بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

10 يوليو 2024 / شبكة الصين / تأسست منظمة شانغهاي للتعاون (SCO) في 15 يونيو عام 2001 وكانت تضم في البداية ستة دول مؤسسة للمنظمة وهي الصين وروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان وأوزباكستان، لتتوسع أكثر وتنضم إليها الهند وباكستان في 2017 ثم إيران في عام 2023 وبيلاروسيا في عام 2024. ويمثل انضمام دول جديدة للمنظمة خطوة مهمة لتوسيع نطاق التعاون الإقليمي والدولي، وزيادة توسيع نفوذها في مختلف المجالات. وقد تشكلت المنظمة في البداية كمنتدى لبناء الثقة في المواضيع الأمنية والتعاون العسكري، لتتغير أهدافها منذ ذلك الحين وتتحول إلى منظمة مهمة على الصعيد العالمي وتشمل المبادرات الاقتصادية والتعاون الإقليمي والسعي نحو تحقيق التعاون في مختلف المجالات التجارية والثقافية والإنسانية والسياسية والتعليمية وغيرها. ولدى المنظمة مقران دائمان يتمثلان في الأمانة العامة في العاصمة الصينية بكين والهيكل الإقليمي لمكافحة الإرهاب (RATS) في العاصمة الأوزبكية طشقند. وتلعب الصين دورا أساسيا في المنظمة من خلال الاقتراحات الهامة التي قدمتها لتعزيز التعاون من بينها إطلاق صندوق تنمية، وبنك التنمية التابع للمنظمة، وإقامة منطقة تجارة حرة ودفع التعاون المتكامل بين المنظمة وأهداف مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وكل ذلك يدعم التعاون الاقتصادي والاستثماري بين أعضاء المنظمة بشكل مربح ومتكامل.

تعمل منظمة شانغهاي للتعاون على إقامة "عالم متعدد الأقطاب" بشكل مشترك بين الجميع، وتمثل المنظمة ثقلا سكانيا واقتصاديا هاما في العالم، إذ تشمل حوالي 45% من سكان العالم ويبلغ إجمالي ناتجها المحلي للدول الأعضاء حوالي 23.3 تريليون دولار اعتبارًا من عام 2021، وتمتلك على 20% من احتياطيات النفط العالمية و44% من الغاز الطبيعي، كما تمتلك حوالي 20% من الناتج الاقتصادي العالمي، وتمتد المنطقة الشاسعة التي تضم الدول الأعضاء في منظمة شانغهاي للتعاون، من الشمال إلى الجنوب، ومن القطب الشمالي إلى المحيط الهندي، ومن الشرق إلى الغرب، لتعتبر بذلك أكبر منطقة إقليمية على الصعيد العالمي. وقد شهدت التجارة بين مختلف الدول الأعضاء في المنظمة تطورا بارزا. كما تعمل المنظمة على توسيع نشاطها ونفوذها من خلال ضم دول جديدة كاملة العضوية، وأخرى بصفتها دول مراقبة، وأخرى بصفتها شركاء حوار، وبذلك تتوزع الرقعة الجغرافية للمنظمة على مناطق متعددة في العالم، وتهدف إلى تحقيق المزيد من الاستقرار الأمني والاقتصادي بالإضافة إلى التصدي للتحديات والتدخلات الخارجية في شؤون الدول.

وقد عُقدت الدورة الـ24 لمجلس رؤساء دول منظمة شانغهاي للتعاون في أستانا بكازاخستان يومي 3 و4 يوليو 2024، وذلك للمرة الرابعة في تاريخها منذ تأسيس المنظمة حيث سبق وأن استضافتها في 2005 و2011 و2017. وقد حضر هذه الدورة رؤساء الدول الأعضاء ومن بينهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، وقد أكد في كلمته على أن "منظمة شانغهاي للتعاون تقف على الجانب الصحيح من التاريخ والنزاهة والعدالة، وأنها ذات أهمية كبيرة للعالم"، كما دعا إلى "ضمان الأمن وحماية حقوق التنمية وتعزيز قوة الوحدة، والسعي لبناء وطن مشترك يسوده التضامن والثقة المتبادلة والسلام والهدوء والرخاء والتنمية وحسن الجوار والصداقة والنزاهة والعدالة"، وأكد على أهمية السعي للتمسك بـ"روح شانغهاي"، و"مساعدة الدول الأعضاء لبعضها البعض في طريق النجاح الخاص بكل منها، والعمل بشكل مشترك على الحفاظ على اتجاه تنمية منظمة شانغهاي للتعاون، وبناء المنظمة لتصبح عمودا أساسيا موثوقا به لتحقيق ازدهار ونهوض دولها الأعضاء على نحو مشترك". كما تبادل الرئيس الصيني أيضا وجهات النظر المعمقة مع قادة الدول الأخرى لتعميق التعاون في مختلف المجالات، حيث أكد استعداد الصين لتعميق الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة في العصر الجديد مع دول أخرى من أجل تعزيز التعاون بين مختلف الدول الأعضاء للمنظمة، من بينها طاجيكستان والتي تربطها علاقات وثيقة مع الصين وخاصة في المجالات التجارية والاستثمارات، حيث إن الصين هي أكبر مصدر للاستثمار فيها.

قرر الاجتماع الـ24 تولي الصين رئاسة المنظمة للفترة الممتدة من 2024 إلى 2025، وذلك للمرة الثانية بعد سبع سنوات، ويُبرز ذلك تحمل الصين لمسؤولياتها المشتركة ضمن المنظمة ودورها المهم في تعزيز التعاون الإقليمي ودفع أهداف المنظمة قدما. كما اتفق القادة على تحسين آلية المنظمة بهدف التعامل مع التهديدات والتحديات الأمنية ودعم جهود المجتمع الدولي من أجل السلام العالمي.