arabic.china.org.cn | 21. 06. 2024 | ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الخرطوم 20 يونيو 2024 (شينخوا) بين ليلة وضحاها انقلب حال المواطن السوداني متوكل شعبان (62 سنة) رأسا على عقب بعد أن أجبرت الحرب أسرته علي الهروب وتوزعت ما بين نازح ولاجئ.
وبعد أن كان يعيش شعبان مع أسرته في منزله بمنطقة (ابو روف) بمدينة ام درمان شمالي العاصمة السودانية الخرطوم، لم يجد شعبان مكانا يأوي اليه غير غرفة قديمة ملحقة بمسجد في منطقة (الاسكان) أقصي شمال أم درمان.
وفي ليلة 29 أبريل 2023، أي بعد أسبوعين من اندلاع الحرب في السودان، هجمت قوة تابعة لقوات الدعم السريع منزل شعبان بحي ابو روف بقلب مدينة ام درمان، وتعدت علي سكان المنزل وطلبت منهم الخروج من المنزل، على حد قول شعبان.
ويروي شعبان لوكالة أنباء ((شينخوا)) ما حدث في تلك الليلة، ويقول "دون سابق إنذار اقتحمت قوة مسلحة ترتدي زي الدعم السريع المنزل، كنت موجودا مع أسرتي المكونة من زوجتي وثلاثة من بناتي داخل المنزل".
وأضاف "تعاملت معنا القوة المقتحمة بقسوة شديدة، أخبرتهم انني مريض ولدي عملية حساسة في النخاع الشوكيّ، ولكنهم لم يكترثوا لذلك وضربوني بالـ(دبشك)" ، والدبشك هو الجزء الخشبي في مؤخرة السلاح الناري".
ولم يكن أمام شعبان وأسرته من خيار سوي مغادرة المنزل تحت اصرار القوة المسلحة، ويشرح شعبان ذلك بالقول "اصرّوا علي خروجنا بأسرع وقت، ولم يكن بامكاننا رفض ذلك، كانوا شرسين للغاية وعدائيين بصورة مخيفة"، على حد تعبيره.
وتابع، بعد نظرة تأمل طويلة نسبيا "لقد شكل خروجنا من منزلنا بداية معاناتنا المستمرة حتي الآن، شي صعب أن تجبر علي مغادرة منزلك دون ان تأخذ شيئا من أغراضك ، ملابسك ، أموالك ، حاجاتك الأساسية ، احساس يصيبك بالقهر".
واستقل شعبان وأسرته عربة (كارو) ، وهي عربة تجرها الدواب، للخروج من منطقة ابو روف إلى منطقة كرري بشمال ام درمان ، ويقول شعبان " كانت تجربة قاسية ومذلة ، شعرت وانا علي ظهر الكارو بالرغبة في البكاء ، ولكني تماسكت خوفا من التأثير علي افراد أسرتي".
ولم يكن متاحا لشعبان الخروج أبعد من مدينة ام درمان، فقد انتقل من وسط المدينة إلى منطقة الإسكان بأقصي شمالي المدينة، ويقول "انا مصاب في النخاع الشوكي ، ولا استطيع الحركة لمسافات طويلة"، فيما غادرت ابنته الكبري ، رفقة خالتها إلى مدينة سنار بوسط السودان ، فيما غادرت زوجته واثنتين من بناته إلى شمال السودان ومنها عبر الطريق البري إلى مصر.
ويقيم شعبان حاليا في غرفة قديمة ملحقة بمسجد في منطقة الاسكان بشمالي ام درمان.
تبدو الغرفة التي يقيم بها شعبان الان كالقبو تماما، فهي غرفة صغيرة ورطبة ومظلمة، منخفضة السّقف، منخفضة عن مستوى الأرض بما يزيد عن متر.
ولا يجد شعبان الرعاية الصحية اللازمة رغم انه شبه (مقعد) ولا يقوي علي الحركة ، وتتولي مجموعة شبابية رعايته وتوفير بعض الاحتياجات له، وفقا لما افاد به.
قصص هروب موثرة بسبب الحرب
وأجبرت الحرب المستمرة في السودان الملايين علي الفرار من منازلهم، ليتوزعوا ما بين لاجئ في الدول المجاورة، أو نازح في الولايات التي لم تشهد اشتباكات حتى الآن.
وفرضت ظروف النزوح واللجوء واقعا صعبا علي السودانيين، فيما لا تزال أهوال الحرب التي عايشوها قبل الفرار عصية علي النسيان.
ووصف اللاجئ السوداني محمد يعقوب اسماعيل (48 عاما) رحلة هروبه من مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور إلى الحدود التشادية بانها كانت بمثابة رحلة هروب من الموت إلى الموت.
وقال اسماعيل الذي يقيم الآن في معسكر (ادري) للاجئين السودانيين داخل الأراضي التشادية "كانت رحلتنا من الجنينة إلى حدود تشاد رحلة قاسية ومليئة بالمخاطر، وكان الموت يحوم حولنا طوال مسار الرحلة".
وأضاف "كانت رحلة يمكن تسميتها برحلة الهروب من الموت إلى الموت، وبالفعل توفي كثيرون كانوا معنا في رحلة الهروب الجماعية من الجنينة، كنا مطاردين من قبل مجموعات قبلية مسلحة ومتحالفة مع الدعم السريع، وتوفي كثيرون بالرصاص".
وتابع "فيما توفي آخرون بسبب الإرهاق والعطش في رحلة كانت سيرا علي الأقدام ولمدة 5 أيام وفي صحراء قاسية".
وكانت قوات الدعم السريع التي تقاتل ضد الجيش السوداني قد استولت علي مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور في نوفمبر 2023، وادي ذلك إلى حالة نزوح ولجوء واسعة من المدينة صوب مدن أخري باقليم دارفور وإلّى حدود تشاد المجاورة.
