية العناصر الأخرى، لتحتوي بكين على مر أكثر من 700 عام على محور ثقافي متناسق، يتمتع به الآن مختلف الزوار.

لقد أبرزت الصين اهتمامها العميق بتاريخ البلاد وذلك عبر الحفاظ على مختلف الآثار الحضارية الصينية، بالإضافة إلى التشجيع على زيارة هذه المناطق الأثرية والتعريف بالحضارة الصينية، ويعتبر إدراج محور بكين المركزي ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو مزيد الاهتمام العالمي بالثقافة الصينية، حيث يُعتبر هذا الإدراج هو الـ59 ضمن القائمة العالمية للمواقع الصينية.