بقلم د. أنس الزليطني، خبيرة تونسية في السياسة الدولية

29 مايو 2024 / شبكة الصين/ سينعقد الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي في 30 مايو 2024 ببكين، ويُعتبر هذا الاجتماع مناسبة تهدف إلى تعزيز التعاون بين الصين والدول العربية في مختلف المجالات. كما سيتناول المنتدى مواضيع متعددة أهمها التعاون الاقتصادي والتجاري، والتعاون السياسي والأمني، والبحث عن سُبل دعم السلام في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى الجهود المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية. ومنذ تأسيسه في يناير عام 2004، يضم المنتدى الصين و22 عضوا في الجامعة العربية، ويهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون والسلامة والتنمية من خلال إقامة نقاشات متعمقة حول آليات التعاون بين الجانبين، مع استشراف تطلعات وآفاق جديدة نحو مستقبل العلاقات الثنائية. ويتميز الاجتماع الوزاري العاشر للمنتدى بحضور بارز من الجانبين الصيني والعربي، حيث سيحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ حفل الافتتاح وسيلقي كلمة رئيسية فيه، بالإضافة إلى قادة أربع دول عربية وهم ملك البحرين والرئيس المصري ورئيس الإمارات العربية المتحدة والرئيس التونسي، وهذا الزخم في الحضور يعكس الرغبة المشتركة بين الصين والدول العربية في التعاون ودفع العلاقات الثنائية إلى مستوى جديد.

إن زيارة بعض قادة الدول العربية إلى الصين للمشاركة في هذا المنتدى يدل على متانة وعمق العلاقات بين الدول العربية والصين، ويؤكد ذلك على أهمية هذا المنتدى في مسار العلاقات الثنائية بين الجابين، حيث شهدت هذه العلاقات طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وتُعتبر الصين الشريك التجاري الأهم للعديد من الدول العربية، فمنذ تأسيس منتدى التعاون الصيني-العربي، عملت الصين والدول العربية على تعزيز التعاون الثنائي في إطار الاحترام المتبادل، وتم الإعلان عن إقامة "علاقات التعاون الاستراتيجي القائمة على التعاون الشامل والتنمية المشتركة" في عام 2010، ثم طرح الرئيس الصيني في عام 2014 خطة "التشارك الصيني-العربي في بناء الحزام والطريق"، كما وقّعت الصين والدول العربية العديد من اتفاقيات التعاون الثنائي في مجال التجارة والاستثمارات، وقد قفز حجم التبادل التجاري بين الجانبين من 37 مليار دولار في عام 2004 إلى حوالي 400 مليار دولار في عام 2023، مع إقامة أكثر من 200 مشروع تعاون كبير في إطار البناء المشترك لـ "الحزام والطريق"، هذا بالإضافة إلى التعاون في المجالات العلمية والصحية والطاقة والصناعات المتطورة وغيرها.

وفي إطار أهمية العلاقات الصينية-العربية في العصر الحديث، تتميز تونس بعلاقة احترام متبادل وتعاون ثنائي مشترك مع الصين، حيث تدل زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الصين خلال الفترة الممتدة من 29 مايو إلى 1 يونيو، على سعي البلدين إلى تعزيز التعاون والتبادلات عالية المستوى، فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في 10 يناير 1964، شهد الجانبان زيارات عالية المستوى، كانت أولها زيارة تشو إن لاي، رئيس مجلس الدولة الصيني في عام 1964، ثم زيارة جيانغ تسه مين، الرئيس الصيني في أبريل 2002، ومن الجانب التونسي تُعتبر أهم زيارة رفيعة المستوى إلى الصين في العصر الحديث هي زيارة الرئيس التونسي قيس سعيّد إلى الصين تلبية لدعوة الرئيس الصيني شي جين بينغ حيث سيشارك سعيّد كضيف شرف في الجلسة الافتتاحية للاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي، لترسم هذه الزيارة الهامة مسارا جديدا في مستقبل العلاقات الثنائية بين تونس والصين وتعزز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.

يحظى الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني-العربي بأهمية كبيرة على الساحة الدولية، حيث يسعى إلى فتح آفاق جديدة وأوسع للتعاون الثنائي بين الصين والدول العربية مع البحث عن سبل فعّالة لدعم السلام في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز المبادرة الصينية المتكونة من 5 نقاط حول تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والتي تم طرحها منذ عام 2021، كما سيسهم المنتدى من خلال العديد من الآليات في تعزيز التبادل الفكري والثقافي وتسهيل حوار الحضارات بين الجانبين.