share
arabic.china.org.cn | 22. 04. 2024

تحقيق إخباري : حزن وألم ينتاب سكان غزة لتدمير إسرائيل المواقع الأثرية موروثهم الحضاري والتاريخي

arabic.china.org.cn / 22:07:49 2024-04-22

غزة 22 إبريل 2024 (شينخوا) بدت الفلسطينية المسنة سميحة العقاد من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة في حالة صدمة وذهول وهي تقف أمام تلال من ركام حجارة لمبنى أثري قديم تم تسويته بالأرض جراء غارات إسرائيلية استهدفته خلال الحرب الجارية فجعلتها أثرا بعد عين.

وتقول سميحة العقاد بعيون باكية بينما تشير بعكازها الخشبي القديم إلى الركام لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الأنقاض التي نقف عليها كانت لقلعة برقوق وهي معلم أثري عريق.

وتضيف سميحة (85 عاما) وهي أم لسبعة أبناء أن قلعة برقوق من المعالم الأساسية في خان يونس وهي تدلل على وجود حضارة وتراث وثقافة للمدينة على مر التاريخ.

وتتابع المسنة التي واكبت الكثير من الحروب أن إسرائيل "دمرت القلعة وكل ما هو فلسطيني في قطاع غزة من شماله حتى جنوبه بين ليلة وضحاها وحولتها إلى دمار هائل".

وأنشأت قلعة برقوق في عام 1387 على يد الأمير يونس داودار بناء على طلب من السلطان برقوق أحد سلاطين العصر العربي الإسلامي المملوكي ومؤسس دولة المماليك البرجية.

وقد بنيت القلعة لتكون بمثابة مركزا يتوسط الطريق بين دمشق والقاهرة، يتخذه التجار والمسافرين مكانا للراحة واللقاء والتزود بما يلزمهم من حاجيات في تلك الرحلة الطويلة بين أكبر مدينتين في دولة المماليك البرجية حينها، بالإضافة للاحتماء من اللصوص وقطاع الطرق من البدو والأغراب الذين كانوا يعترضون طريق المسافرين في هذه الحقبة.

وتقول سميحة العقاد "على مدار عقود طويلة كنا نأتي هنا مع أبائنا ومع أحفادنا لنسرد لهم تاريخنا والحضارة التي كان يعيشها أجدادنا هنا (..) للأسف كل شيء انتهى الآن".

وبخطى متثاقلة حاولت المسنة أن تسير بين أكوام الركام لعلها تستطيع التعرف على بعض المعالم إلا أن جميع محاولاتها باءت بالفشل فكل شيء اختفى كما لو أنه لم يكن موجودا أصلا.

فوقفت بجوار صخرة كبيرة تتنقل بنظراتها ما بين القلعة وما بين المنازل التي تحيط بها والتي تم تسويتها بالأرض لتقول "كيف يمكن لإسرائيل التي تدعي الحضارة بأن تمحو مثل هذا الصرح التاريخي هكذا بكل هذه البساطة (...) ما هو الضرر الذي تسببه هذه الأماكن، لماذا تصر إسرائيل على محو وجودنا كليا من هنا".

الأسئلة ذاتها يرددها جمال أبو كميل من مدينة غزة،حينما حاول جاهدا التعرف على معالم المسجد العمري بالمدينة والذي تم تدمير أجزاء كبيرة منه في غارات جوية استهدفته بشكل مباشر.

ويقول أبو كميل لـ ((شينخوا)) "لم نشهد مثل هذه الحرب الإسرائيلية والتي بدت بشكل واضح بأنها تستهدف الوجود الفلسطيني ليس فقط كحاضر ولكن أيضا كتاريخ (...) إسرائيل تريد أن تمحو وجودنا وتريد أن ينشأ جيل جديد بلا تاريخ وبلا مستقبل".

ومع ذلك، يضيف أبو كميل الذي انشغل بتصوير بعض الجدران المتبقية في المسجد، "نحن شعب لا نموت ولا نستسلم لمحاولات إسرائيل طمس هويتنا الإسلامية والمسيحية في هذه الأرض (...) نحن أصحاب حق وقادرون على ترميم ما تم تدميره مهما كلفنا ذلك من ثمن".

ويعتبر المسجد العمري الكبير من أقدم المساجد وأعرقها في قطاع غزة، أسس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، يعد ثالث أكبر مسجد في فلسطين بعد المسجد الأقصى ومسجد أحمد باشا الجزار.

