بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

25 أبريل 2024 /شبكة الصين/ تعود فكرة إقامة "منتدى بوآو" إثر اندلاع الأزمة الآسيوية في عام 1997، إذ لم تكن هناك منظمة دولية بقيادة آسيوية تهتم بالقضايا الآسيوية، وقد اقترح القادة السابقون للدول الآسيوية إنشاء "منتدى بوآو"، حيث تم طرح فكرة المنتدى في عام 1998 مع اختيار مقره العام في بلدة بوآو بمقاطعة هاينان الصينية وذلك لأهمية مكانة الصين الدولية وقوتها الاقتصادية مع تميز بيئة هاينان الأيكولوجية، ليُقام المنتدى في دورته الأولى في عام 2001، وهو عبارة عن منظمة دولية غير ربحية وغير حكومية تسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي لمختلف الدول الآسيوية والبحث عن سبل التعان والتبادل بينها. وتبرز أهمية المنتدى بتركيزه على منطقة آسيا، والتي تُعتبر ذات أهمية كبرى في استقرار الاقتصاد العالمي، حيث تساهم دول هذه المنطقة بالنسبة الأهم في الاقتصاد العالمي.

وقد شهد المنتدى خلال كل السنوات السابقة تطورا مستمرا، وأقيم "منتدى بوآو" لعام 2024 في مقاطعة هاينان جنوبي الصين من الفترة 26 إلى 29 من مارس بحضور حوالي 2000 شخص من بينهم قادة ومسؤولين حكوميين من دول مختلفة ورؤساء المنظمات الدولية ورجال الأعمال والخبراء من 60 دولة ومنطقة حول العالم. وقد أقيم المنتدى هذا العام تحت شعار "آسيا والعالم: تحديات مشتركة ومسؤوليات مشتركة"، وتم تناول العديد من الفعاليات ضمن أكثر من 40 منتدى فرعيا في إطار أربعة مجالات مختلفة ألا وهي "اقتصاد العالم" و"الابتكار العلمي والتكنولوجي" و"التنمية الاجتماعية" و"التعاون الدولي".

وخلال المؤتمر السنوي لهذا العام، أصدر منتدى بوآو "التقرير السنوي للتوقعات الاقتصادية الآسيوية وتقدم التكامل 2024"، والذي أبرز أن الاقتصادات الآسيوية تشهد انتعاشا واضحا، ومن المتوقع أن يصل النمو الاقتصادي للدول الآسيوية إلى حوالي 4.5% خلال العام الجاري، حيث تحافظ هذه الدول على سلاسل الصناعة والتوريد، ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد الآسيوي ثُلثَي النمو العالمي في عام 2024، كما تقود الصين هذا النجاح الآسيوي، فهي أكبر اقتصادات آسيا، وقد حققت أيضا نموا اقتصاديا هو الأهم في العالم بنسبة 5.2% عام 2023 مساهمة بأكثر من 30% في النمو الاقتصادي العالمي، كما تميزت الصين أيضا بأدائها الاقتصادي في منطقة آسيا بنسبة أكثر من 64% في عام 2023.

تناول "منتدى بوآو" الجانب الاقتصادي للمنطقة الآسيوية كما سلط الضوء أيضا على العديد من المجالات الأخرى من بينها الذكاء الاصطناعي والتنمية عالية الجودة والتعاون المالي وتعزيز التنمية الصحية بين مختلف الدول والبحث في سبل مواجهة التحديات وتحمل المسؤوليات تجاه الأوضاع الاقتصادية الحالية، وأيضا التركيز على أهمية مزايا مبادرة الأمن العالمي والدور الصيني فيها، حيث تحملت الصين مسؤولياتها الهامة من أجل تحقيق الأمن والسلام في العالم، وخاصة بعد اقتراح الرئيس الصيني شي جين بينغ هذه المبادرة خلال "منتدى بوآو" الآسيوي لعام 2022، وقد لعبت الصين دورا مهما وجديا من أجل تحقيق هذا الأمن على مختلف الأصعدة. وبما أن الأمن الغذائي هو من بين أهم الضمانات للسلام والتنمية في العالم، فقد تميزت الصين في هذا المجال، حيث التزمت خلال السنوات الأخيرة بتعزيز التعاون الدولي في مجال الأمن الغذائي ونشر التقنيات الزراعية في المزيد من دول العالم، حيث قد ساهمت الصين بشكل ملموس في الأمن الغذائي العالمي من خلال تعزيز تعاونها مع بقية الدول والجهات وخاصة أنها تتميز بتجربتها الغنية في المجال الزراعي، كما أنها أكبر منتج للحبوب وثالث أكبر مصدر لها في العالم.

وفي إطار تعزيز الأمن العالمي، عملت الصين منذ سنوات طويلة على مواجهة تغيرات الوضع الدولي، وتعاونت مع العديد من الدول والمنظمات الدولية لمواجهة كل العقبات التي يشهدها العالم لتحقيق السلام العالمي، وتقديم مساهمات لتعزيز الأمن العالمي، ومن بين أهم المجالات التعاونية التي قدمتها الصين للدول الآسيوية بهدف مواجهة المخاطر الأمنية في المنطقة، هي مساعدة الصين لكمبوديا منذ عام 1999 من خلال إقامة دورات تدريبية لنزع الألغام والتبرعات والمساعدات لتوفير المعدات اللازمة للكشف عن الألغام وإرسال فرق مختصة في ذلك، لتنجح الصين بفرقها وتوجيهاتها في تطهير أكثر من 100 كيلومتر مربع من حقول الألغام في كمبوديا. كما تعاونت الصين مع العديد من الجهات المختصة العالمية لتعزيز الأمن السيبراني عبر إقامة العديد من الفعاليات التي تدعم هذا المجال ومن أهمها "المؤتمر العالمي للإنترنت" الذي يقوم على مفهوم بناء مجتمع ذي مصير مشترك في الفضاء السيبراني، وضمن فعاليات المؤتمر أقامت الصين في 16 أبريل "منتدى تطوير طريق الحرير الرقمي" تحت عنوان "الاتصال المشترك والرخاء المزدهر"، وقد تناول العديد من المواضيع التي تهدف إلى تحقيق أمن التجارة الالكترونية العالمية وحماية البيانات الدولية.

تسعى الصين من خلال مبادرة الأمن العالمي إلى البحث عن حلول للخلافات والنزاعات بين مختلف الدول بطريقة سلمية عبر الحوار والتشاور، وقد أصدرت الصين "ورقة مفاهيم بشأن مبادرة الأمن العالمي" واقترحت 20 اتجاها رئيسيا للتعاون في إطار هذه المبادرة، لتحقيق استقرار عالمي، وبذلك فقد ساهم "منتدى بوآو" الذي احتضن أول اقتراح رسمي لمبادرة الأمن العالمي، في تعزيز التعاون بين الكتلة الآسيوية وبقية دول العالم لتحقيق المزيد من الإنجازات الاقتصادية والأمنية، وهو ما يتماشى مع المفهوم الصيني الحديث المتمثل في "بناءمجتمعمصير مشتركللبشرية"، وكل ذلك يُبرز نجاح اندماج التوجه الصيني مع الأهداف الإقليمية والعالمية التي تعود بالنفع على كامل شعوب العالم اقتصاديا وأمنيا.