26 يوليو 2024 /شبكة الصين/ أصبحت بكين، يوم الثلاثاء الماضي، بمثابة نقطة محورية للدبلوماسية العالمية. فقد وقع ممثلو 14 فصيلاً فلسطينياً على إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية، وهو ما كان بمثابة إعلان تاريخي عن نهاية الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية. 

وفي اليوم نفسه، بدأ وزير الخارجية الأوكراني دميتري كوليبا زيارته إلى الصين، في أول زيارة يقوم بها وزير خارجية أوكراني منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا. 

وتسعى أطراف المنطقتين، بوصفهما من أكثر مناطق الصراع أهمية في العالم، في نفس الوقت إلى إيجاد حلول سياسية في الصين، الأمر الذي يشكل "صدى دبلوماسيا". 

وعلق أحد مستخدمي الإنترنت قائلاً "العالم في حالة يرثى لها، والصين تعيد ترتقه". ورغم أن هذه الكلمات قد لا تكون دقيقة تمامًا، إلا أنها تعكس بوضوح جهود الصين الرامية إلى الوفاء بمبادرة الأمن العالمي ومعالجة العجز في السلام العالمي.

إن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والانقسامات الفلسطينية الداخلية تنطوي على خلفيات ومصالح معقدة للغاية، مما يجعل عملية المصالحة طويلة ومعقدة. 

وقد استقبلت وسائل الإعلام الدولية الرئيسية اجتماع 14 فصيلاً فلسطينياً في بكين لإجراء محادثات المصالحة بتفاؤل حذر. كما أيقظ إعلان بكين الرأي العام العالمي على الفور. فقد صرح مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، بأن إعلان بكين "يذهب إلى أبعد كثيرا" من أي إعلان آخر تم التوصل إليه في السنوات الأخيرة. 

ويعد مشهد ممثلي 14 فصيلاً فلسطينيا وهم يوقعون على الإعلان لحظة تاريخية مهمة في جهود حركة التحرير الفلسطينية ويجلب الأمل الثمين للشعب الفلسطيني الذي عانى طويلاً.

إن إعلان بكين يشكل خطوة حاسمة نحو حل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، كما أنه المرة الأولى التي يتم فيها وضع وثيقة مصالحة فلسطينية داخلية من قبل دولة خارج العالم العربي. 

وعند سؤاله سبب عدم إمكانية حل هذا الصراع إلا في بكين وليس في أي مكان آخر من العالم، قال البرغوثي إن السبب يكمن في أن الصين "نزيهة وصادقة للغاية". وقد حظيت الجهود الصادقة التي تبذلها الصين لدعم حقوق الشعب الفلسطيني وإنهاء الانقسام وتوحيد الموقف الفلسطيني بإشادة كبيرة من جميع الفصائل في إعلان بكين، وهو أمر مستحق.

ويحمل إعلان بكين أيضا أهمية كبيرة. فمن تحقيق المصالحة التاريخية العام الماضي بين إيران والمملكة العربية السعودية إلى إعلان بكين اليوم، شهد العالم مجموعة أوسع من الاحتمالات واكتسب ثقة هائلة. وقد أثبت مسار الأمن الجديد الذي تدعو إليه الصين ــ الحوار بدلا من المواجهة، والشراكة بدلا من التحالف، والتعاون المربح للجانبين بدلا من ألعاب المحصلة الصفرية ــ أنه قابل للتطبيق. 

إن عالما يتسم بالسلام الدائم والأمن الشامل والرخاء المشترك والانفتاح والشمول وجمال البيئة أمر يمكن تحقيقه. وفك العقد لا يتطلب أداة حادة. فبعيدا عن العزلة والضغط والعقوبات والمواجهة والتدخل والعدوان والدمار، فإن البشرية تمتلك مسارا آخر، ألا وهو حل القضايا المعقدة والصعبة من خلال الحوار والتعاون. ولا يتعين على البشرية أن تكرر أخطاء الماضي ولا ترتبط بالدورات التاريخية للحرب والسلام والرخاء والانحدار والنظام والفوضى. ومبادرة الأمن العالمي التي تدعو إليها الصين تشكل منارة أمل.

ويضمن التقدم المحرز في المصالحة الداخلية الفلسطينية أيضاً رؤية ثاقبة للحل النهائي لصراع آخر. فبالإضافة إلى مناقشة العلاقات الثنائية بين الصين وأوكرانيا، فإن التركيز الرئيسي لزيارة كوليبا إلى الصين هو البحث عن سبل لإنهاء الأزمة الأوكرانية في المناقشات مع الصين. 

وقبل رحلته، سجل كوليبا مقطع فيديو لمستخدمي الإنترنت الصينيين، أعرب فيه عن أمله في "سلام حقيقي وعادل" وأن "تستعيد أوكرانيا التنمية المستقرة والازدهار والأمن لشعبها". ويعتبر دفع جهود الحل السلمي للأزمة الأوكرانية موقفا ثابتا للصين، التي بذلت أيضاً جهوداً كبيرة نحو هذا الهدف. ويظل باب السلام مفتوحاً، وبالنسبة للمجتمع الدولي، من الأهمية بمكان العمل نحو تشجيع محادثات السلام بدلاً من العكس.

ولا يمكن تحقيق السلام بين عشية وضحاها، والصين تدرك الصعوبات التي تواجهها على طول الطريق. ولكن ما دامت هذه الجهود تعود بالنفع على العالم وشعوبه، فإن الصين تشعر بمسؤولية لا يمكن التهرب منها. 

وفي الوقت الحالي، تتواجد الأطراف المشاركة في الصراعين الإقليميين الرئيسيين في العالم في الصين، وكلاهما يسعى إلى تحقيق أهداف تتعلق بـ "السلام". وهذا ليس من قبيل المصادفة. فقد اكتسب موقف الصين المحايد، الخالي من الدوافع أو المصالح الأنانية، ثقة متزايدة من المجتمع الدولي. 

وباعتبارها نظاماً ومنهجية تقدمها الصين من أجل السلام العالمي، فإن مبادرة الأمن العالمي تتجاوز الاختلافات الجيوسياسية والإيديولوجية، وتعد القاسم المشترك الأعظم لجميع الأطراف الساعية إلى السلام والمصالحة. وكل ممارسة ناجحة لمبادرة الأمن العالمي تجتذب المزيد من الشركاء ذوي التفكير المماثل وتثبت باستمرار المثل الصيني القديم: "الفضيلة لا تُترك لوحدها، ومن يمارسها سيكون له جيران".