الخرطوم 16 أبريل 2024 (شينخوا) يعاني السودان الأن من واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية، حيث لا يتمكن أكثر من 90 بالمائة من الأطفال في سن المدرسة البالغ عددهم 19 مليون طفل في البلاد من الوصول إلى التعليم الرسمي وسيؤدي التعطيل المستمر للتعليم إلى أزمة أجيال في السودان.

ويواجه ملايين الطلاب في السودان مصيرا غامضا مع استمرار الحرب التي تدخل عامها الثاني بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حيث تعطلت العملية التعليمية كليا في ظل نزوح واسع ودمار كبير للمؤسسات التعليمية، كما تحولت مئات المدارس في المناطق الآمنة لمعسكرات تؤوي الفارين من القتال، حسب ما أفادت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) في أحدث تقرير لها.

-- الحرب تدمر المؤسسات التعليمية

ووفقا لإحصاءات رسمية لوزارة التعليم العالي بالسودان فان الحرب تسببت في إغلاق ما يزيد على 100 جامعة حكومية وخاصة ، وتدمير العديد من الجامعات والمعاهد العليا.

وقال الناطق الرسمي باسم جامعة (زالنجي) الحافظ خميس إسماعيل إن"الحرب دمرت تماما قطاع التعليم، وتأثرت جامعة زالنجي كواحدة من الجامعات القومية، كغيرها من الجامعات السودانية بالحرب".

وأضاف الحافظ لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه تم تدمير البنى التحتية للجامعة في كل مواقعها الجغرافية ونهب مكتب تنسيق الجامعة بمدن الجنينة ونيالا والخرطوم، ولم نستطيع ايجاد أي بدائل لاستئناف العملية التعليمية، 10 بالمائة من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الآن هم خارج السودان.

وحذر الحافظ من خطر ضياع مستقبل جيل كامل من الطلاب بسبب توقف الدراسة وتعطل الجامعات والمدارس.

وشدد علي ضرورة إيجاد حلول بديلة والتغلب علي العقبات التي تحول دون استئناف الدراسة، مشيرا إلى أنه" لابد من حلول مبتكرة ومنها استئناف العملية التعليمية عن بعد، أو انتقال الجامعات إلي بعض دول الجوار، حيث يتوفر الاتصال والتقنيات المختلفة في إدارة العملية التعليمية واستئناف الانشطة الأكاديمية".

-- محاولات لاستئناف الدراسة في بعض المناطق الآمنة

سعت السلطات التعليمية بالسودان إلي استئناف الدراسة في بعض الولايات غير المتضررة بالحرب، ولكن جملة معوقات حالت دون ذلك.

وقال الصحفي المتخصص في قضايا التعليم العالي بالسودان أحمد عمر خوجلي " كان للنزاع المسلح بالسودان تأثير كارثي علي التعليم بصورة عامة".

وأضاف لوكالة أنباء ((شينخوا)) أن "هذه التأثيرات العميقة لا تجدي معها مجرد حلول بديلة، ولذلك لم تنجح فكرة استئناف الدراسة في الولايات الآمنة ".

وتابع " كما لم تنجح أفكار اخري مثل الدراسة عن بعد أو عبر الإنترنت بسبب انقطاع شبكة الاتصالات وعدم توفر الكهرباء، وتظل مثل هذه المعالجات محدودة".

وأبدي خوجلي خشيته من أن يؤدي استمرار الصراع إلي إلحاق ضرر بالغ بمستقبل الطلاب في السودان.

وقال إن دمار البتي التحتية للمؤسسات التعليمية شكل أزمة كبيرة ، كل هذا ينعكس علي مستقبل جيل كامل من الطلاب الذين كانوا ينتظرون إما الدراسة، أو الامتحانات أو استخراج شهاداتهم.

وأشار خوجلي إلي تضرر ثلاثة أركان أساسية من العملية التعليمية بسبب الحرب، حيث تأثرت أولا البيئة المدرسية بعدما تحولت المدارس والجامعات الي ثكنات عسكرية أو مراكز إيواء، وثانيا تفاقمت أوضاع المعلمين بسبب انقطاع المرتبات وفقد بعض المعلمين حياتهم بسبب القتال.

وقال " أما الركن الثالث من العملية التعليمية، فهم التلاميذ الذين اضطروا إلي النزوح إلي ولايات مجاورة للخرطوم ، أو إلي اللجوء إلي دول مجاورة".

-- دمار 40 بالمائة من المؤسسات التعليمية بالخرطوم

كشف وزير التربية والتعليم بالسودان محمود سر الختم الحوري، في تصريح سابق، عن دمار وتخريب 40 بالمائة من المؤسسات التعليمية في ولاية الخرطوم التي بدأت منها الحرب في 15 أبريل 2023.

ولكن توقع مراقبون أن عدد المدارس والجامعات المدمرة في كل مناطق الصراع قد تجاوزت نسبة 75 بالمائة من جملة المؤسسات التعليمية بالسودان.

وقالت الأستاذة المساعدة بجامعة وادي النيل بالخرطوم بروفيسور إلهام شريف "أن دمارا كبيرا طال المؤسسات التعليمية، وجعل من الصعب استئناف الدراسة في الوقت الراهن".

وأضافت إلهام لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه " بجانب الدمار فقد أثرت الحرب نفسيا علي الطلاب وأسرهم بسبب ما تعرضوا له من عنف ونهب".

ودعت وزارة التعليم العالي بالسودان ووزارة التربية والتعليم إلي ابتداع وسائل حديثة للتغلب علي معوقات استئناف الدراسة.

وقالت " كانت هناك تجربة إكمال المقررات أونلاين وتم امتحان الطلاب مثل جامعة الخرطوم في الولايات الآمنه باتخاذ الجامعات الولائية مراكز للامتحانات، ويمكن الاستفادة من هذه التجارب".

وشددت علي ضرورة توفير مراكز معلومات حديثة ملحقة بالجامعات لتدريس الطلاب أونلاين، وحل مشكلة الإنترنت والكهرباء.

ويبلغ عدد الطلاب السودانيين بالجامعات والمعاهد العليا نحو 714 ألف طالب وطالبة ، حسب تقديرات غير رسمية ، فيما تبلغ أعداد الجامعات والمعاهد العليا الحكومية والخاصة نحو 136 جامعة بولايات السودان المختلفة.

ومنذ 15 أبريل 2023، يدور نزاع مسلح بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.

ووفقا لآخر احصائية لمكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "أوتشا"، فقد أدي النزاع المسلح إلي مقتل 13 ألفا و100 شخص، وجرح 26 ألفا و51 آخرين.

وأجبرت الحرب أكثر من 8.1 مليون شخص علي الفرار إلي مناطق آمنة داخل السودان ، وإلى دول الجوار. /نهاية الخبر/