وكان معبد في العصر الروماني ثم تحول لكنيسة، وبعد الفتح الإسلامي أصبح أكبر مسجد في قطاع غزة، وصفه ابن بطوطة بالمسجد الجميل.

تبلغ مساحة المسجد العمري حوالي 4100 متر مربع، وبلغت مساحة فنائه 1190 مترا مربعا، ويتسع لأكثر من 3 آلاف مصل.

ويستذكر أبو كميل "اعتدت على تأدية صلاة الجمعة وجميع صلوات التراويح في رمضان في هذا المسجد العريق (..) هنا كنت أستحضر التاريخ والحضارة الإسلامية بين جموع المصلين فهذا المكان له عبق تاريخي مميز يشعرنا بالفخر بأننا نعيش فوق هذه الأرض".

إلا أن هذه الطقوس انتهت تماما بعدما استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي المسجد في ديسمبر الماضي ليحول غالبيته إلى ركام ودمار يحول دون تمكن المصلين من التعرف على معالمه حتى.

الشعور ذاته كان يشعر به هيثم سابا، مسيحي من غزة، حين كان يؤدي صلواته الأسبوعية في كنيسة القديس بورفيريوس التي تعتبر من أقدم الكنائس في العالم، وواحدة من الكنائس القليلة في قطاع غزة.

ويقول سابا بأنه لجأ إلى الكنيسة مع عائلته والعشرات من المسيحيين في المدينة للاحتماء داخلها من الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، معتقدين بأنها ستكون آمنة وبعيدة عن الاستهداف الإسرائيلي.

ولكن في 19 من أكتوبر الماضي ومع اقتراب الليل، أصاب صاروخ إسرائيلي أحد المباني الخارجية للكنيسة، مما أسفر عن مقتل 18 شخصاً، وإصابة العشرات، من بينهم أقاربه.

ويقول سابا "إسرائيل ادعت بأنها استهدفت مكانا مجاورا للكنيسة ولكن الحقيقة هو أن الجيش الإسرائيلي تعمد إصابة الكنيسة وتدمير جزءا كبيرا منها لتكون غير صالحة بعد اليوم كجزء من سياسة إسرائيلية لتدمير التاريخ الفلسطيني كاملا سواء كان مسيحيا أو مسلما".

ويضيف "بين ليلة وضحاها فقدنا التاريخ المسيحي بغزة دون أن نقترف أي ذنب سوى أننا بقينا في أرضنا للحفاظ على موروثنا الديني والتاريخي إلى الأبد".

قلعة برقوق والمسجد العمري وكنيسة القديس بورفيريوس هي من بين 200 موقع أثري وتاريخي من أصل 325 تم تدميرهم في القطاع الساحلي الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة، بحسب ما أعلن عنه المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.

وفي الصدد يتهم فضل العطل إسرائيل "بتعمد" طمس الحياة الثقافية والتاريخية لسكان غزة و سرقة ما يمكن حمله لإنهاء الوجود الفلسطيني في القطاع للأبد.

ويقول العطل وهو أحد أشهر خبراء الآثار الفلسطينيين والذي عمل لسنوات طويلة على التنقيب عن الآثار بغزة لـ ((شينخوا)) "إلى جانب تدمير الأماكن الأثرية سيطر الجيش الإسرائيلي على عشرات الآلاف من القطع الأثرية التي كانت متواجدة في مخازن ومواقع أثرية مما يعني أن هناك سياسة إسرائيلية ممنهجة للاعتداء على كل ما هو أثري هنا".

وأضاف "يجب على العالم أن يقف عند مسؤولياته وأن يمنع إسرائيل من ارتكاب المزيد من المجازر بحقنا كشعب فلسطيني أعزل لا نملك أي شيء لحماية أنفسنا من العدوان الإسرائيلي ضد وجودنا وحياتنا".

وتخوض إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا ضد حركة حماس في قطاع غزة أدت لمقتل أكثر من 34 ألف شخص ودمارا واسعا وأزمة إنسانية، بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي. 

   يمكنكم مشاركتنا بتعليقاتكم عبر فيسبوك و تويتر
 
انقلها الى... :

مقالات ذات صلة

China Internet Information Center E-mail: webmaster@china.org.cn Tel: 86-10-88828000
京ICP证 040089号 京公网安备110108006329号