بقلم ون سه، خبيرة في السياسة الدولية

10 مارس 2024 /شبكة الصين/ تعمل الصين في السنوات الأخيرة على تحسين جودة منتجاتها في جميع القطاعات، حيث تتبع البلاد سياسة جديدة دعا إليها الرئيس الصيني شي جين بينغ تتمثل في تعزيز الجودة العالية من خلال دعم الثورة العلمية والصناعية وتعزيز الابتكار العلمي والتكنولوجي للارتقاء بالصناعات التقليدية ودعم الصناعات الناشئة. وقد أكدت الحكومة الصينية على أهمية دعم هذا التوجه الذي يشمل جودة وقوة الإنتاجية في خطوطها الحديثة عبر التركيز على هذا الموضوع خلال "الدورتين السنويتين" لعام 2024، حيث تحث الصين على تطوير "قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة وفقا للظروف المحلية"، مع البحث على المزيد من الفرص الجديدة لمواجهة الثورة العلمية والصناعية.

جعلت الصين التنمية عالية الجودة أولوية قصوى لها في مختلف المخططات الوطنية، وذلك ما يتطلب الابتكار وخاصة في الصناعات الرائدة وتحسين الهيكل الصناعي، وفي نفس الوقت تعمل هذه السياسة أيضا على عدم إهمال الصناعات التقليدية وعدم اعتماد توجه ونمط موحد في الاقتصاد. وتشمل الابتكارات والتنمية عالية الجودة عدة مجالات من أهمها المجال الفضائي والذي أصبح على رأس محاور الأعمال الصينية محليا وعالميا، حيث نفذت الصين 67 مهمة إطلاق للفضاء في عام 2023، وهي في المرتبة الثانية عالميا في هذا المجال، ومن المتوقع أن تحقق الصين حوالي 100 مهمة إطلاق فضائية في عام 2024.

كما تُعتبر مركبات الطاقة الجديدة من أهم الصناعات التي تعمل الصين على دعمها في إطار تحقيق التنمية عالية الجودة، حيث أصبحت الصين إحدى أهم الدول الرائدة في هذا المجال، إذ أصبح استخدام هذه المركبات شائعا في البلاد بنسبة 77.6% من نظام النقل العام الصيني، وذلك في إطار تطبيق سياسة النقل الأخضر والنقل الذكي مع استخدام واسع النطاق لمعدات الطاقة الجديدة ومعدات الطاقة النظيفة، وقد ساهمت الصين بنسبة 60% من الإجمالي العالمي من إنتاج ومبيعات مركبات الطاقة الجديدة، كما شهد قطاع النقل والمواصلات في الصين تطورا سريعا بجودة عالية، حيث تمتلك الصين أكبر شبكة للسكك الحديدية فائقة السرعة في العالم ولديها موانئ ذات مستوى عالمي. هذا بالإضافة إلى تعزيز مجال صناعة الروبوتات في الصين، وتعزيز مكانة الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة في مختلف المجالات، وهو ما يتيح توسيع التحول الراقي والذكي في الصين.

تتميز الصين بتنوع مواردها المحلية، وقد توجهت البلاد في السنوات الأخيرة إلى تشجيع مختلف المناطق وحتى الأرياف على تطوير المنتجات المحلية للمساهمة في التنمية الوطنية الشاملة، حيث تعمل الحكومات المحلية على إقامة صناعات استراتيجية صاعدة ذات مستوى عالمي بالاعتماد على الموارد والقوى العاملة المحلية، كما توفر الحكومة الصينية العديد من التسهيلات الهامة والامتيازات لمختلف المناطق لتصبح السوق الصينية ذات قوة محلية جوهرية بكيانات تجارية مختلفة وهو ما يعزز المنافسة ويسهل وصول المنتجات من مختلف المناطق إلى الأسواق المحلية والعالمية، وهذا يساهم في ضخ زخم التعافي في الاقتصاد وتفعيل الثقة في التنمية داخل المجتمع الصيني بشكل عام.

إن التأكيد على أهمية تطبيق سياسة "القوى الإنتاجية الجديدة عالية الجودة" في الصين يشجع أكثر رواد الأعمال في مختلف أرجاء البلاد وأيضا المستثمرين الأجانب، فالصين أصبحت تعمل على الجمع بين الذكاء الاصطناعي والتصنيع المتقدم مع توفير تسهيلات هامة في مختلف القطاعات الرائدة، بالإضافة إلى تشجيع التجار الأجانب على الاستثمار في الصين وتقديم امتيازات كبيرة لهم في هذا المجال، وهو ما يجعل الصين ضمن أهم الوجهات الاستثمارية في العالم وخاصة حققه الاقتصاد الصيني من إنجازات بارزة، بتسجيل نمو في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5.2% عام 2023 والسعي إلى الوصول إلى نسبة 5% بنهاية عام 2024، الأمر الذي يضفي المزيد من الثقة في هذا الاقتصاد على المستوى المحلي والعالمي.