وقال اسماعيل "كان الموت يحيط بنا من كل جانب في الجنينة التي تحولت إلى كتلة من اللهب، كانت ألسنة النيران في عنان السماء، فيما تنبعث رائحة الموت من كل جوانب المدينة، بينما تتعالي أصوات إطلاق الرصاص وصراخ المواطنين، كان مشهدا مروعا، ولذلك قررنا أن نمضي دون تردد إلى الصحراء بحثا عن مكان آمن".
وسار إسماعيل برفقة زوجته وأطفاله الخمسة، ومع مئات الفارين عبر صحراء ووادي صغير يربط بين مدينة الجنينة بغرب دارفور ومدينة ادري داخل الأراضي التشادية.
وقطع إسماعيل وبقية الفارين المسافة بين الجنينة وأدري سيرا علي الأقدام، علما بأن المسافة بين المدينتين تبلغ نحو 28 كيلو مترا.
ومنذ وصوله في نوفمبر 2023 إلى معسكر ادري بتشاد، يقيم إسماعيل وعائلته في خيام موقتة، يقول اسماعيل "إنها لا تقينا حر الصيف ولا برودة الشتاء ولا امطار الخريف".
وجه آخر للمعاناة
وفقا لاحصائيات أممية فقد عبر أكثر من 300 الف شخص الحدود من السودان إلى جنوب السودان الذي يكافح لاستيعاب الوافدين الجدد مع ازدحام مخيمات اللاجئين فيه.
ويتواجد ما يزيد عن 10 آلاف لاجيء سوداني في معسكر (قورم) الواقع غربي العاصمة جوبا، وهو معسكر صغير وقديم تم انشاؤه في العام 2009، وكان مخصصا لاستقبال لاجئين من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
ويقيم اللاجئ السوداني عبد الله ادم (26 عاما) في معسكر قورم منذ مايو 2023، مع ثلاثة من اخوته بعد ان وصلوا جنوب السودان في رحلة هروب شاقة من ولاية جنوب دارفور.
وقال ادم لـ((شينخوا)) "كنا نقيم بحي نيالا شمال بولاية جنوب دارفور، ومع اندلاع الحرب في السودان ووصول المعارك إلى مدينة نيالا، هربت مع اخوتي من المدينة بحثا عن الأمن".
خرج ادم وإخوته من جنوب دارفور في أواخر مايو 2023، عبر طريق بري وهو يمر بمدينة الضعين عاصمة شرق دارفور، ثم إلى مدينة المجلد بغرب كردفان، ومنها إلى مدينة الميرم علي الحدود بين السودان وجنوب السودان، وأخيرا إلى معبر (كواجوك) بولاية اويل بدولة جنوب السودان".
وأشار ادم إلى افتقار اللاجئين للرعاية الصحية الضرورية، قائلا "يوجد بالمعسكر أشخاصا مصابين بجروح وكسور، وآخرين لديهم شظايا مقذوفات في اجسادهم ويحتاجون إلى عمليات جراحية، إضافة إلى مرضي بأمراض مزمنة كالسكري والسرطان".
ورغم أوجه المعاناة في معسكر قورم بجنوب السودان، إلا أن نماذج أخري تشكل ضوءا في نهاية نفق الصعوبات التي تواجه اللاجئين السودانيين.
ويسخر اللاجئ السوداني سيف الدين إبراهيم خبرته في مجال الرسم، في محاولة لايجاد وسيلة مبتكرة للعلاج النفسي وخاصة لشريحة الأطفال.
ويقول إبراهيم لـ((شينخوا)) "كنت اعمل قبل الحرب معلما لمادة الفنون الجميلة في مدرسة ابتدائية بالخرطوم، وبسبب الحرب غادرت الخرطوم إلى ولاية النيل الأبيض، ومنها إلى ولاية أعالي النيل بجنوب السودان، ومنها إلى هذا المعسكر القريب من العاصمة جوبا".
ووفقا لمنظمات دولية فان السودان يشهد أسوأ أزمة نزوح داخلي في العالم بما يزيد عن 6 ملايين نازح داخلي، بالإضافة إلى نحو مليوني لاجئ.
وانتقد المدير العام لمركز (فكرة) للدراسات والتنمية بالسودان الدكتور أمجد فريد، وهو عضو سابق في مكتب رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك تعامل المجتمع الدولي مع ازمة اللاجئين السودانيين.
وقال فريد في تصريح خاص لـ((شينخوا)) "يمر السودان حاليا باكبر كارثة انسانية في العالم بحسب جميع المعايير".
وأضاف "لم يتعامل المجتمع الدولي ومنظوماته حتى الآن بشكل جاد مع هذه الكارثة بحسب ما تستحقه وحسب حجمها".
وتابع " اللاجئون السودانيون في مناطق كثيرة حول العالم وفي دول الجوار لم يتم تقديم العون الواجب لهم من مفوضية اللاجئين وبقية منظمات الأمم المتحدة، بل هم يعانون وحدهم في اغلب الاحيان".
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت نحو 13 ألفا و100 قتيل، حسب الأمم المتحدة.
وتسبب النزاع المستمر في السودان، في فرار نحو 8.8 مليون شخص من منازلهم، وفقا لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا).
ونزح ما يقدر بنحو 6.8 مليون شخص قسرا داخل البلاد، فيما عبر نحو مليوني شخص الحدود إلى دول مجاورة منها جنوب السودان وتشاد ومصر واثيوبيا. /نهاية الخبر/
![]() |
![]() |
![]() |
انقلها الى... : |
China
Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000 京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号 |